الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يحدث في سوريا ما حدث في الجزائر في تسعينات القرن الماضي؟

الطيب طهوري

2013 / 5 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


واجه النظام الجزائري أحداث أكتوبر 1988 بإقرار التعددية الحزبية التي أعطت الكثير من الأمل للجزائريين في جزائر ديمقراطية زاهرة وآمنة ، حيث ظهرت إلى العلن الكثير من الأحزاب التي كانت تعمل في السرية..لكن نفس النظام الذي تربى على الأحادية لم يكن يؤمن حقيقة بتلك التعددية إدراكا منه بأنها ستؤدي في النهاية إلى زواله باختيار الشعب مسيرين آخرين لشؤونه يكونون اكثر كفاءة ونزاهة ، وهو ما يعني انتهاء نفوذه وخسارة مصالح المتنفذين فيه..
لجا النظام إلى طريقة احتيالية في مواجهة تلك التعددية الناشئة فأعطى الاعتماد لاحزاب دينية متطرفة ، يعرف جيدا انها ستكون سلاحه في القضاء على تلك التعددية ،مخالفا بذلك المادة الـ 40 من الدستور التي تمنع إعطاء الاعتماد للجمعيات ذات الطابع الديني او الجهوي ..و..هكذا كان الفيس ( الجبهة الإسلامية للإنقاذ ) وهو الحزب الذي كان قادته متعطشين للسلطة ، من جهة ، ويحملون فكرا إقصائيا يرفض الديمقراطية بشكل مطلقا، من جهة اخرى... فتح النظام المجال واسعا لهذا الحزب لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المواطنين كمناضلين فيه، حيث كان ( الحزب ) يوزع بطاقات الانخراط في كل مكان ، بما في ذلك المقاهي ، وهو ما سمح للكثير من أصحاب التعليم المتوسط وحتى الضعيف إلى تبوء الكثير من المسؤوليات فيه ، لا لشيء سوى كونهم أصحاب أموال..إلخ..وبالتاكيد ادخل النظام الكثير من عناصر مخابراته في هذا الحزب ودفع به إلى التغول وممارسة الكثير من السلوكات المتخلفة بدعوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو ما ادى إلى ظهور قوة كبيرة من الاحزاب والمواطنين الذين وقفوا ضد تلك الممارسات ..
استغل النظام تلك الممارسات المتخلفة ومعارضة الكثير من القوى لها ليوقف المسار الانتخابي ، من جهة ، ويدفع بالمتطرفين في ذلك الحزب إلى الممارسات العنفية التي كانت تزداد بوتيرة متسارعة على مر الأيام والشهور ، من جهة ثانية..وبعد ان حقق هدفه أعلن أما سماه بالمصالحة الوطنية التي غطت على حقيقة الأحداث وجعلت ما جرى في خبر كان المجهول حتى الآن..
النظام السوري استفاد كثيرا من تلك التجربة..كما استفاد مما حدث في مصر وسوريا فهيأ نفسه جيدا لمواجهة الثورة السلمية في سوريا..تركها تتحرك لما يقارب النصف سنة ثم لجأ إلى مواجهتها بالعنف ، وهو ما دفع بها إلى التسلح لمواجهته..في هذه الأثناء عمل النظام على فتح المجال واسعا لدخول القوى الاصولية المتطرفة إلى سوريا إدراكا منه بانها ستفسد على السوريين نضالهم المشروع من اجل حريتهم ومستقبل أبنائهم..بل المؤكد أن مخابراته قد أوجدت قوى اصولية دفعت بها إلى ان تكون شكليا في المعارضة ، من جهة ، وتغلغل الكثير من افراد تلك المخابرات في القوى الأصولية المتطرفة الأخرى وهكذا ظهرتت الكثير من الممارسات الهمجية كالاغتصاب والتعصب الفكري الأعمى ، الأمر الذي ادى إلى ظهور الطائفية ، وهو ما كان يريده النظام أصلا ليشوه ثورة السوريين ويظهرها للعالم كثورة تخلف ستؤدي حتما فيما لو انتصرت إلى تحكم اولئك الأصوليين في الشعب السوري..
بالتاكيد أيضا أن ذلك هو ما ادى بقوى العالم التي تعاطفت مع الشعب السوري في البداية إلى التخوف مما سيكون عليه الحال في سوريا مستقبلا ، ومن ثمة وجدت الثورة السورية نفسها شبه معزولة تواجه قوى الأسد التي لا تتورع عن استعمال كل ما بيدها من سلاح للقضاء على معارضيها ، وارتكاب الكثير من المجازر في حق الشعب السوري من اجل تيئيسه وإفقاده الأمل في إمكانية تحقيق ما يصبو إليه من تحرر من ربقه النظام الأسد ي ، من جهة ، والقوى الأصولية المتطرفة التي شوهت صورة تلك الثورة أمام الرأي العام العالمي، وربما حتى أمام الكثير من المواطنين السوريين ، من جهة أخرى..في هذه الظروف المؤلمة لجأ النظام السوري المدعوم بقوى الحرس الثوري الإيراني وقوات حزب الله ومواقف الصين وروسيا خاصة إلى تكثيف هجماته وبدء تحقيق الانتصارات على معارضيه المسلحين..وحتما سيساعده في عمله هذا أكثر رفض إسرائيل المبطن سقوط نظام الأسد خوفا من مجهول المستقبل ، خاصة وأن لإسرائيل تاثيرا كبيرا على القوى الغربية الكبرى ، من جهة ، وماتم الاتفاق عليه بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية حليفة إسرائيل الكبرى من حتمية الضغط على الطرفين المتصارعين لقبول الحل السياسي الذي سيؤول – بالضرورة – إلى مصالحة وطنية على غرار المصالحة التي جاء بها النظام في الجزائر..دون أن ننسى أن ما يهم إسرائيل في الأساس هو إضعاف سوريا بشكل كبير ، وقد تحقق لها ذلك فعلا..وان ما يهم أنظمة الاستبداد العربية هو فشل تلك الثورة حتى تقطع الطريق على شعوبها في التفكير في الثورة عليها حتى ، فما بالكم أن تمارسها عمليا وقد رأت ما حدث للشعب السوري الثائر..وربما ما يحدث في مصر وتونس وليبيا من تغول القوى الأصولية لا يخرج عن هذا النطاق..
هل سيكون الأمر كذلك فعلا؟..هل سيتكرر في سوريا ما حصل في الجزائر؟.الأيام القادمة ستجيبنا حتما ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال جيد و لكن المقارنة خاطئة
سوري مهجر ( 2013 / 5 / 12 - 13:02 )
الجزائر شيء و سوريا شيء اخر تماما جدا جدا (يا ليت سوريا مثل الجزائر) في سوريا حرب حقيقية بكل الاسلحة لكن في الجزائر حصل خلاف سياسي معقد استعمل فيه الاسلحة النارية العادية
الجيش السوري عكس الجيش الجزائري مكون من اقلية دينية شيعية علوية 10% متحالفة مع قوى اصولية شيعية اهمها ايران و غيرهم و تسخر موارد البلد لمصلحة هذه الاقلية الصراع في سوريا ليس سياسيا و لكن على الجيش و المصالح بين الاقلية و الاغلبية فقط عندما ينتهي الجيش العلوي و يحل محله جيشا وطنيا بدون التمييز الديني لصالح الاقلية الدينية الشيعية العلوية عندها تنتهي الحرب و يبدو ان امريكا و روسيا تريد اطالة زمن الحرب حتى يكون الدمار اكبر


