الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسؤول بعثي شُجاع ..

صباح كنجي

2013 / 5 / 16
كتابات ساخرة


لمعَ اسمُ الرفيق موفق ـ أبو ليلى بين اقرانه البعثيين كالبرق في الموصل .. عرفَ إنهُ لا يهابُ أحداً.. لا يراعي أو يستثني كبيراً أم صغيراً من المتواجدين حوله.. إذ تعود أن يطلق العنان للسانه السليط متوعداً شاتماً من يتخاذل في تنفيذ الواجب.. مؤكداً أن لا مكان للجبناء في صفوف دولة البعث .. هكذا أعدَّ جهاز الأمن الأرض له.. مهد لقدومه المبجل قبل أن يصل لأستلام مسؤولية حزب البعث في قضاء الشيخان بشهرين ..
الآن قد وصلَ .. عليه أن يكمل رسم اللوحة المخيفة المفزعة من خلال جملة إجراءات رسمت له بدقة.. في مقدمتها التعامل مع الناس .. كل الناس في الشيخان وتوابعه بمنطق الشك وعدم الثقة.. الذين تمرسوا على فن أخفاء رغباتهم وميولهم المتعاطفة المساندة للثوار والمعارضة بقدرة ووسائل فاقت وتجاوزت اجراءات السلطة المتشددة وقمعها المتواصل..
عليه بالرغم من عدم الاطمئنان لهم .. الحذر منهم .. أن يبتكر طريقة للوصول اليهم لا تعكس قلقه.. صمم على تجاوز مشاعر الخوف والضعف أمامهم.. قرر نفشَ روحه كطاووس مطلوب منه أن يتمخطر للسطو والسيطرة بهالة تبثُ الرعبَ والوجل لتخويف الفلاحين والقرويين .. المطلوب منه أن يكون نموذجا ً لرجل السلطة المستبد.. القوي.. المخيف.. كياناً ترتعدُ له الأوصال ..
بدأ الرفيق موفق ـ المسؤول الجديد.. عهده في استدعاء الناس من مختلف القرى تباعاً .. حثهم على عدم استقبال مفارز الأنصار.. نعتهم بالمخربين الجبناء من خفافيش الليل.. حينما استقبل أهالي هسنكا مع المختار محمد رشيد طلب منهم أن يستغفلوا الأنصار الشيوعيين الجبناء عند دخولهم بيوت الفلاحين .. يهجموا عليهم .. يكتفوهم لحظة تناولهم للطعام وإنشغالهم بالأكل وتسليمهم للسلطة لقاء مبالغ مجزية تعهد بضمانها وإيفائها بحكم الصلاحيات التي مُنحت له من القيادة..
عندما حاول المختار مناقشته.. بقوله:
ـ أن الشيوعيين يدخلون القرية كالذئاب لا ينامون إلا بعين واحدة..
لم يدعه الرفيق موفق يكمل جملته.. مختار شنو هذا الوصف.. شنو ذئاب.. هذولة خفافيش ليل.. مثل ما كتلك.. استغل وكت العشاء .. جرب غافلهم.. كتفهم هذي مو صعبة تراها سهلة.. أسهل مما تتصور.
لم نكن من السامعين للحكاية عندما توجه عصر ذلك اليوم البير كمال ـ جاويش مع النصيرين خليل جندي و أبو أحمد قلو للتسلل إلى مركز قضاء الشيخان في مهمة محددة تستهدف حراس البانزيخانة داخل المدينة.. هيئنا لهم لتسهيل المهمة ملابس للجيش الشعبي بالرغم من عدم تطابق القياسات على اجسامهم. تحول منظر ابو أحمد قلو المضحك .. جسده الضخم .. طوله الفارع.. مع البنطلون القصير الضيق .. ساقيه المكشوفة .. صدره المفتوح.. لشبيه يؤدي دوراً في سيرك..
جاويش كعادته غامر في الدخول مع حلول الظلام.. حاول أن يكون طبيعياً وهو ينتقل من مكان لآخر.. عند البوابة الرئيسية للمستشفى مرقت من أمامهم سيارة تويوتا جديدة .. تجاوزتهم عدة أمتار لتعود .. أطل الشخص الذي يجلس في مقدمة العربة مع ابن سيد موسى صاحب طاحونة الشيخان رأسه مستفسراً:
ـ هاي ليش انتو أهنا.. مو بالربيئة المخصصة لكم؟!..
بهدوء استفسر منه جاويش.. منو حضرتك؟!
أجاب السائق بالنيابة عنه ليعرف السائل على هوية من معه.. الرفيق موفق ـ ابو ليلى.. نحن في جولة تفقدية..
لم يتردد جاويش .. أتته الفرصة.. لن يضيعها سيستبدل المهمة.. يؤجل تجريد حُراس البانزينخانة لوقت آخر.. بهدوء انتزع بندقيته من كتفه وجه فوهتها نحو محدثه.. لا تتحرك .. سلم نفسك .. هيا انزل.. سارعت يده في التقاط المسدس وإنتزاعه من خاصرته.. أمره بالنزول .. أعقبه السائق المنتمي لعائلة وديعة مسالمة وهو يحدق متفرساً في الوجوه .. أدرك انهم من الأنصار سلمَهم الكلاشنكوف مع المسدس دون أن ينبس بكلمة ..
بدأ الرفيق موفق بالبكاء .. توسل.. ترجى.. كي لا يأخذوه .. دخيلكم أنا معلم فقير اتركوني .. قرر جاويش ومن معه في لحظة عطف الاكتفاء بأخذ السلاح منهم .. عادوا بدلاً من استهداف حراس البانزينخانة محملين بسلاح الرفيق موفق وسائقه..
القرويون وحدهم اكتشفوا خفايا المفاجأة.. وحدهم أهالي هسنكا أدركوا.. الذين كانوا مع المختار عرفوا .. أن الشخص الذي انتزعَ منهُ السلاح داخل مدينة الشيخان .. لم يكن إلاّ ذلك المسؤول الرعديد موفق الذي طلب منهم تكتيف خفافيش الليل .. الأنصار الشيوعيون الذين اقتحموا عرينه ليجردوه من سلاحه بعد ساعاتٍ من ذلك اللقاء..
ـ مقتطف من حكايا الأنصار والجبل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من روائع الانصار
عبد الحسين طاهر ( 2013 / 5 / 16 - 11:21 )
استاذ كنجي قصة رائعة يسلم قلمك لو .....اللابتوبك ولك الشكر


2 - قصص بطولية
حسين طعمة ( 2013 / 5 / 16 - 13:42 )
العزيز صباح حكاية من سفر نضالي مجيد ,لا زال الكثير منه في ذاكرتكم لم يرى النور بعد .هي دعوة لكم جميعا ,لكل المساهمين بهذا السفر الخالد نقول ,حبذا لو سجلتم تلك الفترة التأريخية من نضال شعبنا في قوات الانصار الخالدة في ضمير شعبنا .شكرا لك ولكل الابطال الانصاريين


3 - صفحات مشرقة.
أحمد حسن البغدادي ( 2013 / 5 / 18 - 01:53 )
تحية لك إيها الرفيق.

مع الأسف، كانت محاكمة صدام حسين، محاكمة غير متكاملة، فقد كانت من جهتين فقط، هما الأحزاب الكردية، وحزب الدعوة، وهما شريكين مع البعث في مأساة الشيوعيين والعراق عام ١-;-٩-;-٦-;-٣-;- في ٨-;- شباط الأسود، كنا نتمنى أن تطال هذه المحكمة جريمة ٨-;- شباط، والتي فاقت النازية بوحشيتها.
وأضم صوتي للأخ حسين طعمة، وأرجو منك أيها الرفيق، أن تنشر لنا مذكراتك في كتاب، ليكون شاهد إثبات للتأريخ على مدى شجاعة وتضحيات الشيوعيين العراقيين، إسوة بكتاب ، سجين الشعبة الخامسة.

تحياتي...


4 - توضيح
أحمد حسن البغدادي ( 2013 / 5 / 18 - 11:23 )
أود أن أبين التأريخ في تعليقي، وهو سنة 1963 و 8 شباط.

تحياتي..


5 - هل شاهدتم بطل البعث في صاغول الجريدي؟
حميد كركوكي ( 2013 / 5 / 18 - 11:30 )
أي والله قصة ممتعة عاشت روحكم الفكهة وقلبكم “القرمزي” ❊-;- مو شفنا البطل يخرج من الصاغول مثل الجريدي و يكول بال أنگريزي مكسر:-
Iam Sadam presedint of Iraq, Iwant talking)n ) خسه لهل بچم❊-;- و چفيان شركم يا شراذم الصحراء الأردنية الأنگريزية!

❊-;-قرمزي = الأحمر
❊-;-بچم = تركي للشكل أو جمعها “ شكولات” أستعملت في العراقية العثمانية

اخر الافلام

.. كل يوم - -ثقافة الاحترام مهمة جدا في المجتمع -..محمد شردي يش


.. انتظروا حلقة خاصة من #ON_Set عن فيلم عصابة الماكس ولقاءات حص




.. الموسيقار العراقي نصير شمة يتحدث عن تاريخ آلة العود


.. تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على آلة العود.. الموسيقا




.. الموسيقار نصير شمة: كل إنسان قادر على أن يدافع عن إنسانيته ب