الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجهل المقدّس والجهل المؤسّس

سامي بن بلعيد

2013 / 5 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


هكذا قالها محمد اركون .. الجهل المقدّس والجهل المؤسّس .. ويعتبرذلك توصيف دقيق جدا لحال الشعوب العربية نخباً وعوام
دعونا ننظر بعدل الى محتوى هذه الجملة الصغيرة دون استعراض ولا نفخ ريش ولا كبيريا عربي سقيم , دعونا ننظر الى واقعنا المرير بواقعية وحيادية ونجرّب ولو للحظات بأن نكون بشر بكيان انساني رحب يستخدم العقل والمنطق ويجعل اللين والقبول والتكامل قاعدة للحوار عوضا عن الغلوا والاقصاء والعشوائية وغيرها من الصفات العربية الراهنة

ونبدأ رحلتنا على مرابع المتأسلمين ومن يمثل قبلتهم وماذا يدور على ظهر الواقع على مدى السبعة عقود الاخيرة تقريبا وبالتحديد منذ قيام أول ثورة عربية 1946 الى يومنا هذا وسنتلمّس بطريقة سريعة على رؤوس الجروح نظرا لكثرتها وسنكتفي بالتنويه الى اهمها

الشعوب ذهبت الى ثوراتها بطريقتها العاطفية الانفعالية وقدمت الملايين من الشهداء وقدمت الكثير من الخسائر وفي مراحل معينة كانت لدينا شذرات من المثقفين والقيادات البارزة ونهضت الحياة من جوانب مختلفة وكان المجال مفتوحا نوعا ما للحريات وبالتحديد في العقد السادس والسابع من القرن المنصرم ولكن المرض كان يسري في الجسد دون علم العقول النائمة وأستطاعت عائلة آل سعود من خلال شبكات تجهيل ديني مقدّس من جهة وتأمر مع القوى الصهيونية العالمية من جهة ثانية أن تنفث سمومها على مختلف ارجاء البلاد العربية وأجهضت الثورات ذات الشكل الديمقراطي نوعا ما حينها وأسست لها شبكات تجهيل وسخّرت كل ثرواتها لصناعة الثورات المضادة التي استطاعت من خلالها تكوين ركائز تابعة لها ويخضعون جميعهم لقوى التسلط والاستكبار العالمي , ومن أخطر الاعمال التي زرعتها العائلة والاسلام السياسي هي توسيع الفجوة الحضارية بيننا وبين العالم وتوسيع ذلك الخلل الحضاري الذي اصاب كينونة الامة من زمن طويل لحتى فقدت الصلة بالعقل النقدي التحليلي وتشوهت صحتها النفسية أكثر مما كانت عليه من قبل

وبينما نحن نعاني من الجهل المقدس الذي يدفعنا نحوا الظلام ويذهب بنا عكس حركة التطور العالمي ظهر لنا نقيضه ( الجهل المؤسس ) الذي يمثله العلمانيين الذين تجاذبوا أحداث الواقع مع المتأسلمين ومزقوا الشعوب شر تمزيق , الاول يعيدنا الى الخلف برجعية ظلامية وقداسات جاهلة وتوابيت وخرافات لا تمت الى الدين الانساني بصلة والثاني يهرول بالجماهير الى الامام دون اي استراتيجية تنموية جامعة , يهرول دون أن يمتلك فرامل ولا مرايات عاكسة ( العقل النقدي التحليلي ) مارس الاخطاء بنفس فداحة المتأسلمين وكل طرف منهم يدعي الغبن من الآخر ويدعي النزاهة لنفسه وجعلوا الشعوب تعيش في جحيم البرزخ الذي وقع بين مطرقة الجهل الديني المقدس وسندان الجهل العلماني المؤسس

نقيضان لنفس عملة الجهل التي يتجلى فيها الاقصاء والصراع والتعصّب ومرض النرجسية وبارانوبا السلوك والتفكير والجدير ان أولئك قد اصبح من سابع المستحيلات إقناعهم وجرّهم نحو منطق البناء والتلاقح والتكامل والسبب يعود الى ذلك الخلل الحضاري الذي أصاب ماهية الانسان العربي الذي أصبح عقله يشبه الطبق الذي يحفظ المعلومات عن الماضي أو يقلدها وينقلها من الشرق والغرب لاسباب البنية السلوكية العاطفية الانفعالية التي ألغت دور العقل التحليلي النقدي المحايد وذلك الخلل لا يمكن اصلاحه بالتفكير بعقول الاخرين ولكن بالتفكير بالعقل ذاته أي إعادت النظر بالعقل في العقل ذاته كما قال الجابري من أجل التمكن من اصلاح الذات لتصبح في مقام الوعي الانساني الناضج والقادر على قراءة التأريخ ومتغيراته والقادر على القيام بالثورات التي تمتلك أفكار البناء وليست الثورات القائمة على غرس الاحقاد والكراهية والتعصب

فلا فرق بين شيخ كبير أو صغير من المتأسلمين ولا فرق بين علماني بشهادة عالية أو بغير شهادة فالكل يختلف ويتصارع مع ذاته ومع من حوله وكل طرف شايف نفسه ولدى كل طرف اعتقاد ان الاوطان لا يمكن ان تقوم لها قائمة الا اذا حكم هو ومن معه من الاتباع ولا زالوا في سباتهم العميق ... والحلول ممكنة في حال اصلاح الذات المعطلة التي إذا ذهب الى اوروبا ومارست التفاهات تعتقد انها قد نالت مالا يناله احد من التقدم أو تذهب الى افغانستان وتعتقد انها قد استلمت مفاتيح الجنة أو تكون من الاقليات وتعتقد انها الفرصة للانقضاض ومساعدة كبار الحرامية العالميين على التوسع داخل الاقطار العربية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا