الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علّم الأطفال وهم يكبّرون

سيماء المزوغي

2013 / 5 / 10
كتابات ساخرة


المجتمعات العاطفية هي التي وُلدت من علاقة غير شرعية ومعتقدات متحجّرة وسياسات قامعة لذلك نرى أغلب مثقفيها يصعّدون رفضهم المكبوت في الأغاني العاطفية والأفلام الرومانسية ودموع "المسامح الكريم"، ويبتعدون شيئا فشيئا عن جوهر القضية فتصبح ثقافة العاطفة هي الثقافة السائدة فمن السهل عندها أن تقنع أيّ كان، فقط راود عاطفته وهيّأ له مناديل لدموع التماسيح ولا تنسى أن تخاطبه بصوت متهدّج ملغوم بلغة محقونة بالأفيون العاطفي العقائدي، لغة أفعالها لازمة، آمرة، ناهية، خانعة.. لا تدفع إلى الشك أو التساؤل.. لغة كالرصاص تخترق القلب مباشرة..
مجتمعنا عاطفي إلى أبعد الحدود، عندما تحاصر مثقفا ما وتسأله: "ماذا ترى في هذه المسألة؟" يجيب على الفور: "يعجبني، وأحب، وأشعر، وينتابني إحساس.."، ولا يقول: "أفكر أن، ومن المنطق أن وأرى أن التحليل المنطقي والمنهجي هو.."، لذلك عندما ترى أطفالنا يرتدون ملابس غريبة عن مجتمعنا ويُدرّبون على "الجهاد"، ويخدّرون براءتهم بدولة الخلافة.. لا تستغرب عندما لا يحرّك أغلب المثقفين ساكنا ،لأنهم تربّوا على ثقافة العاطفة، لا تستغرب أن يصل بهم غرورهم الفكري إلى التقليل من خطورة هذه المسألة وتسخير طاقاتهم لاحتواء الأطفال فكريا وثقافيا ببرامج تربوية هادفة..
هيّا ضع طفلك في رياض الأطفال الدينية وعلّمه الحروف: "لام: لحية أطلقها ولا أحلقها"، "سين: سيف شديد للكافرين، رحيم بالمؤمنين"، "راء: راية الإسلام لدولة السلام".. ثم علّمه فنون "الزمقتال" موازي، عمودي، أفقي، أقتل الكافرين لا تشفق ولا ترحم.. ثم أثري مخيلته بأطوار معركة أحد وبأحكام قطع اليد والأرجل من خلاف وطرق الجلد وحجم حجارة الرجم، وبشكل "منكر ونكير" وعذاب القبور وحياة البرزخ.. واجعله يحلم بدولة خلافة الأمير، ثم علّمه السجود دون إيمان.. وعند الإشارة تكون الساعة: متأخرة جدّا لأنه غدا وحشا دمويّا يزرع الألغام ويرتدي الأحزمة الناسفة، لا يعرف أنّ له ملكة اسمها العقل.
لقد سطّر أهل السواد مخططا محكما لإرساء دولة الظلام الفكري والديني، دولة مجتمع اللّون الواحد: الأسود القاتم.
نعم في وطني يستمرّ المثقّف في عنجهيته ولا يأبه للإرهاب الفكري الذي ينخر مجتمعنا كالسوس التي تنخر في صمت شديد إلى أن تهشّم البنيان فيخرّ متداعيا محطما، فلا ينفع وقتها أيّ عقّار، لأن صدور الأطفال التي حملت ما حملت غدت قنابل موقوتة يدويّة الصنع في أيادي شبّان لا يعرفون من الدنيا غير لحية شيخهم وطريقته في إقامة الحدّ ونكاح حورياته..
نعم في وطني أصبحت الأزمة غذاء للأزمة، لا أعرف تحديدا هل أن الأزمة المعيشة اجتماعيا غذاء للأزمة الفكرية الثقافية؟ أم أن العكس صحيح؟ لكن، كل ما أعرفه تماما أن الأزمة المستقبلية هي أزمة الطفولة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث