الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار المغربي و منزلقات القراءات الخاطئة للواقع

ابراهيم حمي

2013 / 5 / 13
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


في الحقيقة كان هذا تعقيبا على مقال نشره الرفيق عبد الغني القباج في كروب حركة 20 فبراير- موقع مراكش. وارتأيت أن يكون تعقيبي هذا تصحيحا لبعض ما جاء في المقال من مغالطات مثل أن اليسار المنبثق عن الحركة الوطنية، رغم صراعه مع المخزن إلا انه انصهر معه في الأخير وخيب أمال الجماهير المغربية.
و الواقع أن بعض الإطارات اليسارية هي التي يصح عليها ذلك، و ليس كل اليسار المنبثق عن الحركة الوطنية. اندمج فيما يصطلح عليه بحكومة التناوب وماثلاها. وفي الحقيقة ان هناك إطارات أخرى بقيت وفية للمبادئ التي آمنت بها و انحازت إلى صف الشعب، و أدت في هذا الإطار الضريبة إلى جانب المكونات اليسارية الأخرى.
ومادام ما كتبه الرفيق القباج موجه إلى حركة شبابية فعليه ان يتعامل مع هذه الشريحة بموضوعية و أمانة في إيصاله للأحداث التاريخية التي مر منها اليسار بما لها وما عليها. لهذا أشرت في تعقيبي هذا إلى القراءات اليساروية التي تسقط في منزلقات خطيرة تؤذي في آخر الأمر إلى تحريف مسار حركة يسارية مناضلة قد يختلف معها من يختلف، و يتفق معها من يتفق. ولكنها جسدت فناعتها النضالية، وسجلت بفخر و شجاعة مواقفها التي لن يستطيع أحد أن ينكرها. و لأنها بكل ببساطة أصبحت ملكا للتاريخ، و ليس لمن أراد أن يصدر أحكاما و تقييما من زاوية و من خلفية معادية لكل المكونات المنبثقة عن الحركة الوطنية، و التي لازالت تكافح في سعي حثيث لتوحيد شتات اليسار، الذي يمر من أزمة ومرحلة تاريخية لا مكان فيها لتصفية حسابات لمن أراد ذلك.
و بما أنني عشت مرحلة من مراحل النضال اليساري و تفاعلت مع انتصاراته و انكساراته. فإنني أرى و من وجهة نظري المتواضعة، أن هذا الحكم و هذا التقييم يذكرني بالماضي، أي سنوات 60/70 و في إطار التعريف باليسار و بالتقدمية كمحدد للمناضل بمقاييس و معايير غير موضوعية، كما تنم أيضا عن خلفية عدائية تنامت لدى فصائل يسارية تشبعت بالنقاش الفكري السجالي الطلابي النخبوي، في الحلقيات الطلابية داخل الجامعة المغربية في مطلع الستينيات و السبعينيات. عندما كان اليسار في أوج تأسيسه كتيارات وفصائل داخل الجامعة و تتجاذبه التوجهات والتجارب السياسية، و المدارس الفكرية والفلسفية اليسارية بكل مكوناتها التي تنطوي و تتفاعل في عمق المنظومة الاشتراكية، التي عرفت صراعات وصلت إلى حد التطاحن بين الستالينية و التروتسكية و الماوية و اللينينية، وغيرها من التجارب التي اعتنقها اليسار الطلابي آنذاك، و التي كانت تحكم أغلب فصائلها مقاربات وتحاليل ميكانيكية وطفولية يسارية نسبة (لليسار الطفولي) الذي عانى منه لينين نفسه. والذي يجتهد في نعوت قدحيه يسقطها على خصومه اليساريين المختلفين معه في الطرح السياسي، وينتقدهم بكل وقاحة تغيب فيها الموضوعية المفترضة في أي نقد، كما يغيب في نقده لخصومه الجدلية و العلمية و يكتفي بالإسقاطات والتعسفات النظرية والبعيدة كل البعد عن الواقع القاسي المعاش للعامل والفلاح المقهور الذي لا يفهم لغة الحلقيات الطلابية ذات الطابع النخبوي، و كذلك استعمال للمصطلحات الفلسفية و حمولتها الصعبة في الشرح لعموم الجماهير، التي لا تعرف ولا تفهم خطاباتهم، فبالأحرى التجدر وسط الطبقات الشعبية وتنظيمها من اجل الرفع من مستواها الفكري والسياسي، لتتحمل مسؤوليتها ولتلعب الدور