الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمنقذ الوحيد.. آخر الخرافات

عبدالمنعم الاعسم

2013 / 5 / 10
مواضيع وابحاث سياسية



خرافة اخرى في السوق السياسي: “واحد ينقذ العراق.. لا غيره” يقال انها جاءتنا من الخارج على هيئة نصيحة، ويقال انها طبخت في غرف مظلمة، ويقال ان المنقذ نفسه صدق الكذبة مثلما صدق اشعب كذبته يوم قال للاولاد ان ثمة وليمة باذخة في منعطف اقصى البيوت، وحين هرعوا الى صوب الوليمة المزعومة ركض وراءهم وهو يردد: ربما الامر صحيحا فانال وجبة دسمة.

الجدل الدائرحول حاجتنا الى زعيم منقذ ينزلق شيئا فشيئا الى التقليل من شأن وجدوى وضرورة وشرط مبدأ الشراكة، والحاجة الى العقول الجمعية، كما يتجاوز حقيقة ان مشاكل العراق المعقدة اكبر من ان يستوعبها عقل لوحده، أو ارادة شخص واحد، او رئيس حكومة بعينه، ويلاحظ من بعض التصريحات المراهِقة والكتابات المدّاحة والاعلانات التلفزيونية الفاقعة ترويجٌ متصاعد لخرافة "المنقذ" الذي سيأتي بالحلول، وبالامن والكهرباء وراحة البال، لأنه الوحيد الذي يعرف فوق ما يعرفه الاخرون، ويعمل ما لا يستطيع ان يعمله غيره، ويخطط ما لم يكتشفه احد من المخططين والاستراتيجيين من الخطط، وانه الذي سوف يجترح المعجزات، و"يمشي فوق الماء".. ولخرافة المشي فوق الماء قصة نأتيها في خاتمة المقال.
المشكلة، ان الذين جربناهم، والذين لم نجربهم، جاءتهم الفرص المواتية لكي يكونوا منقذين حقا فاخفقوا في ان يكونوا كذلك، ولنقل(للموضوعية) انهم قدموا (على نحو متفاوت) بعض الاعمال والمنجزات والمبادرات بالحدود التي اتاحتها طاقاتهم المحدودة وامكانياتهم وتجاربهم الذاتية، وبالقدر الذي سمحت بها ظروف العراق، مقابل اخفاقات وخطايا وعثرات وتخبطات نجني كوارثها وثمارها المرة على مدار الساعة.

الحقيقة، ليس ثمة سياسي، وتحت اي توصيف جاء به الى المنصب، قادر، بالاعتماد على مشيئته ذاتها وعقله وحده ومعارفه الفكرية والسياسية الخاصة به (وحتى فريقه الانتخابي) على انقاذ العراق مما يهدده من اخطار، ولحسن الحظ فان البعض من المعنيين بطهي التركيبة الحكومية المقبلة صاروا يستبعدون وصفة "المنقذ" الذي سيشق البحر الى الخلاص.

اما حكاية المشي فوق الماء، فقد جاء احد مريدي الصوفي سهل التشتري المتوفى عام 886 ميلادية وقال له: ان الناس يقولون ان بمقدورك ان تمشي فوق الماء، فكان رد سهل بان طلب منه الذهاب الى مؤذن في المدينة معروف بصدقه كي يسأله عن الامر، وحين ذهب المريد الى المؤذن تلقى الجواب الشافي منه إذ قال له: انا لا اعلم إن كان شيخنا سهل يمشي على الماء، ام لا، لكن ما اعلمه هو ان الشيخ الجليل حين قصد حوض الماء ذات يوم بغية الوضوء سقط فيه وكاد ان يموت غرقا لو لم اسارع الى نجدته وانقاذه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في