الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة السياسية في المغرب

حميد المصباحي

2013 / 5 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


بعد فوز حزب العدالة في الإنتخابات الأخيرة,و مستجدات الدستور الجديد,حقق الحزب الديني انتصارا مدويا على كل خصومه,فاعتبر نفسه ممثلا للحركات الشبابية التي عرفت بحركة 20 فبراير,رغم موقف الحزب منها الرسمي,من خلال عدم مشاركة شبابه فيها,تخوفا من جمعية العدل و الإحسان,التي راهنت على اكتساح الشارع و الضغط به لانتزاع مكتسبات سياسية,و الضغط على الحكم لتقديم تنازلات من خلال القبول بشروطها التي لا يمكن قبولها بدون آليات التفاوض الفارضة لاستحضار الثقة المتبادلة,فالعدل و الإحسان لم تصرح بوجودها كحزب سياسي راغب في خوض غمار التنافس الإنتخابي,بل إنها أعلنت عدم رضاها على مشاركة حزب العدالة و التنمية,الذي فاز,و قرر تشكيل حكومة,اتسعت لحزب الإستقلال ذي التوجه الليبرالي و السلفي المتنور,إضافة لحزب التقدم و الإشتراكية اليساري,إضافة للحركة الشعبية,المعتبرة ليبرالية في زي أمازيغي عرقي,لتصير صورة التحالف مزيجا غير منسجم,اللهم تلك الوحدة الهلامية التي تجمع بغية الحفاظ على بنية الحكومة كسلطة فاعلة,تسعى لاكتساب شرعية الوجود التاريخي لأحزابها السياسية,كدليل على فعاليتها و دينامية فعلها في المجتمع.
كل هذه المميزات العامة للحكومة ,كان لها تأثيرها على طبيعة فعل المعارضة,التي تاهت في كيفيات خوض صراعات المعارضة,فاليسارية منها,وجدت نفسها محرجة بوجود حزب يساري,و كذلك الليبرالية,فلها داخل الحكومة ما يمثلها أو يقترب من توجهاتها العامة,مما ولد تنافرا حتى في صفوف المعارضة,التي اكتفت بالتحاملات من داخل المؤسسات التمثيلية,الغرفتين,مع بعض الإحتجاجات التي لجأت إليها النقابات المحسوبة على اليسار المغربي,فكيف هي طبيعة المعارضة المغربية في ظل الحكومة الحالية؟
كيف تعارض,ما هي رهانات وحدتها المحتملة,و كيف ستغدو بعد انسحاب حزب الإستقلال من الحكومة,؟
هل سوف يصطف بجانبها,أم سيلجأ إلى طريقة المعارضة النقدية؟و ماهي الخطوات التي ستقدم عليها المعارضة إن تعززت صفوفها بحزب الإستقلال؟؟
1المعارضة اليسارية
تنقسم إلى قسمين,واحدة مشاركة بالبرلمان,لها ممثلوها و فاعلوها,و هي تحاول اللعب بالملفات الإجتماعية,للتقرب من المعارضة غير الممثلة داخل المؤسسات أو ذات التمثيلية الضعيفة,محذرة من اختيارات الحكومية التي تصفها بالدينية نكاية بحزب التقدم و الإشتراكية,المعتبر مسببا لنهاية الكتلة الديمقراطية,التي كان الحلم بالغا في اقتصارها على قوى ديمقراطية اشتراكية بغية التخلص من حزب الإستقلال,لكن هذه المعارضة اليسارية,تشعر بإرث مشاركتها في حكومة التناوب التوافقي,التي أضعفتها و مست إشعاعها السياسي و الإيديولوجي,الذي لن تسترده بسهولة,بل إن تجربتها هي ما مهد لاكتساح العدالة و التنمية للمسرح السياسي و أيضا الشارع,حيث ولدت الإحباطات الكثيرة ميلا نحو الإسلاميين,بما رفعوه من شعارات دينية,وجدت الآذان صاغية لخطابات الوعد و الوعيد,و لتجنب هذا الحرج,حافظت قوى يسارية أخرى,منشقة عن الإتحاد الإشتراكي أو المنشقين عنها لتتقارب مع قوى اليسار الجذري ميدانيا,و بدون رهانات مشتركة,بل تظهر هنا و هناك بعض المناوشات بينها,تغذيها الرغبة في تحقيق مكتسبات و تمايزات سياسية في الممارسة الإشتراكية المغربية,مما حذا بقوى اليسار لخلق تجاذبات و تباعدات ظرفية,لا تسمح بظهور تحالفات استراتيجية بين هذه القوى,ما عدا في الخطابات السياسية بفعل العادات اليسارية في الخطابات و تاكتيكات المرحلة التي يعيشها المغرب,و ربما حتى تشابه فكر الساسة في اليسار الذين يمتحون من المرجعية الواحدة,في كيفيات العمل و بناء التصورات الحاضنة و المطورة للقناعات الجماعية.
