الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبى يكذب

نها سليمان

2013 / 5 / 17
الادب والفن


فى غرفة نوم يملؤها ضوء خافت تقدمت تحمل مظروفاً . يبدو أنها قد فتحته
وقرأت الخطاب المرفق ، وتقدمت عابثة خطوة تلو الأخرى
تسبقها يدها الممتدة مقدمة الخطاب اليه . بينما هو مستلق على جانبه الأيمن
قرابة حافة السرير ، سائلها ما بك ، لم تُجب . أخذ من يدها الخطاب وبدأ فى قرائته


كانت لا تزال واقفة تذرف الدمع صامتة وتلملم يداها شعرها المبعثر على كتفيها ،
وتجمعه عاليا عاقدة اياه جيدا بشريط حريري .
انتفض واقفا قبالتُها مشدوها ً يردد كيف ؟ كيف؟ !
لم يهتم ببكائها بل جلس على حافة السرير واضعا رأسه بين يديه .
جلست هى على مقربة منه قائلة لا اعرف ما السبب .
منذ أن جاء الخطاب وسألتها لما فعلت فعلتها هذه وهى لم تُجب وتشيح بوجهها عنى ،
علينا الحضور للمدرسة غدا ، قال لها _بصوت ينم عن عدم ادراكه بعد بمدى المأساة التى داهمته
_سنذهب .
لم ينم هو بينما ذهبت هى لتنام مع ابنتها تلك الليلة . صباحا حاولت الأم ان تقنع
الفتاة ان تتناول الفطور لكن الفتاة رفضت فأخذ الاب فى تلاوة المواعظ والنصائح
فصاحت الام غير عابئة بوجود ابنتهما ولا بردة فعل زوجها ؛
حسبك مواعظ ونصائح الم تقرأ الخطاب بالأمس الم ترها مُحتمية بالصمت
لا تأمن الحديث معنا.
لم يجب . سبقهما الى خارج المنزل يتلوه غبار كثيف من تأنيب النفس جراء
انتفاضة زوجته .
عندما وصلوا الى المدرسة ثلاثتهما ذهبت الفتاة الى صفها الدراسى
وذهبا هما الى الاخصائية النفسية بعد عدة نقاشات خاضوها مع بعض
المعلمين .

سأل الأب الاخصائية لما يتوجب علينا مراجعة طبيب نفسى ؟
قالت لان ابنتكما تحتاج الى ذلك بشدة .
قال ان ابنتنا ذكية وبصحة نفسية جيدة .
قالت كانت
فبادرتها الأم اما الان ؟
اجابت الاخصائية ؛ اما الان لم تعد كما كانت ، بل ان حالتها شديدة التعقيد .
احزنهما ما سمعا . طلبت الام من الاخصائية ان تروى لها ما حدث تفصيلا
فاجابت لا ادرى من يتوجب عليه معرفة ماحدث لكن سأتلو عليكما ما حدث
فى المدرسة كما قالت زميلاتها وكما سمعت منها ؛
نزلت ابنتكما لتمضى الفسحة واذا بها تخرج من حقيبتها ملابس شتوية
وترتديها _يبدو انها وضعتها فى حقيبتها على غفلة منكما _ قاطعتها الأم
لكن الجو شديد الحرارة ! ، اكملت الاخصائية ، وجلست تحت اشعة الشمس ،
الاطفال اخذوا يسخرون منها ويضحكون ويقولون لها الجو شديد الحرارة
هل انت مجنونة ؟ وهى تجيب عليهم ستمطر السماء الأن وساحتاج الى ملابس ثقيلة
لتحمينى برودة الجو وسيمتلأ الفناء بالاسماك الملونة وكل من يضحك ويسخر منى
لن ير الاسماك الملونة وستغرقه الامطار .
احضرتها وسألتها ما الذى تفعلينه وتقولينه هذا ؟
فأجابت أجرب ما قاله لى أبى بالأمس .
ما الذى قاله ؟
لم تُجب وشرعت فى البكاء
سألتها لماذا تبكين الأن قولى ماذا قال ؟
قالت لا لن اقل
سألتها الم تفعلى ما قاله ؟
قالت نعم فعلت
اذا لماذا البكاء فأجابت لان أبى يكذب وان ما قاله لم يحدث قط
قلت لها ربما ما قاله مرتبط بالكبار وليس بمن فى سنك
قالت انا فعلت ما قاله ولكن كما يستيطع من بسنى ان يفعلوه
اعطيتها كوب ماء بارد لتشرب وجففت دموعها ثم رفضت تناول اى شئ أخر
سألتنى ابنتكما الست طيبة وساصبح فراشة فى السماء ؟
قلت لها نعم قالت اذا لماذا لم يحدث معى كما قال أبى فى القصة ؟
الأب : ثم ؟

ثم لم يتبق الا القصة التى قلتها أنت للفتاة
غاب الاب فى صمت مرير
وتمتم قائلا " ربما أبى يكذب وان ذلك لم يحدث قط "
ومزقت عقله افكار هاجمته كالطوفان وتذكر القصة التى رواها بالامس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب