الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة بنكيران ... بين مطرقة الفشل و سندان المؤامرة.

مهدي الحبشي

2013 / 5 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


زلزال سياسي قوي ذاك الذي ضرب المملكة المغربية نهاية الأسبوع المنصرم، عقب قرار حزب الاستقلال، و هو الذي يشكل ثاني أقوى حزب داخل الحكومة من حيث عدد المقاعد في البرلمان ( 60 مقعداُ)، الانسحاب من الائتلاف الحكومي المكون من العدالة و التنمية و التقدم و الاشتراكية، و الحركة الشعبية، إلى جانب الحزب المعني بالانسحاب. قرار كاد يعصف بالحكومة الملتحية لولا تدخل ملكي طالب فيه الأمين العام لحزب الاستقلال بتأجيل الانسحاب إلى حين عودته من فرنسا و مناقشة الأمر.

و حتى لو فرضنا أن الملك نجح في إقناع الاستقلاليين بالعزوف عن هذا القرار نهائياً، و الاستمرار في تأدية واجبهم داخل الحكومة حتى نهاية الولاية في 2016... فهل سوف يمر هذا الحدث مرور الكرام ؟ و هل ستقدر الأطراف المعنية بالأمر على تجاوز الخلاف و غض الطرف كأن شيئاً لم يكن ؟ ألن يعجز بنكيران عن تطبيق مبدأ "عفا الله عما سلف" هذه المرة ؟

ما حدث، حتى و إن لم تنجم عنه أضرار مادية ملموسة بفضل تدخل الملك، فسيكون من الصعب تجاوز أذاه المعنوي. فبنكيران، باعتباره يخوض أول تجربة له كرئيس حكومة و أول ولاية حكومية لحزب العدالة و التنمية، سوف ينظر إلى مبادرة حزب الاستقلال على أنها مؤامرة خبيثة تحاك ضد حزبه و ضد تجربته الحكومية من طرف الاستقلاليين. فمن المعروف أن الاستقلال كان إلى وقت قريب و لا يزال، أضخم الأحزاب المغربية و أقربها للآلة المخزنية و بالتالي المفضل لديها، تحكي الوثائق المسربة مؤخراً عن تواطئه مع وزارة الداخلية في تزوير انتخابات 1977 مقابل حصوله على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، و من يدري ؟ ربما امتيازات أخرى حصل عليها عقب هذه المساومة، ساهمت في جعل الحزب غولا ضخما كما نراه اليوم. حزب الاستقلال هو كذلك من فاز بالانتخابات ما قبل الأخيرة (2007) و حقق المركز الثاني في الأخيرة... أمور تبرز بالملموس قوة الحزب في المشهد السياسي المغربي و تصدره للائحة الأحزاب المغربية تاريخياً. نجاح تجربة بنكيران و " مخططه الإصلاحي " يعني بالضرورة تنامي شعبية حزب العدالة و التنمية، و ذلك على حساب باقي الأحزاب و على رأسها الاستقلال الذي سيكون أكبر المتضررين، فهو لا يضمن أن حزب المصباح سيقبل به حليفاً في كل مرة ينجح فيها في تصدر الانتخابات كما حصل في 2011، خاصة أن المواطن المغربي فقد ثقته في الأحزاب الكلاسيكية كلها، و نجاح العدالة و التنمية في تجربته هذه، يعني تشبث الشعب بهذا الحزب و منحه ثقة طويلة الأمد و ولايات أخرى ... بل لربما يساهم ذلك في حصول العدالة و التنمية على أغلبية في قادم الاستحقاقات الانتخابية الأمر الذي سيغنيه عن التحالف مع أي حزب كان مستقبلا، و في ذلك احتراق أوراق باقي الأحزاب الكلاسيكية... كل ذلك رهين بنجاح التجربة الحكومية الحالية. هذا السيناريو لن يقبله حزب الاستقلال مطلقاً حتى لو كان جزءاً من الائتلاف الحكومي، و ذلك في إطار مقاومته لحفظ مركزه على قمة الهرم الحزبي المغربي و عدم خسارتها لمصلحة بنكيران و جماعته. هكذا سوف يفكر الاستقلاليون و حتى بنكيران و كل معني بمستقبل حزب العدالة و التنمية و حزب الاستقلال، مما سيخلق حالة من انعدام الثقة بين أكبر حزبين داخل الائتلاف الحكومي و هنا سيحصل الخطأ ! فحكومة غير متماسكة، يطبعها انعدام ثقة متبادل بين أهم مكوناتها لا يمكنها أن تحارب الفساد، و لا إصلاح الأوضاع الاجتماعية و لا إنقاذ الاقتصاد من الانهيار ... فقط تطاحنات و صراعات تغذيها المصالح الحزبية و لا تخدم المواطن و المجتمع بشيء. سيناريو كهذا، يعني بالمباشر فشل هذه التجربة الحكومية و احتراق ورقة العدالة و التنمية، و يكون بذلك قد ضيع فرصته التاريخية في فرض نفسه حزباً مفضلاً لدى غالبية أفراد الشعب المغربي على غرار توأمه التركي بقيادة رجب طيب أردوغان. و يصبح حزب المصباح مجرد ذكرى جميلة و مؤلمة في نفس الوقت، تماماً كما حصل للاتحاد الاشتراكي من قبله. لأن المغاربة قد نفذ صبرهم حيال الوضع الاجتماعي الراهن و لن يمنحوا حزب المصباح أكثر من فرصة واحدة لإثبات جدارته بثقتهم.. و حين يكتمل هذا المشهد ستعود الأحزاب الانتهازية و المخزنية و "الإدارية" للاستفادة من الوضع السياسي بالبلاد بطرقها الملتوية المعروفة، و يستمر بذلك الفساد و الاستبداد و قد ينجر المغرب إلى ما لا تحمد عقباه.

بوادر هذه الأزمة لاحت في الأفق منذ أن برزت إمكانية تحالف بنكيران مع الاستقلاليين من أجل تكوين حكومة رفعت شعار " الحرب على الفساد و الاستبداد "، فقد عابت مجموعة من التحليلات السياسية على بنكيران إقدامه على هذه الخطوة، باعتبار الاستقلال كحزب حصل على عدة ولايات من قبل لم ينجح في محاربة الفساد بل لربما ساهم في استفحاله و حمايته... الفساد لا يحارب اذن برموزه. كما أن حكومة تعج بالفوضى الإيديولوجية و تتكون من أحزاب محافظة و أخرى " تقدمية " و أحزاب يمينيه و أخرى يسارية تدعي وراثة الحزب الشيوعي المغربي، إلى آخره من التناقضات داخل الحكومة الواحدة... لا يمكنها إلا أن تجعل البلاد تعيش حالة من الفوضى السياسية. بنكيران و حزبه و كذا حكومته في موقف لا يحسدون عليه، بين مطرقة فشلهم حتى الآن في إجراء إصلاحات جوهرية و حقيقية و سندان الخصوم ذوي الخبث السياسي الكبير و التفكير المصلحي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تساؤلات داخل إسرائيل حول التحول بالموقف الدولي ضدها بعد اعتر


.. نتنياهو: اعتراف دول أوروبية بدولة فلسطينية -مكافأة للإرهاب-




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تناقش اعتراف 3 دول أوروبية بفلسطين


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين تنشر مشاهد تظهر لحظة أسر مجندا




.. مظاهرة في القدس لعائلات جنود الاحتلال القتلى في معارك غزة