الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جزيرتى العبيطة المعزوله

حسام شادى

2013 / 5 / 15
الادب والفن


وأنا صغير كنت ككل الأطفال الغير متاح لهم أو لا يسمح لهم الخروج من المنزل للعب فى الشارع مشغول بخلق عالم خاص لى يشمل كل ما هو موجود أو أتخيل وجوده بالخارج ، ولأن البيت هو نطاقى الجغرافى أو كرتى الأرضية وبها كل أماكن العالم بها جزر وجبال وبحار وغابات وبيوت مهجوره ، فكان إنشغالى الأساسى إنشغال بالإكتشاف كأبطال الكارتون ، كالأمير الصغير تائه يتنقل بين الكواكب فكنت مهموم بالبحث عن أى شئ غريب ، العبث بكل شئ ، التقليب فى كل خفى ، وكنت أجد أشياء كثيرة و مختلفة ، أقلام حبر لها أشكال وألوان متنوعة وغريبة ، ولاعات معدنية بعضها أجمل من ولاعات كانت بأيدى أبطال الأفلام الأجنبى ، أوراق مكتوب عليها شعر ، وخواطر ، نوت الشمرلى بألوان وأحجام وأعمار مختلفة بها تفاصيل يومية وحسابات تكلفة لأعمال كثيرة وعناوين ببلاد مختلفة ، رسائل من أبى وهو بالعراق و الأردن ولبنان ، ورسائل من الأسرة الصغيرة له بعضها بخط يدى وأمى ممسكة بها بالتأكيد فتاريخها يقول أن عمرى حوالى سنه وشهرين ، شرائط كاسيت أيضاً كانت ترسل وتأتى مع العائدين والمسافرين ، شنط جلد صغيره بها أشياء كثيرة كتذكرات مختلفة متعاقبة من بلاد مختلفة ، كتب وروايات ضائع أغلفتها فكنت أقرأها دون ان اعرف لها عنوان ولا كاتب .
كان الأجمل الذى إكتشفته صينية بلاستيكية سوداء ، كانت مشروخة ، وبالتأكيد كان هذا هو السبب الوحيد الذى تخيلته وأنا أتساءل لماذا تم وضعها أو الإحتفاظ بها فى بلكونة خلفية معزولة مهجورة متربة ، كانت تطل على أرض مسورة فى ظهر البيت لها مدخل واحد بباب فى الصالة خلف ستارة كبيرة مواجهة لباب غرفتى وكانه باب سرى فى فيلم خيالى ، كان بها بقايا فرن طينى وطوب كانون وألاف الأشياء الصغيرة الملقاة إليها على مدى أعوام فكانت هذه غابتى الكبرى الغامضة وكنت أنا المكتشف الوحيد لها ، كانت الصينية دائرية وعليها رسم لجزيرتين صغيرتين جداً ، بكل جزيرة شخص ، واحدة بها أشجار ملونة ، يجلس على طرفها شخص يضع على قدمه ألة كبيرة طويلة تشبه العود ، يعزف عليها ، كنت أتخيله سكران ومغمضاً عينيه ، والجزيرة الأخرى على طرفها المواجه لحامل العود شخص بملامح صينية وملابس أباطرة الصين القدماء ويحمل فى يده سيف طويل جداً ، وكأنه يشير به مهدداً ساكن الجزيرة الأخرى ، ولا مياه تتحرك ، ولا إلتفات من حامل العود ، وكأنه لا أحد هناك ، ولا جزيرة غير جزيرته .
ولأنه لا أحد يشاركنى المسرحية التى تخيلتها بحوارات مختلفة بين الشخصين فكنت أقوم أنا بالدورين ، كمثل قيامى بالأدوار المختلفة فى لعب البلى والشطرنج والكوتشينه والحرب البلاستيكية وعسكر وحراميه والدبه والتيرو ومسرحياتى الخيالية ، فكنت احياناً أكون منحازاً لرجل الموسيقى الطيب وأحياناً لرجل الحرب الشرير ولم أستقر على أحدهم فلم ينتهى الصراع . ولم اخرج من الغابه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو


.. في عيد ميلاد عادل إمام الـ 84 فيلم -زهايمر- يعود إلى دور الس




.. مفاجآت في محاكمة ترمب بقضية شراء صمت الممثلة السابقة ستورمي