الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا أعلن كيري -الدليل القاطِع-؟

جواد البشيتي

2013 / 5 / 13
مواضيع وابحاث سياسية



بات الآن لدى الولايات المتحدة، وعلى ما أعلن وزير خارجيتها جون كيري، بعد عودته من موسكو، "دليل قاطع" على استعمال نظام حكم بشار الأسد أسلحة كيميائية ضدَّ معارضيه.
وهذا الإعلان (غير المتوقَّع لجهة توقيته) يثير ويطرح أسئلة مهمَّة، منها: متى حصلت الولايات المتحدة على (أو توصَّلت إلى) هذا "الدليل القاطع؟ قَبْل أم بَعْد زيارة كيري لموسكو؟ وهل هذا "الدليل" يكفي لإعلانٍ لاحقٍ تؤكِّد فيه إدارة الرئيس أوباما أنَّ نظام حكم بشار قد تجاوز "الخط الأحمر" الذي رسمه له، من قَبْل، الرئيس أوباما نفسه إذْ أعلن أنَّ استعمال بشار الأسد أسلحة كيميائية (أو بيولوجية) ضدَّ شعبه يُعَدُّ تجاوزاً لـ "خطٍّ أحمر"، وأنَّ هذا التجاوز سيَفْرِض على الولايات المتحدة إحداث تغيير حاسم في موقفها منه، وفي طريقة التعامل معه؟ وما هو "المعنى العملي" لهذا التغيير الذي توعدَّ به الرئيس أوباما نظام الحكم السوري؟ وهل ما ستقدِّمه أنقرة عمَّا قريب إلى واشنطن من نتائح فحوص عيِّنات من دم مصابين سوريين (بأسلحة كيميائية) هو هذا "الدليل القاطع" الذي تحدَّث عنه كيري أم أنَّه "دليل آخر"؟ وهل نَفْهَم التفجيرات التي تعرَّضت لها بلدة تركية حدودية (أيْ على الحدود مع سورية) وأسفرت عن قتل وجرح عشرات المدنيين الأتراك على أنَّها محاولة من جانب نظام حكم بشار لردع أنقرة عن إعلان نتائج هذه الفحوص، وتقديمها إلى واشنطن؟
إنَّني أفترض وأتوقَّع أنَّ الولايات المتحدة كانت على عِلْمٍ، وقبل زيارة كيري لموسكو بوقت ليس بالقصير، باستعمال بشار الأسد أسلحة كيميائية (غاز السارين على وجه الخصوص) ضدَّ معارضيه في بعض المناطق والأماكن؛ لكنَّها، واجتناباً لـ "مأزق الرَّد (وطريقته)"، فضَّلت أنْ تبدو، في تصريحاتها وبياناتها الرسمية، غير متأكِّدة بَعْد، وتتوفَّر على جَمْع الأدلة، والتدقيق فيها؛ لأنَّ الأمر جلل.
ولقد فَهِمَت الولايات المتحدة التفجيرات الإرهابية في البلدة التركية على أنَّها رسالة موجَّهة إليها هي (من نظام حكم بشار). وكأنَّ نظام الحكم هذا أراد أنْ يقول للولايات المتحدة في هذه الرسالة: توقَّفي، ولا تمضي قُدُماً في "عملية الدليل القاطع"؛ لأنَّني يمكن أنْ أنقل "الحريق السوري"، في بُعْدِه الطائفي والعرقي، إلى داخل تركيا، حليفتكم الإستراتيجية، والعضو في حلف الأطلسي؛ وإنَّ بعضاً من معاني هذه الرسالة يتَّضِح إذا ما عرفنا بعض خصائص المكان (التركي) الذي تعرَّض للتفجيرات، و"الأدوات" التركية التي اسْتُعِمِلَت في هذه التفجيرات.
كيري، وعلى ما أفْتَرِض وأتوقَّع، ذهب إلى موسكو وهو على عِلْمٍ بـ "الدليل القاطع"، وقد أحاط به نظيره الروسي سيرغي لافروف عِلْماً (ولم يكن لافروف جاهلاً بالأمر؛ لكنه عَلِم بعد محادثاته مع كيري أنَّ الولايات المتحدة تَعْلَم ما تَعْلَمه روسيا، ألا وهو استعمال بشار أسلحة كيميائية).
وأحسب أنَّ ثمَّة "صلة سببية" بين زيارة كيري لموسكو، وتفاهمه مع لافروف في شأن "المؤتمر الدولي" وبعض أُسُس عقده، وبين إعلانه، بعد ذلك، امتلاك الولايات المتحدة ذلك "الدليل القاطع"؛ فما هي هذه الصلة؟
إنَّها "مصير بشار الأسد"؛ فإنَّ كيري سعى في إقناع لافروف بأنَّ ثبوت استعمال بشار أسلحة كيميائية ينبغي له أنْ يؤسِّس لتفاهم بين الولايات المتحدة وروسيا على "عقابه"، وعلى أنْ يبدأ هذا "العقاب" بـ "تنحيته عن الحل السياسي"؛ وعندئذٍ، تستطيع إدارة الرئيس أوباما أنْ تقول إنَّ بشار الذي ثَبُت وتأكَّد استعماله أسلحة كيميائية قد تجاوز "الخط الأحمر"، الذي رسمه له، من قبل، الرئيس أوباما، وإنَّه قد نال (أو شرع ينال) العقاب الذي يستحق بـ "تنحيته عن الحل السياسي"، تمهيداً لـ "تنحيته عن حكم سورية". ولو اقتنع لافروف بهذا "المَخْرَج" لاستطاع الرئيس أوباما أنْ يَخْرُج على الملأ ليُعْلِن: لقد حذَّرْتُ بشار، من قَبْل، من مغبة تجاوز هذا "الخط الأحمر"؛ لكنه لم يمتثل؛ وها هو يَدْفَع (أو شرع يَدْفَع) الثَّمن.
وكأنَّ كيري غادر موسكو بعدما وَضَع الكرة في ملعبها؛ فالولايات المتحدة ستُعْلِن على الملأ (ولقد أعلنت بلسان كيري) أنَّها تملك "دليلاً قاطعاً" على استعمال بشار أسلحة كيميائية؛ وقد توضِّح، عمَّا قريب، في إعلان آخر، أنَّ هذه "الاستعمال" يُعَدُّ تجاوزاً لـ "الخطِّ الأحمر"، وأنَّ على روسيا، من ثمَّ، وإذا ما أرادت اجتناب ردود دولية وإقليمية غير منسَّقة معها، أنْ تغيِّر موقفها بما يسمح لـ "الحل السياسي"، بجهوده ومؤتمره، أنْ يكون "عقاباً" لبشار، أو بداية "العقاب" له.
موسكو، وحتى الآن، وبعد مغادرة كيري لها، لم تُبْدِ استعداداً لقبول هذا "العقاب" لبشار، أيْ عقاب "تنحيته عن الحل السياسي"؛ لكنَّ الضغوط الدولية والإقليمية لحملها على تغيير موقفها مستمرة، وتشتد.
بشار استشعر خطورة الموقف في هذه الساعة، فَضَرَب ضربته (الرادعة على ما يأمل) في تلك البلدة التركية؛ أمَّا طهران فأعلنت رسمياً "نهاية الحرب في سورية بهزيمة نكراء للمعارَضَة"؛ وكأنَّها تريد أنْ تقول (في هذه اللحظة الحاسمة) إنَّ المعارَضَة هُزِمَت، وسيبقى بشار، من ثمَّ، في صُلْب "الحل السياسي"، أو إنَّ المعارَضَة هُزِمَت، فوَقَع "التدخُّل الخارجي".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عزيزي جواد
فؤاد النمري ( 2013 / 5 / 14 - 05:15 )
الولايات المتحدة تعلم علم اليقين أن روسيا على استعداد لاستخدام كل قواها دفاعاً عن الأسد في سوريا فهي هي من أتى به حاكما مطلقاً على سوريا مغتالاً لثورتها الوطنية ذات الأفق الاشتراكي في نوفمبر 1970 ـ تذكر كيف صدع حافظ الأسد لأمر المخابرات الروسية ورفض التغطية الجوية للدبابات السورية في سهوا إربد والرمثا في أيلول 1970 وكان ذلك بمثابة خيانة وطنية
الولايات المتحدة تخشى مواجهة روسيا على حدودها الجنوبية وهي لذلك تأتي كل يوم بحجة مختلفة تعفيها من التدخل في الحرب السورية بل بلغ بها الأمر منع فرنسا وبريطالنيا من مساعدة الشعب السوري
قيادة الانتفاضة السورية لا تعلم حتى الساعة أن روسيا على استعداد لإشعال حرب عالمية نووية دفاعاً عن عصابة الأسد
المخابرات الروسية تدرك تماماً أن انهيار عصابة الأسد في سوريا يعني تماماً انهيار مشروعها في روسيا ضد الاشتراكية ولو بعد عشرين عاماً
تحياتي


