الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموازين لم تعد فقط في أميركا وروسيا

كرم يوسف

2013 / 5 / 13
مواضيع وابحاث سياسية



زيارة وزير الخارجية الأميركي لروسيا، ليست في مجمل الأحوال أول زيارة لمسؤول أمريكي لهذا البلد الذي بات اليوم يفتح في أذهان الشعب السوري تاريحاً من الجراحات، يبدأ من صدى التراث الاشتراكي لهذه الدولة في نفوس السوريين، ومن بينها أنه كان أحد دواعي وصول الرئيس السوري السابق حافظ الأسد - كما غيره من الأنظمة الشمولية إلى السلطة - و احتكاره لها في سوريا لمدة ثلاثين عاماً، ومن ثم توريثها لابنه، روسيا اليوم من جديد تعود لتفتح ذاكرة من جروح في مخيلة الإنسان السوري، وهي تدعم بلا هوادة نظاماً يشن الحرب على كل من يخرج عن طاعته، بدءاً بالرصاصة وانتهاءً بصواريخ سكود و حمم الطائرات .
زيارة الوزير الأمريكي والتي وصفت بأنها زيارة الفرصة الأخيرة لإجراء حل سياسي للأزمة في سوريا، وكما سبقتها محاولات كثيرة لم تتكلل بالنجاح، ستنتهي لا شك بالفشل، وأول دواعي هذا الفشل أن روسيا نفسها التي تناقش الأمريكيين حول إتفاقية جنيف والعودة إليه تصرح بأن رحيل الأسد أمر لا يمكن قبوله، ووضعه في سياق المفاوضات، و يصرح الوزير الأمريكي في نفس الوقت بأنه لا مكان للأسد في أي حل سياسي في أي عملية انتقالية في هذا البلد ، فمن أين ستبدأ جنيف باتفاقيتها؟
روسيا، وإن كانت في الخفاء قد اتفقت مع الأمريكيين على رحيل الأسد، وهوشرط أمريكا المؤخر، وشرط المعارضة السورية لبدء الحوار مع حكومة دمشق، فإنها بذلك تكون قد فقدت ولاء حاكم دمشق لها، وأمريكا وإن كانت تتحدث بلسان المعارضة، ودون استشارتها، مع الروس، في إتفاقية جنيف، فإنها بذلك لن تستطيع التحدث باسم كامل المعارضة التي لن تتفق لا في حوار مع حاكم دمشق ولا حكومته، فأين ستنتهي جنيف في هذه الاتفاقية ؟
إن مقولة: إن الحرب في سوريا ماعادت سورية، استنتاج منطقي على ضوء مايجري الآن، فكما تشهد جبهة المعارضة العسكرية وجود أجانب في صفوفها، فإن جبهة النظام ومنذ انطلاقتها كانت تشهد وجود إيرانيين في صفوفه، وذلك قبل استفحال الأمر وقدوم الشيعة من كافة أصقاع الأرض لمؤازرة هذا النظام ، هذه الحرب التي خرجت دوائر قيادتها عن الجغرافية السورية من الصعب التحدث بلسانها، فهناك دم أريق على الأرض، دم أكثر من 100 ألف سوري معارض للنظام، ودم ما لايقل عن 50 ألفاً من موالي النظام ،وذلك حسب تصريح أحد إعلاميي النظام لقناة تلفزيونية، وهذه الدماء تحتم أن يكون الحل في أحد جوانبه من داخل سوريا، وإلا فإن أي حل يفرض من خارج جغرافية سورية سيكون عسيراً، ولن يجد النور .
كما أن القول بحلول سياسية اليوم، وبعد مرور ثلاث سنين على عمر الثورة السوريةـومثلما كان مستحيلاً في بدايتها، سيظل مستحيلاً إلى آخر لحظة في عمرها، فما تطلبه المعارضة هورحيل النظام بكل أزلامه وبطانته وقيادته، لا بل محاكمتهم، وما يطلبه النظام هو بقاء حاكمه كل قادته ورجالاته ناهيك عن استحالة قبول محاكمتهم لأن نظام الأسد كما لم يكن يوماً ملكاً لغير الأسد الذي يعينهم ويعفيهم من مناصبهم، فلن يكون خيار بقاء منظومته إلا بيديه، وهومن يقرر مصيرهم لا أن تقرر حكومته ورجالاته ذلك..!؟
لن يكون هذا الاجتماع الدولي المرتقب في نهاية الشهر الحالي، وفي مجمل الأحوال، إلا تمريراً للوقت، لغاية إشغال ثوار سوريا ومعارضيها بموضوع آخر سيكلفهم آلاف الضحايا من جديد.
إن وافقت روسيا على قبول إتفاقية جنيف مع إجراء تعديل يشمل تغيير رأس هرم النظام السوري بشار الأسد، فلن يقبلها الأسد، وسيخوض مع إيران وحزب الله ومع ماتبقى من شيعة يصفون إلى جواره هذه الحرب إلى آخر أوزارها.
وفي مقابل ذلك في حال وافقت أمريكا على مباردة جنيف مع تعديل لا يطال حاكم دمشق، فلن تقبله المعارضة، إذاً، فنحن سنكون على موعد في تغيير في موازين اللعبة، كما يقول ذلك الأمريكيون مؤخراً، مادامت المعارضة ستقطع آخر خيوطها مع أمريكا، وبهذا سوف ننتقل إلى معادلة جديدة في الثورة السورية، وهي أنه ماعادت روسيا وإيران تمثلان طرفي المعادلة بالنسبة للثورة السورية، بل ننتقل معهما إلى المركز في هذه المعادلة، ألا وهما: النظام والمعارضة في سوريا، وهما اللذان يخوضان الحرب على الأرض، وبهذا فإنه سوف يتضح بشكل جلي،لا يمكن إنكاره، بعد الآن، أن الحرب لن تنتهي،إلا بنهاية طرف على حساب طرف آخر، ومادام أحد طرفي هذه الحرب هو غالبية الشعب السوري، فلا شك هو الذي سيكسبها، لا النظام، لأن التاريخ لم يبق للأنظمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا يحدث عند معبر رفح الآن؟


.. غزة اليوم (7 مايو 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غزة




.. غزة: تركيا في بحث عن دور أكبر خلال وما بعد الحرب؟


.. الانتخابات الرئاسية في تشاد: عهد جديد أم تمديد لحكم عائلة دي




.. كيف ستبدو معركة رفح.. وهل تختلف عن المعارك السابقة؟