المنوط بها في إطار تحررها من الإيديولوجية السائدة آنذاك، هذه الإيديولوجية التي لا زالت في تطور مستمر إلى يومنا هذا. كما أن هذه الإيديولوجية مازال يعتمد عليها النظام المستبد الحاكم حتى الآن، وللأسف الشديد لازلنا نلاحظ عدم تطور البعض الذي لم يستطيع أن يتجاوز مرحلة التأسيس اليساري في جنينيته و مراحله الأولى، ولا زال يعتمد على منهجية تحليلية طفولية وغير علمية في مقاربتها وقراءتها للتجربة النضالية اليسارية المغربية الزاخرة بالمحطات المشرفة والرائعة التي يشهد بها التاريخ لليسار الذي ولد من رحم الحركة الوطنية كامتداد لحركة التحرير الشعبية العربية. لهذا نجد أن الشهيد عمر له قولة مشهورة في هذا الإطار مع اليسار الطفولي في خضم الجدال والنقاش الذي كانت تدور رحاه حول تعريف من هو اليسار. وفي ندوة حول الصراع الطبقي بمدينة أسفي أشار الشهيد عمر إلى مثل هذه المقاربات ومثل هذه الأحكام التي تنفي عن الحركة الاتحادية آنذاك تقدميتها و يساريتها، رغم تبنيها للاشتراكية العلمية كوسيلة وكهدف استراتيجي. ومع ذلك يصرون هؤلاء اليساريين أن يتهموه بالتحريفي و يصنفون الحركة ضمن الحركات الإصلاحية، لأنها تعمل تحت الشرعية القانونية للنظام وهذا في نظرهم، اعترافا بالنظام الملكي المتسلط. مما جعل الشهيد عمر ينعت هذا الطرح المفصول عن سياقه التاريخي بالإستمناء السياسي، وكان يقصد المتيسرين نظريا فقط. وما دامت النظرية مرتبطة بالممارسة كما قال لينين فإن كل من ينظر خارج التنظيم المرتبط بالجماهير فهو مدعي يساري ليس إلا. هذا من جهة أما من جهة أخرى إن قراءة التاريخ النضالي لليسار المغربي لا يقتضي قراءة موضوعية منصفة للذين ضحوا تضحيات جسام سواء في إطار الإطار اليساري المنبثق عن الحركة الوطنية المغربية أو غيره من الإطارات المناضلة في جميع الواجهات والمواقع، فحسب وإنما علينا أن نقيم التاريخ اليساري المغربي تقيما جدليا بمعايير علمية، و في صيرورة مرتبطة أيضا بمسار الحركات اليسارية العالمية مع استحضار لكل مراحل التطورات التي حصلت في الكون. والتي جعلت الفعل اليساري ينكمش و ينطوي على ذاته مما جعل الحركات اليسارية تفرز من رحمها نخبة متسلقة و وصولية هدفها المصالح الشخصية فقط، وهذا أيضا ليس بالغريب لمن يستعمل التحليل الماركسي العلمي كمعيار للنقد والنقد الذاتي، سيجد بسهولة تامة أن البرجوازية الصغيرة هي المتحكمة في قرارات الإطارات اليسارية بكل أصنافها وأشكالها، وحتى التي تدعي أنها الأكثر راديكالية من غيرها، والتي لم تنبثق عن الحركة الوطنية، التي أحرزت الشرعية القانونية فيما بعد، إلى جانب المكونات التي تشكل المشتل اليساري المغربي. كما أن هذه البرجوازية الصغيرة المتربعة في الصفوف الأمامية لليسار هي التي تحسن التنظير في مستواه النظري فقط، وهذه هي المعضلة والمعيق و الطامة الكبرى التي أبعدت النخبة المتعلمة و "المثقفة" عن النضال كما جاء على لسانك يا رفيقي... وهذه الآفة يشترك فيها اليسار عموما، و ليس المنبثق عن الحركة الوطنية فقط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلبة محتجون في نيويورك يغلقون أكبر شوارع المدينة تضامنا مع غ


.. Peace Treaties - To Your Left: Palestine | معاهدات السلام -




.. اشتباكات عنيفة واعتقال عدد من المتظاهرين المؤيدين لغزة قرب م


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين حاولوا اقتحام الـ-م




.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة أحمد الديين خلال الوقفة التضا