الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة العراقية والتسييس المهمش

محمد مزيد

2013 / 5 / 10
الادب والفن



الثقافة في العراق ما بعد 2003 تشظّت وتهدمت وتغيرت وسارت في اتجاهات عدة، خالطها الموت والاغتصاب والخوف والفجيعة، شأنها شأن جميع مفاصل النسيج الاجتماعي. الخراب الذي حل في البلاد تزكم روائحه العفنة الأنفس ولا سبيل للخروج من الكارثة وقد امتدّت عاصفتها إلى نواحي الحياة، أصبحت لدينا ثقافة معممة وأخرى عارية الفكر وثالثة لا هوية لها ولا طعم ولا رائحة. المثقفون يبكون زمنا كانوا ينتظرونه على قارعة الاحلام، فإذا بهم يندبون حظهم العاثر مرة اخرى . فلا الحرية حرية حقا كما وعدت الرعاية الأميركية، ولا الذين استلموا الزمام تمكنوا من احتواء الصخب المدوي في أنسجة الحياة، ذلك لأنهم كانوا أقل من مستوى التحدي والوعي والمسؤولية.
ما بين الراعي والمعممين والعرايا بلا فكر والضائعين في هوايات الآخرين، انبثقت كتابة تحاول إعادة الاعتبار إلى نفسها، يكتبها هواة ومحترفون على السواء ، ثقافة تسير بعكازين وعيون مطفأة، لا تجذب إليها البصر، مشغولة بمحاربة ذاتها. هل سمعتم بقصة مذهبية أو قصيدة دولابية أو رواية حلزونية أو مقالة فضائحية ؟ خليط من أجناس تتبارز على مساحة ضيقة من البوح، مساحة ليست بيضاء بالمرة، لخبط بها أناس من جميع الأعمار، الكل يبكون الزمن الجميل، ولكن لا زمن جديدا يأتي ولا قديما يعود، بعضهم يركبون في موجة الصخب اليومي، بحثا عن رغيف الخبز، أدباء وشعراء وقصاصون يعملون طباخين في صحف صفراء وحمراء وسوداء، بحثا عن ذلك الرغيف، المغمس بالخوف من المجهول والمتربص بهم على قارعة الطريق.

وبعضهم يكتبون أعمدة وقصائد ومقاطع من الكلام لا تسمن ولا تغني من جوع، اصابعهم الخشنة تحاول أن تكتب أو بالأحرى أن تفلسف الوضع الدراماتيكي على شكل خطوط غير نافعة.وبعضهم أصبحوا خبراء في الكلام غير المباح، تحول الجميع إلى شهزراد، وقصة ألف ليلة وليلة التي يكتبونها ليست هي القصة التي تداولتها الشعوب، بل هناك قصة تافهة وسخيفة، قصة ليست فيها بداية ولا ثيمة ولا نهاية. هي عبارة عن جملة طويلة واحدة مثيرة للسخرية، تتمنع على الفهم، لا أبطال حقيقيون فيها، لا بحار ولا انهار ولا سماء ولا ارض ولا أشجار تحيط بهم. طبعا الكل يعرف أنه أصبح غير نافع، وأنه يعيش الزمن الخطأ، ولكنهم غير قادرين على البوح، ذلك لان مساحة البوح ضيقة، ومساحة البياض رمادية.
هناك أقلام من الدم تمشي في الشوارع هي التي تكتب لون الثقافة والحضارة التي نعيشها في وقتنا الراهن، لذلك تمت تصفية العديد من الاسماء واحدا منها على سبيل المثال قاسم عبد الأمير عجام، المثقف اليساري الحامل لشعلة الحقيقة الذي كانت أحلامه أكبر من أن يتسع لها العراق. بلد الفجائع وقصص ألف ليلة وليلة الجديدة ، يسير بأبنائه إلى الكارثة، والمثقفون ينامون على قارعة الأحلام. تقول لي ما هذه السوداوية، فأجيبك أنك عندما تقلب كل أركان الحياة، لن تجد شمعة واحدة يمكنها إنارة كل هذا الظلام، المعممون القادمون من الجحور يكتبون خرابنا والعراة غير المؤدلجين ،اللامفكرين ، أقصد أولئك المتهورين الذين وضعوا أرواحهم على أكفهم وساروا بها إلى المجهول، تركوا فعل الثقافة ولجؤوا إلى ممارسة الخديعة. تركوا كتابة يومياتهم وذهبوا إلى كتابة وصفات طبية لترقيع الواقع، بأحلام طوبائية.. انه الخراب انى حلت قدماك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث