الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محجبة في منتصف الثمانينات

محمد ثامر

2013 / 5 / 15
الادب والفن


.كانت السنة الاولى في الكلية... بغداد نجمة من أزاهير ....حلية من ورد... مدينة بجدران من فضة ...ونساء من نور...لم يكن غيرها محجبة في الكلية كلها...كلية الاكابر هذه...كانت عصية على السوقة..لا يرتادها الا من كان ذو حظ عظيم ..ومع ذلك فهي هنا...الكلية وكر من أوكار الأمن...جناح من اجنحة الملوك والاكاسرة... لا يدانيه القساوسة والرهبان ...ومع ذلك فهي هنا ...ومحجبة بخلاف الاف النساء الماجنات...تنحدر من سلالة أور...مثلها مثل شبعاد التي تعتمر التاج المرصع بالورود...كان حجابها اصفرا ...قاتلا...لطالما اقتاده من وسط زحمة الاخيلة..الى حيث لا ينتمي...لطالما أستوقفته رهن مشيئتها....لطالما ذرته هو وألاف من أمنياته.. وامطرت عليه جراح من أعماق النسيان...لطالما هددته بأن لا يكون....أو لا يمضي معها..
في المكتبة حيث يجتمع الناس ليقرءون ..كان ينزوي وحده خلف جدران الكتب المستعصية على النسيان...المهاجرة نحو أعماق البقاء ...كانت تجيء..تبحر فيه مرة أخرى إلى المدن السومرية.... إلى لحن قيثارة تشق ألهور.... تبعث فيه نخيلا .
امرأة سمراء...ساقها تجبرها نحوه ..وسحقت وجله..واستوقفته....هنا يبدأ التاريخ ...يبدء منها..هنا ستنتهي...اليُها..انت تقول انك متمرد...لا ..انهي عصيانك معها...تسلق قافيتها...ابجديتها.....فهي شبعادك....مذ كانت..... حجرا..أو وهما..هي اخر الزمان لك...فأتعظ.
سمراء تعلن الرفض دائما وتهزء وتسخر ...ولا تستجيب...سمارها هذا.. لحن حب في الفهود..امسية.. خلف دلال متقدة...حقل ربيع أت.
في الصباح كان ينتظرها لكنها لا تعبأ...تجلس حيث تشاء ولا تكترث...يغير مكانه بحثا عنها ...يشاطرها طاولة مستطيلة تتسع لألاف البشر لكي يقترب منها ..أو يدنو حتى لا يكاد المكان يتسع لأثنين ...تغادر إلى طاولة جديدة...لا يشاركها فيها أحد..ولا تترك له مكانا يمكن ان ينسل اليه...هكذا ينتهي صباحه دائما بالرفض.
في المكتبة تقرء كتبها فقط ...لا تقرء أي كتاب اخر ..وهو يقلب الاف الكتب ..قصائد السياب..دواوين قباني..ملاحم المتنبي...ثم غزل نازك الملائكة... بالليل والقطار ..ولحنها مر القطار...يقلب الاف الاشعار أمام عيونها وهي لا تقرء شيئا..وفي اليوم التالي يعود ليهدر أي محاضرة ..لمجرد ان يحضى برفضها له ..بتوقفها عنه .. ببخلها في معيته...كان أذا جلس معها على نفس الطاولة...استنشق عبق الهور...رائحة الارض... زهو الوطن الرافض ...فيستطيب الجلوس يستطيب أن تهمله..مثلما تهمله هناك اساطير الرفض في مدن الجنوب..وينتشي من رفضها..من مقاطعتها له ...من عدم اكتراثها...كان يخترق الصمت الذي يجمع بينهما لبرهة إلى احاديث واغاني...يستجمعها في لحظة السكوت ..متوهما...مستوحشا.. ان ترد عليه...ان تبادله أي لغة حتى لو كانت لغة الصمت ذاتها...المهم ان لا تسكن هكذا أو تغادر أو تهجر المكان...فاللحظة ملئ المكان ..وهو اخر من يفكر ان يستدركها ..لا لشيء الا لمجرد ان يحلم ..ان يبوح...ان يستمر في وطن لا يستغني عنه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي