الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القدس الشمالية لنا..!

شوقية عروق منصور

2013 / 5 / 12
مواضيع وابحاث سياسية



لا أحد يستطيع أن ينزع مدينة القدس من الخارطة التاريخية والدينية والوجدانية والروحانية وباقي السلسة اللفظية الكلامية المشعة من أعماق المواطن العربي والفلسطيني. ولا أحد يستطيع أن يراهن على الكلمات والأغاني والقصائد والأقوال وأطنان الصفحات التي تراكمت فوق تاريخ القدس المتشبث بالماضي، ويحاول إفساح المجال للحاضر بالمرور كي يسطر الأساطير الجديدة. ورغم أن السيدة فيروز حاولت ترميمها بالتفاؤل خلال سيرها في القدس العتيقة وما زال صدى صوتها "يا قدس..!!" ينتشر ويضيء الأزقة والطرقات والأبواب والأسوار وحجارة البيوت التي طال انتظارها، لكن الانتظار قام بالخداع ولعب لعبة القذارة مع السياسة الملوثة بالتآمر، فسال دم التهجير والطرد والهدم والمصادرة والتنكيل، ووجد المواطن الفلسطيني - المقدسي- نفسه داخل حصار تلو حصار.
صراخ مدينة القدس يسمع يومياً منذ عام 67. وإذا كان الشاعر العراقي مظفر النواب استعمل أسلوب الشتم البذيء في قصيدته الشهيرة "القدس عروس عروبتكم"، حين حمل وجع الذل والعار والقهر والاغتصاب وقدّمه للحكام العرب الذين ينامون في العسل، لعل هؤلاء القادة يستيقظون ويتحركون حين يسمعون الصرخات ويأتون للدفاع عن شرفها المهان الملوث، لكن لا أحد جاء. فقط أرسلوا لها كلماتهم المهترئة التي تدل على ضعفهم وخداعهم في قوالب من المجاملات الإنشائية فيقذف مظفر النواب شتيمته في وجه القادة قائلاً:
تتحرك دكة غسل الموتى
أما انتم لا تهتز لكم قصبة
من قانون توحيد القدس عام 1967 إلى قانون القدس 1980، الذي أعلن فيه القدس عاصمة أبدية للدولة العبرية وغير قابلة للتقسيم، إلى جميع الخروقات والانتهاكات لحرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية ومصادرة البيوت ومضايقة السكان العرب والاستيلاء على الأراضي والمتاجر والمقابر، وتسيير المسيرات الاستفزازية التي تخترق المقدسات، خاصة اقتحام باحة المسجد الأقصى وغيرها من الأمور التي تضغط على الأعناق لدفع المواطن الفلسطيني للهرب من المدينة.
في كل هذا الخليط الفاسد الذي أصبحنا نؤرخ بمرارته سنوات القدس وينخر في عدم الثقة بالأمة العربية من المحيط إلى الخليج، التي تخذل يومياً تلك المدينة التي تعبت من البقاء واقفة تنتظر، نسأل: ماذا قدمت الدول العربية وجميع الأطر والجمعيات والمؤسسات في العالم العربي الدينية والملكية، وكل العناوين البراقة التي تستغل المدينة المقدسة كي تغطي عريها؟! لقد حوّلوا القدس إلى ورقة توت يفرشونها عندما يريدون دغدغة باطن أقدام شعوبهم. وعندما نفتح دفاتر الحساب ونحسب ماذا قدمت الأنظمة العربية لمدينة القدس للحفاظ عليها لا نجد إلا الأغاني والقصائد العصماء وتاتأة الرؤساء. أما الفلسطيني، المطالب بمسح ذله اليومي، فعليه أن يسمع التصريحات والخطابات وكلام رؤساء يومياً قبل الأكل حتى تفتح شهيته للدفاع عنها.
لقد هضمنا التصريحات الإسرائيلية ورأينا المستوطنات التي تحيط وتتغلغل في القدس، ونسمع جميع عبارات الاستنكار. وأكثر كلمة تتردد في القاموس السياسي الفلسطيني والعربي هي "نستنكر"، حتى لعنّا في سرنا جميع الحروف التي تتكون منها كلمة "نستنكر". أما آخر التقاليع الإسرائيلية فهو تصريح رئيس بلدية القدس الغربية نير بركات - ودائماً التصريحات في إسرائيل تبدأ بشيء غير معقول ليصبح بعد مدة في عداد المعقول والمعلوم والموجود، وتملك التصريحات أسنان الجرافات وخرائط البناء والتغيير ويبقى العرب في منطقة الاستنكار. بركات هذا صرّح مقترحا: "بما أن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل فيجب أن تكون رام الله عاصمة للفلسطينيين وليطلق عليها القدس الشمالية"..!! نحن نسمع الإسرائيليين يتكلمون ويعلنون ولكن هذه أول مرة يكون التوجه إلى رام الله.. يجب أن تنتبه السلطة الفلسطينية لهذا الفخ و"العيار في إسرائيل يصيب ويدوش". ولا نظن أن السيد بركات يقولها جزافاً ومجرد كلام في الهواء..!
في ظل الغياب العربي والفلسطيني، نجد أن إسرائيل هي اللاعب الوحيد الذي يوزع الأدوار والملاعب..!! لكن نريد أن نهز كتف السلطة الفلسطينية، ونهز بقسوة موقف الدول العربية، ونهز قطر التي مدت أرجلها على خارطة الوطن العربي، ونسأل رجال الدين والحركات الجهادية الذين وضعوا سوريا على مرمى البصر والرصاص والتدمير: أين هم الآن من كلام بركات؟!! إن رجل الشارع الفلسطيني يؤكد إن القدس قد ماتت وكل يوم يشيع جثمانها، وما الكلام عنها سوى للاستهلاك العاطفي والسياسي، مع أن هذا الاستهلاك أصبح مترهلاً بشكل عبثي.
قيل: "الفاخوري يضع إذن الجرة حيثما يريد وعلى الجانب الذي يرغب"، وإسرائيل هي الفاخوري الذي يضع أذن الجرة كيفما يريد ومتى يريد، ولا احد يمنعه ما دامت أمامه الرؤوس منحنية والمؤامرات طازجة، وموجودة في الثلاجة دائماً. وسيبقى الزعماء العرب يتكلمون وكل دون كيشوت يبكي ويصرح بعيون باكية ويطلق أمنيته بأن يصلي في القدس، وفي البيت الأبيض ينسى بيت المقدس..!
نطلب منهم أن لا يتكلموا عن القدس، ونقول لهم: اقرأوا الفاتحة على ضياعها. ونرسل لهم برقية عاجلة نقول فيها:
ما أكثر الإخوان حين تعدهم .. ولكنهم في النائبات قليل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغدة تقلد المشاهير ?? وتكشف عن أجمل صفة بالشب الأردني ????


.. نجمات هوليوود يتألقن في كان • فرانس 24 / FRANCE 24




.. القوات الروسية تسيطر على بلدات في خاركيف وزابوريجيا وتصد هجو


.. صدمة في الجزائر.. العثور على شخص اختفى قبل 30 عاما | #منصات




.. على مدار 78 عاما.. تواريخ القمم العربية وأبرز القرارت الناتج