2 - g
rami ( 2013 / 5 / 12 - 14:07 )
لا علاقة للنظام الجزائر بجهالات الفيس ، من اراد العبث مع الفيس هو الشاذلي وهذا لضرب قوى اليساري ليتحالف مع الاسلاميين اليمينيين و يقيم دولته الراسمالية ، لكن لان الجاهلية لايمكن الحوار معها اول ما طلبوا كان راسه ، ثم راس الجزائر ، لولا نظمنا الذي انقلب عليهعم لكنا اليوم كام افغانستان المباركة حفضهها الله ورعاها

لا تحموا النظام جهل الجهال ،


3 - ردا على سوري مهاجر
الطيب طهوري ( 2013 / 5 / 12 - 20:31 )
ما كتبته لم يكن مقارنة بين البلدين بالمطلق..كل ما فعلته انني تحدثت عن أوجه التشابه في مواجهة جديد الواقع في البلدين ، حيث كانت الحركة الديمقراطية الناشئة في الجزائر تدفع بالنظام الحاكم إلى البحث عن كيفية قتلها في المهد قبل ان تشب عن الطوق وتتحول إلى قوة تهدد مصالحه ، وحيث كان الحراك الاجتماعي السوري السلمي في البداية يطالب بإزالة النظام الاسدي تماما كما حدث في تونس ومصر ..وإذا كان النظام الجزائري قد وجد ضالته في القوى الدينية المتطرفة لتحقيق مآربه ن فإن نظام الأسد قد وجد ضالته في نفس القوى..من هنا يبدو التشابه..ومن هنا أيضا يكون النظام السوري قد استفاد من تجرة النظام الجزائري..والأنظمة المستبدة تخدم بعضها كما نعرف وتتشابه في الكثير من الامور..غني عن القول ايضا انني لم اتحدث عن جيشي البلدين، بل تحدثت عن قوى النظام المتنفذة التي ترتبط مصالحها ببقاء الوضاع على حالها ومحاربة كل من يحاول المس بها...شكرا جزيلا لك أخي..


4 - ردا على رامي
الطيب طهوري ( 2013 / 5 / 12 - 20:53 )
أتفق معك تماما في ان الشاذلي وظف الفيس لضرب قوى اليسار..لكنني اختلف معك في جعل الشاذلي وحده هو من قام بذلك..الشاذلي واجهة فقط، ومن الصعب ، بل من غير المعقول بالمرة أن يفعل ذلك وحده..إنه النظام الحاكم ككل..ولا احد يتصور بالمرة ان المخابرات الجزائرية لم تكن مساهمة وبشكل كبير في ذلك ، إن لم تكن هي مدبرته..لقد ضرب النظام باعتماد الفيس حزبا شرعيا عصفورين بحجر واحدة: هيا الناس نفسيا لتقبل الانقضاض على مشروع بومدين والقوى الحاملة له والمدافعة عنه ، اعني قوى اليسار ، والتحول من ثمة بالجزائر إلى ما سماه اقتصاد السوق ، وفتح الشارع الاجتماعي للقوى الدينية لتغييب عقول الناس في متاهات التدين والعلاقة بالآخرة ...إلخ، من جهة ، وقتل الديمقراطية في المهد ، من جهة ثانية ..وكل ذلك من اجل المحافظة على مصالح المتنفذين فيه أساسا..
إن ذلك لا يعني بالمرة انني أدافع عن الفيس ،أو انني كنت ضد توقيف المسار الانتخابي وحل الحزب المذكور..لقد مشيت في مختلف مسيرات الديمقراطيين في العاصمة الجزائرية ضد هذا الحزب ومشروعه الاجتماعي..لكن ذلك لا يعني بالمرة السكوت على ما اعتقد انه كان هدف النظام أساسا وقبل كل شيء..

اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |