الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعضلة السورية و أفق الحل

إدريس نعسان

2013 / 5 / 14
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


إن سوريا التي تحفل بتنوع عرقي و طائفي و ديني تشكل فسيفساءاً جميلاً لا يمكن له أن يرسم لوحة فنية مكتملة الأركان، بغياب أو إقصاء لون أو عنصر من عناصرها، فكل العناصر و المكونات السورية أصيلة و ممتدة الجذور في تاريخها و حضارتها و لها دور لا يمكن الاستهانة به في رسم خصوصيتها الإقليمية و العالمية و استقطاب المصالح الدولية، فالدول الحليفة للنظام لا تقاتل لإبقاء بشار و عائلته أو لإنقاذ الطائفة العلوية من المجازر و التطهير العرقي كما تدعي، لكنها بكل تأكيد تستخدم ورقتهم للإبقاء على مصالحها الاقتصادية و الثقافية لأنها لا ترى في مكون آخر بديلاً عنهم و بالتالي تتمسك بهم طالما يشكلون السفينة الحاملة لبضائعهم.
الاستثناء يكون لإيران فقط التي لا تحمل سوى مشروع طائفي تهدمه الثورة السورية إذا صعدت القوى الإسلامية السنية إلى سدة الحكم، فإيران تحلم بإكمال هلالها الشيعي و تطويق النفوذ السني في المنطقة الشرقية لتتحول إلى لاعب إقليمي ذو وزن و نفوذ قادرين على التأثير في السياسات العالمية عبر تهديد المصالح الغربية و العالمية في منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد انهيار النظام البعثي السني في العراق و تربع الشيعة على الحكم الذي أعطاها دفعاً قوياً نحو ذلك.
هذا من جهة، و من جهة أخرى فإن الولايات المتحدة الأمريكية و الدول الغربية الحليفة لها و حلفاءها الإقليميين و على رأسهم إسرائيل تتعامل بحذر شديد مع القوى المؤثرة في الثورة السورية، خاصة و أن الأحزاب الإسلامية تقودها سياسياً و الحركات السلفية فاعلة فيها عسكرياً و هم لا يحبذون كلا الطرفين، و بالتالي يغضون الطرف عن ممارسات النظام الموجعة للشعب السوري كضريبة و للحؤول دون تحول الشعب إلى حاضنة لهم و زرع اليأس و النفور منهم و دفعهم إلى البحث عن قوى بديلة لا تشكل تهديداً لمصالحها الإستراتيجية.
للأسف لم يستطع الكثيرون من قادة المعارضة التنبه لهذه العوامل أو ربما لم يحسنوا قراءة الخصوصية السورية بالشكل اللائق، أو لم يكن بمقدورهم الالتفاف على نفوذ حلفاءهم، فاستمروا في خانة عرجاء من الحالة السورية الشاملة و بقيت الثورة هلالية غير قادرة على إثارة شهية نسبة لا بأس بها من الشعب للانخراط فيها و هذه الفئة بقيت في موقف الحيرة و التردد، و إن كانت في حالة بحث عن التغيير منذ عقود من الزمن، فالاستبداد السياسي المتسم بالعلمانية أفضل في رأيها من الفوضى و التطرف التي ستعيد البلاد إلى الوراء و ستخلع عن معظم الشعب السوري حالته الاجتماعية الراهنة و ستضيق عليهم الهامش الذي وفرته له تلك العلمانية.
فشلت و لا تزال إلى الآن، كل مساعي المعارضة في الخارج و لم تستطع الحصول على ترخيص عالمي لها بتمثيل الشعب السوري، فالدول ليست غائبة عن الواقع السوري و لا يخفى عليها غياب الكثيرين من الشخصيات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية عنها، بل و يدرك العالم كله حقيقة واحدة و هي أن سورية يجب أن تمثلها كل أطيافها و مكوناتها حسب خصوصياتها و فاعليتها، و لا يمكن إقامة سوريا جديدة إن غاب عنها أياً من أسسها الحضارية أو ألوانها الزاهية.
حتى الحكومة المؤقتة التي شكلها الائتلاف الوطني، بقيت رهينة أقبية الاجتماعات الخارجية لأنها مصبوغة بصبغة المجلس الوطني السوري و لأن فئات عديدة من المعارضة قاطعتها و لم تجد فيها حلاً لسوريا الجديدة، و لم تجد فيها توجهات شعبية كثيرة ضالتها، فصرفت النظر عنها و عن وجودها.
إذا، الحل في سوريا لا ينتجه معسكر واحد، و لا توقعه أمريكا و حلفاءها فقط و إنما يجب أن تحظى بموافقة و مباركة الدب الروسي الذي يضع كامل ثقله في مواجهة خسارة آخر معاقله في الشرق الأوسط، و من هنا فإن توجه أقطاب من المعارضة إلى روسيا و إيران في بادئ الأمر جاء نتيجة قراءتهم الصحيحة لموجبات الحل في سوريا و إن جر عليهم ذلك الكثير من النعوت و التهم المهينة و انسلخت عنهم سنوات طويلة من التاريخ النضالي المخلص و المضحي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج




.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام