الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقد عن الإنفجارات

سيومي خليل

2013 / 5 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


في مثل هذا اليوم ، وقبل عقد من الزمن ، إمتد خيط من الذخان عاليا فوق المدينة الهادئة ،إلا من أصوات أبواق السيارات ، وذخان عوادمها الكثيرة ، وصراخ الباعة المتجولين . لقد سمع ذوي إنفجارات متعددة ، تلتها مشاهدة جثث ملقاة بشكل سوريالي -تراجيدي، و تم جمع أشلاء إلتصقت بالأرض كأنها باتت قطعة منها ، وفي الأخير كان هناك دمار غير متوقع .لقد كانت الفكرة المستنتجة عند جميع المغاربة كالتالي ؛ لقد وصل الإرهاب المغرب .

أمام هول الفكرة ، وضبابية المشهد ، والخوف الشديد من جر المغرب إلى حالة من اللاإستقرار ، تحركت الآلة الأمنية بثقلها بشكل كامل ؛ إني لست في معرض إدانة المقاربة الأمنية ، ولا أدين التسرع في القبض على المشتبه بهم، والمشكوك في أمرهم ، والذي شهد به أغلب السياسيين والأمنيين بعد الحادثة ...المقاربة الأمنية كانت واقعة تحت صدمة الأوامر الصارمة بكشف المسؤولين عن الإنفجارات ، وكلما كانت الأوامر صارمة تكون الأخطاء واضحة ؛ هكذا يمكننا أن نجمل خطأ المقاربة الأمنية .

إعتقل الكثيرين، وفيما بعد برئت ساحة أغلبهم ، والذين أدينوا إدانة لا لبس فيها ،كانوا ضالعين بحق في الفعل الغاشم ،وأسالوا دماء بريئة بسبب جفاف أفكار متقادمة .

بعد عقد من لحظة حدوث الإنفجارات: ماذا حدث ؟؟؟ هل شروط إنتاج التطرف تم التخلص منها ؟؟؟.

بشكل واضح يمكنني أن أجيب عن هذا السؤال بالتالي ؛ لا شيء يوحي بأن الفكر الذي حول الصدور إلى قنابل قد زال ، مازال النفس الإقصائي للآخر المخالف قائما ، وما زال الجو يعبق بروائح كريهة للنبذ ،والتهميش ...

بعد عقد ،ما زالت الشروط هي نفسها ، بل تحول الأمر إلى حديقة جميلة لكنها تنبت نبتات التطرف ؛ التطرف بكل أنواعه ،كي لا يفهم أني أتحدث عن التطرف الديني فقط ...

كي أوضح شكل هذه النبتات المتطرفة ،أشير إلى فتوى المجلس الأعلى للإفتاء حول قتل المرتد ، فرغم أن الفتوى لم تخرج عما يقوله الإجتهاد عموما ،وهي لاتعتبر خطأ بين جموع الفقهاء ... إلا أن إحياءها إعلاميا ، والحديث عنها، وتغييب الجانب القرآني الذي يدعو لحرية المعتقد ، يغذي فكر يميل أكثر للإقصاء ، والنبذ ، فالمعتاد أن المغاربة يتعايشون حتى مع أسوأ الحالات التي تظهر جفاء للدين ، لقدعلمنا إسلامنا الشعبي فكرة التعايش ، والتي لا يريدها الكثير ممن يدعون إلى إسلام التشدد ،والبداوة ،والشظف .

النقاش الذي دار بين مجموعة من السلفيين والمفكر أحمد عصيد ، هو الآخر ، شريان يضخ الكره في قلب المغاربة ، فالنقاش تحول إلى حملة شرسة ضد الفكر ، ففي الأول والأخير لم يقم عصيد إلا بقراءة تاريخية ولغوية ،كان جديرا بالطرف الآخر أن يصحح ما أخطأ فيه عصيد ، وفق جو ،ومناخ ،تحاور وتساكن ...

أظن أن ما يصنع التطرف هي مجموعة من الإواليات النفسية ، والشروط الإجتماعية ، والفكرية ، والسياسية .

على مستوى السياسة ، بات من الواضح أن الجو يبتعد عن الخلاف السياسي، والفكري ، ويتجه نحو خلافات عقدية ، ودينية ، تحمل طابع عدائي ،ومثال على هذا ، الإتهام الذي وجهه الإتحاد الإشتراكي للعدالة والتنمية بأنها تعمل على تكفير المعارضين ؛ لا أناقش صحة الخبر ، لكنه خبر يوحي بأن الأمر فيه جر العمل الساسي إلى المصادمات العقدية .

السياسة تظهر بجلاء مشهد التطرف إن كان موجودا ؛ لاحظوا الإتهامات المتناترة فوق الفرقاء السياسيين ، إنها تؤشر على تطرف سياسي يكتسح المشد برمته . لم يعد الأمر إختلاف سياسي حتمي ومشروع ، إننا في حدود الخلافات العقدية .

إن المشهد الثقافي لا يلعب أي دور نهائيا لمواجهة إمتداد التطرف، أتساءل ؛كم عدد الندوات الثقافية التي تدعو لفكر التعايش والتجاور ؟؟؟أين هي المسرحيات التي تجسد معطى الحوار ؟؟؟ والكتابات ... وإن تكن الكتابات فمن سيقرؤها ؟؟؟.

التربية والتعليم تعيش هي الأخرى فيض من العنف الملحوظ في مؤسساتها ،فرغم المحاولات العديدة من طرف رجال التعليم لترسيخ فكرة التعايش ، إلا أن أغلب التلاميذ يحملون توتر المجتمع نفسه إلى مشاعرهم ، ويجملون أعطاب المجتمع إلى طريقة تفكيرهم، ويحملون ردود الأفعال التي تمارس عليهم من طرف الآخرين ... في الأخير تكون فكرة التعايش غريبة ، لأنهم لم يتنسموا رحيقها ، ولم يعرفوا أن الحوار نعمة ، ولم يفهموا أن معرفة الآخر أفضل بكثير من تجاهله ، وإقصائه .

المعطى الإقتصادي ، هو ذلك المهيج الأخير لفعل التطرف، فمع وجود كل هذه الأعطاب التي تحدثت عنها سلفا ،يدخل الفقر كإمضاء لفكرة التطرف ، فيكفي أن تكون حاملا لعطب نفسي ، وتربوي ، وسياسي ما ، حتى يفجره الفقر ، لأن الفقر يعرف كيف يجعل الشخص المعطوب يبرر كل أعطابه ، ويستطيع أن يجمل أسوأ القبح ، وأن يعتبر الدماء المسالة مياه من أجل ري تربة الوطن .

إرتباطا بعمل الإقتصاد، ماذا فعلت الجهات المسؤولة في أحياء سيدي مومن، التي كان جل منتحري 16 ماي ينتمون إليها؟؟؟ وكيف تم تصريف هذا العمل في تلك المنطقة ؟؟؟

عشر أعوام على إنفجارات الدار البيضاء لا توحي بأن الكثير تغير ...

هيا ارفعوا أعينكم إلى الجو الذي يخيم على المغرب لتعرفوا أنه مليء بشحنات عنيفة يجب علينا أن نعمل على تصريفها بشكل صحيح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