الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امي

رحاب ضاهر

2005 / 4 / 22
الادب والفن


ماذا تقول يدي؟ وأمي كيف أكتبها وأسجلها حروف من دمعٍ ونار على صفحات من ورق؟!!
جميلة هي أمي, أرملة يضيء وجهها بالحزن والحنان والصمت, توفي والدي عندما كنت طفلة, ولا أذكر ملامحه سوى من صورة معلقة على جدار الوحدة في هدوء أمي ورفضها الزواج رغم أنها جميلة وفتية.
كانت الأيام تمر بيننا بنظام وتساوي لتصبح سنوات كبيرة في عمري وعمرها, إلا أن أمي كانت أقوى وأجمل وأرشق من أن تملأها السنوات شحوباً وترهلاً, كانت تبدو كأختٍ لي وليست أمي التي تسكب عمرها على أعتاب طفولتي ومراهقتي, كنت أفرح عندما أسمع إطراء صديقاتي لأمي وجمالها وأشعر بالزهو والفخر وأنا أسير جوارها. لكن لقاء حدث غير مجرى الانسياب في حياتنا, وشرخ سنين أعمارنا وقسمها بيتنا قسمة جائرة. فالأيام الكبيرة والثقيلة صرت أضعها على أكتافها والأيام الصغيرة لي, ألبسها خواتم في أصابعي.
لقاءه أصبغ على أمي ابتسامات صغيرة ولامعة, وأسال من عينيها رعاف ضياء. قالت عنه أنه صديق قديم, لكنه أكد أنه أكثر من صديق. هو تعدى الأربعين بخطوات واسعة, ويكاد أنه يطأ عتبات الخمسين, أنيق, جذاب ومريح, ابتسامته ونظراته تعطي شعور بالراحة والاسترخاء. لكن أمي لم تعد الأرملة الهادئة بعد ذلك اللقاء, أصبحت متوترة, قلقة, تدخن بكثرة وتسافر ابتسامتها إلى آفاق بعيدة, لم أرها يوماً بهذا الانفعال والتردد, عندما سألتها عن ذلك الرجل صرخت بوجهي أن لا أتدخل في أمور أكبر مني ودخلت غرفتها وأغلقت الباب واعتقدت أن الموضوع أغلق مع باب غرفتها وانتهى, لكن اتصالات هاتفية متواصلة وكلمات خافتة يلتقطها فضولي جعلني أتسائل ماذا يعني ذلك الرجل لأمي. لم أنم ولم أدعها تنام حتى باحت لي بسرها وعرفت أن الرجل المريح كان ذات يوم فتى أيامها الصغيرة,ولاسباب قدرية افترقا. عاد الحبيب ليشعل في أطرافها اللهب, ويؤرقها على بساط التوتر والقلق اللذيذ, عادت مراهقة تشبهني باندفاعها وجريها نحو الهاتف عندما يرن. كريم هو الحب يعطينا الجنون والطيران مجاناً, والأكرم أن يعود الحب القديم لأمي التي عاشت محرومة ووحيدة.
تزوجت أمي الرجل المريح, وعشنا معاً أياما ناعمة ومريحة.
كان رطباً وحاراً مع أمي وعطوفاً وحنوناً معي إلى أن وقع في قلبي شيء ثقبه, ثقب تسربت منه الغيرة, إنها القبلة التي وقعت تحت يدي وعلى مرآى من عيني فجرت مشاعر شيطانية في صدري. قبلة أضرمت الحب والغيرة في قلبي, أغار من أمي وأشعر بالغيظ عندما أسمع أنها تبدو كأختي, صحيح أنها جميلة ومثيرة لكنها تتعثر بالأربعين وأنا مازلت شابة صغيرة أركض في العشرين بخفة وحبور. أفكر بجسدها وجسدي وأقارن بين تفتحي ونضجها, ويكون زوجها القاسم المشترك بيننا.أطيل السهر معها ولا أنام إلا في ساعات متأخرة, أنام؟!! أبداً, لم أكن أنام, كنت أشتعل وأحترق وأتجمع كحفنة رماد خلف باب غرفتها أريد أن أعرف ماذا يدور داخل السرير المشترك, أرسم أوضاعاً مختلفة لها مع زوجها على الباب, صورة يقبلها, صورة يشم عطرها ويداعب شعرها ويعزف على جسدها بأصابعه الرشيقة, يسمعها كلاماً يشعل النار في الباب وفي جسدها ويزحف نمل الرغبة إلى جسدي, أقفز مذعورة أدق على بابها بعنف بحجة أنني مريضة أو خائفة وأريدها أن تنام بقربي. أخترع ألف سبب لأبعدها عنه ،فالتفكير أنها تنام معه في غرفة واحدة وسرير مشترك تجعل الرؤيا أمامي مشتتة ونظري زائغ وتفكيري قاتم, أتخيله دخاناً رقيقاً يحتل سريري ويلتف حول جسدي, أحاول لفت نظره إلي, أتعطر بعطور أمي القوية والمثيرة, أطلي وجهي بالمكياج الصارخ, أقترب منه وأقبله قبلاً مفخخة بالشهوة والنار, لكنه كان يصدني بحنان ويقول أني ابنته وأمي زوجته وحبيبته, كان صده يستفز جسدي المراهق ويولد مشاعر شريرة تتدفق كشلالات النار في جوفي, لا أريده أبي ولا أريد أن أكون ابنته, أريده رجلاً لي يشاركني جسدي وسريري, كانت حرارته استوائية أصابتني بالحمى والهذيان, وخيرات جسده تشدني إليه لأفترسه قبلاً وضماً.
لا أذكر كيف دخلت أمي ووجدتني على تلك الصورة الشبقة عندما نظرت في وجهها أفقت من هذياني, كانت أسراب النمل تتساقط عن جسدي, والأزهار تتطاير عن أغصان أمي فلم يبقى سوى أشواك وارتفع بيننا حاجز من طينٍ ونار لأنني بدلاً من أن أهبها الحياة وهبتها خنجراً مسموماً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس


.. كلمة أخيرة - المهرجانات مش غناء وكده بنشتم الغناء.. رأي صاد




.. كلمة أخيرة - -على باب الله-.. ياسمين علي ترد بشكل كوميدي عل


.. كلمة أخيرة - شركة معروفة طلبت مني ماتجوزش.. ياسمين علي تكشف




.. كلمة أخيرة - صدقي صخر بدأ بالغناء قبل التمثيل.. يا ترى بيحب