الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تنمية الإقتصاد الوطني أمْ حماية الإقتصاد الطفيلي المافيوي!

عبد علي عوض

2013 / 5 / 16
الادارة و الاقتصاد


ليس بخافٍ على أحد أنَّ الأهداف ألتي تقف وراء الصراعات السياسية الجارية في الساحة العراقية هي الإستيلاء على السلطة ومن خلالها على ثروات البلد والتحكم بالمال العام لصالح الفئة المسيطرة بصرف النظر عن الشعارات ألتي ترفعها الجهات المتصارعة.
توجَد قاعدة مألوفة على صعيد صياغة النظريات والقوانين العلمية والإجتماعية والتشريعية، وهي أنّ خروج تلك الصياغات إلى حيّز الوجود وتطبيقها عملياً لأول مرة، غالباً ما تظهر فيها بعض الثغرات والنواقص، ثمَّ يتم تلافيها عن طريق إجراء التعديلات والإضافات اللازمة كي تصبح أكثر ملاءمةً لتلبية حاجات البلد و المجتمع. بيدَ أنّ الذي جرى ولايزال يجري على الصعيدَين التنفيذي والتشريعي هو عكس تلك القاعدة!... حيث إستُغلَّتْ الكثير من نواقص وقصور القوانين للتغطية على عمليات الفساد «الفساد المُقنّن» وفي مقدمتها الفساد الإقتصادي. في بداية سقوط نظام البعث الفاشي تَفشّتْ ظاهرة الحواسمُ فقد جرى الإستيلاء على عقارات الدولة وأزلام البعث وتحويل ملكيتها بعقود شراء رمزية أو وضع اليد عليها من قِبل أحزاب العراق الجديد بدلاً من أنْ تكون عائديتها تابعة إلى وزارة المالية!..لكن إتّضحَ فيما بعد إنّ أخطر عمليات الحوسَمة هي تلك ألتي تمثّلتْ بالسطو على البنوك قامت بها المجاميع الرثّة مادياً و أخلاقياً وإجتماعياً وسياسياً وثقافياً، أي الشريحة المنحطة والمنبوذة مجتمعياً، وقد رصَدتُ أشخاصاً من تلك العيّنة وليس كما يقول المثل «سمعتُ مِمَّنْ سمعَ»، أصبحوا يمتلكون العقارات ويجوبون عواصم العالم وأكثر رحلاتهم إلى جنوب شرق آسيا من أجل النضال الجنسي!.. هذه الشريحة لم تكتفِ بسرقة المال العام، بَل ولَجتْ عالم التجارة وأغرَت السوق الداخلية بالمستوردات الرديئة، ولكي تحمي نفسها ولاتقع تحت طائلة القانون وتُلاحَق قضائياً مستقبلاً، إنضوَتْ تحت خيمة أحزاب السلطة. هنالك مؤشرات تثبت ،ليس تلكؤ بسبب عدم الكفاءة، إنما تواطؤ السلطتين التشريعية والتنفيذية مع التخريب والفساد الإقتصادي حمايةً لمافيات «إقتصاد الظل» ألتي أضحَتْ مصالحها متشابكة ومرتبطة بالجهات الرسمية القابضة على السلطة. ومن تلك المؤشرات ألتي تعكس الواقع المأساوي ألذي يعيشه الإقتصاد العراقي الواقع تحت هيمنة المافيات الإقتصادية هي كالتالي:
• لم يجرِ تعديل القانون الخاص بالبنك المركزي من قبل البرلمان العراقي، بما يخدم الإقتصاد الوطني والحد من تهريب العملة الصعبة بغطاء قانوني، بَل بقيَ قانون الحاكم المدني ،برايمر، ساري المفعول.
• عدم تشريع نظام ضريبي متطور يساهم في تكوين الناتج القومي الإجمالي.
• المماطلة وعدم الإسراع في إنجاز شبكة الهاتف الأرضي المتطورة تكنولوجياً، لكونها تؤثر سلباً على العوائد المالية لشركات الهاتف المحمول المملوكة من قِبل بعض ألأحزاب.
• عدم الجدّية في النهوض بالواقع الصناعي لأنه سيؤدي إلى ضرب مصالح طبقة التجار الطفيليين ألتي تعتاش على تسويق المنتوج الأجنبي.
• الخرق والإستخفاف بقانون «الرقبة*» الخاص بالأراضي الزراعية، الذي أدّى إلى تجريف البساتين من قبل مالكيها والذي بدوره تسبّبَ في تكرار العواصف الرملية وإرتفاع درجات الحرارة والتلوث البيئي.
• عدم الإكتراث لحدوث الكوارث الطبيعية وإتخاذ الحلول الكفيلة لتفاديها، وهذا ما حصل مع فيضانات الأمطار وما نجم عنها من مأساة بشرية وإقتصادية. كان بالإمكان شَق جداول مبطنة تسيطر على مياه الأمطار والتحكم بها وتوجيهها بين السدود والأنهار والأهوار حسب الحاجة.
وأخيراً الخطوة اللاحقة ألتي يسعى لإنجازها مجلس الوزراء والبرلمان هي الهرولة للإنضمام إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2016. أسأل أولئك المهرولون أصحاب مشروع الدخول إلى تلك المنظمة: ما هي الشروط التي تصب في مصلحة الإقتصاد العراقي الريعي في الظروف الراهنة، وهل ستسمح الدول المتقدمة إقتصادياً المنضوية تحت لواء تلك المنظمة للإقتصاد العراقي بالنهوض الشامل لكل فروعه؟ لن يكون ذلك مطلقاً، بَلْ الإنضمام سينعش التجارة الطفيلية المدمّرة للإقتصاد الوطني.
إنَّ كل مَنْ هو مهتم بالشأن الإقتصادي العراقي، يطرح أراءه ومناشداته البنّاءة لخدمة وإزدهار إقتصاد بلده الذي ينعكس إيجاباً على رفاهية مجتمعه، لكن وللأسف لا يؤخَذ بتلك الآراء والمناشدات النابعة من تحليل علمي، إنما يجري تجاهلها و رميها في سلة المهملات. لاعجب من ذلك، حينما تصل درجة الإستخفاف إلى حد الإستهانة بدم الإنسان العراقي، فالرأي الأكاديمي لا يساوي أية قيمة عندهم.
ــــــــ
* قانون الرقبة يشترط على مالك الأرض الزراعية أنْ يحافظ على صيغتها وطبيعتها الزراعية، حتى وإن تمّ بيعها، تبقى وتُستغَل للنشاط الزراعي فقط من قِبل المالك الجديد، ولايجوز تحويلها لإستخدامات أخرى.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هو الموعد المناسب لشراء الذهب ومع انخفاض الدولار هل نحتفظ


.. سعر جرام الذهب عيار 21.. سعر الذهب اليوم يسجل 3175 جنيها




.. هل تسمح الأعباء الاقتصادية لإسرائيل بفرصة فرض حكم عسكري على


.. إبراهيم رئيسي.. هل تحتدم المنافسة على خلافة خامنئي؟




.. الذكاء الاصطناعي ساحة منافسة ضروس بين شركات التكنولوجيا العم