2 - دا بعدك
شامي ( 2013 / 5 / 14 - 12:32 )
روسيا والصين وايران والجيش العربي السوري لن يسمحا بحلمك يا متملق اوباما وموزة بالقيام باي عمل عسكري حاسم ضد الدولة السورية .الهذه الدرجة وصلت بكم الخسة تستعطفون اميركا بالتدخل لقصف سوريا


3 - قراءة موضوعية
زاغروس آمدي ( 2013 / 5 / 14 - 16:54 )
عزيزي جواد البشيتي لاشك في قراءتك الذكية للأزمة السورية، ولاشك ان لافروف في وضع حرج نوعا ما الآن، فالكرة التي اشرت اليها تحير الآن كلا من بوتين ولافروف إلى اين يقذفونها، واعتقد أنهما سينتظرا القمة المرتقبة بين بوتين وأوباما، ومن ثم سيحددان وجهتها، لكن على مايبدو سيتأزم الوضع أكثر وأتمنى أن لايبقى النظام يلعب إلى الوقت الضائع،لأنه سيفقد أعصابه وستزداد المجازر وستتوسع للأسف لأن الوقت ليس لصالح النظام.
النظام سيرفض الإشتراك في أي مؤتمر مع الإئتلاف السوري، إلا إذا كان في سبيل كسب الوقت، النظام السوري ليس كما يعتقد البعض بأنه مع الحوار، اطلاقا فهذا النظام إما أن ينهار كليا أو أن يبقى، لأن الجملة العصبية والعمود الفقري لهذا النظام متورط في سفك دماء السوريين حتى انوفهم،وهم لن ولم يتفاوضوا او يتحاوروا، لأنه ليس لديهم القدرة عن إي تنازل، لأن أي تنازل مهما كان صغيرا فهو يعني بالنسبة للنظام بداية النهاية الحتمية له.

اخر الافلام

.. الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مسجدا يؤوي نازحين في دير البلح وس


.. مقتل وإصابة طلاب بحادثة انقلاب حافلة في كولومبيا




.. رحلات الإجلاء تتواصل.. سلوفاكيا تعيد رعاياها من لبنان


.. ما الذي قدمته إيران إلى لبنان منذ بدء الهجوم الإسرائيلي؟




.. فرنسا.. مظاهرات في باريس تنديدا باستهداف المدنيين في لبنان و