2المعارضة الإسلامية
في طليعتها,جمعية العدل و الإحسان,التي انسحبت من حركة 20 فبراير,و تفرغها للفعل السياسي الدعوي,من خلال جمعيات الدفاع عن المعتقلين السلفيين و العدليين كلما مست حريات التحرك في صفوفهم,إضافة إلى عمليات الإستقطاب التي تلجأ إليها استثمارا لتحركاتها داخل المجتمع المغربي,بما تمارسه من أفعال تريد من خلالها تصوير الحكم و كأنه يعاديها من منطلق دينيتها,فهي لا تدعو للعنف لكنها تستعرض قدرتها على ممارسته,و تحديها للحكم الذي تصفه بالمخزني,ربما تقربا من قوى اليسار الجذري الممثل في النهج الديمقراطي الذي أعلن عدم تحرجه من التحالف معها و الدفاع عن معتقليها السياسيين و الدعويين,مما يعني خلق مسافة مع حزب العدالة و التنمية,و اعتبار إسلاميته خاصة به و لا تعني في شئ تمثيله الكلي للإسلاميين المغاربة سياسيا على الأقل.
3المعارضة الليبرالية
أقواها التجمع الوطني للأحرار و حزب الأصالة و المعاصرة,فقد اختار نقدا قويا للحكومة بكل مكوناتها مع التأكيد على دينيتها,التي حتمت عليه مواجهة حزب العدالة و التنمية بشكل مباشر,ناهلا من مواقف بعض اشتراكييه المائلين للبرالية اجتماعية,تستحضر العدالة بطريقتها,و تدافع عنها بشراسة,و قد وصلت المواجهات أوجها دون أن تدفع بالمعارضة اليسارية للتقرب من الأصالة و المعاصرة,الذي أدرك ضرورة خوضه للمواجهة داخل المؤسسات و على صفحات الإعلام المكتوب,مذكرا بعدم ثقته في الإختيارات الدينية السياسية التي لا يمكنها القبول بالديمقراطية إلا مرحليا,و قد ساهمت هذه المواجهات في ظهور الفكر الحداثي المغربي بقوة,و إعلانه للعلمانية كمشروع حداثي لا يمكن عزله عن الديمقراطية,لكن في صيغة مغربية,تقبل بإمارة المؤمنين كمؤسسة لها وحدها حق القول الحاسم فيما يخص المجالات الإسلامية حتى لا تنشط آليات الإفتاء و الحلول السياسية التي تلبس لبوسا دينية تمس بتماسك النسيج الإجتماعي و تدفع به ليعيش تعارضات بين قيمين متعارضين ثقافيا و حتى سياسيا.
خلاصات
بانحياز حزب الإستقلال للمعارضة,أو قبول العدالة و التنمية بمقترحاته,لن يعرف المشهد السياسي المغربي تغيرات مهمة,فالإستقلال يمكن استبداله بحزب آخر أكثر قبولا بما رفضه المنسحبون,لكن التغيرات الأكثر حضورا,و التي تفرض نفسها بقوة,هي إذا أصر بن كيران على ركوب الرياح,بالدعوة لانتخابات مبكرة,لإعادة الترتيب و الحصول على أغلبية مريحة,أو النزول إلى المعارضة ليبدو حزب العدالة و التنمية كضحية للمؤامرات و لوبيات الفساد الرافضة للإصلاح.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يلف أسباب تحطم مروحية الرئيس الإيراني؟ • فرانس 24


.. التغير المناخي في الشرق الأوسط: إلى أي مدى مرتبط باستثمارات




.. كيف يسمح لمروحية الرئيس الإيراني بالإقلاع ضمن ظروف مناخية صع


.. تحقيق لـCNN يكشف هوية أشخاص هاجموا مخيما داعما للفلسطينيين ف




.. ردود الفعل تتوالى.. تعازى إقليمية ودولية على وفاة الرئيس الإ