الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السبب الحقيقي لامتناع الطالباني عن المصادقة على قرار اعدام صدام

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2005 / 4 / 23
الغاء عقوبة الاعدام



تصريحات جلال الطالباني قبل و بعد اختياره رئيسا للعراق عن أنه لن يوقع على قرار اعدام الدكتاتور صدام لا تزال تثير نقاشات مختلفة و متنوعة . و يؤكد الرئيس العراقي في كل مرة أن إيمانه بحقوق الإنسان ، و مبادئه تمنعه من أن يوقع على هكذا قرارات ، و أنه كمحامٍ قد وقّع على وثيقة تؤكد على الغاء حكم الإعدام .
يمكنني هنا أن أوكد أن جلال الطالباني رغم كونه خريج كلية الحقوق العراقية ، الا أنه لم يمارس المحاماة بسبب نشاطاته السياسية القومية الكردية ، و لم ينشط في مجالات حقوق الإنسان ، و لم تتواجد جمعيات أو مؤسسات في هذا المجال في كوردستان حتى السنوات الأخيرة .
أتجاوز فترة الكفاح المسلح قبل حرب الخليج الثانية ، و الإنتفاضة ، فطرد النظام البعثي من كوردستان ، و قيام حكومتين هناك .
إن ما ينفي ادعاءات جلال الطالباني عاليه أنه قبل عدة سنوات صادق على قرار صدر بحكم الاعدام بحق صالح الموزاني " لا أدري إن كان اسمه بالضبط هكذا" ، الذي ارتكب جريمة بشعة بقتل عدة نساء . حينذاك قال مام جلال إنه يوقع على قرار اعدام من يقتل النساء مغمض العينين . و من المؤكد أنه لا يمكن مقارنة جرائم صدام بجريمة صالح الموزاني . فإن قتل الأخير عدة نساء و من أقاربه ، فأن صداما تعجز مؤسسات كبرى في عد جرائمه و دراستها ..
و يتحدث كثيرون عن ضغوطات أوروبية عليه مطالبة برد الإعتبار لشريحة الحكم التقليدية السابقة و اعادة امتيازاتهم لهم , و بعدم المساس بالدكتاتور السابق . و هذا ما نفاه الطالباني . و سواء كانت هناك حقا ضغوط أو لا ، فأنها لا تشكل قوة عليه قوية بحيث تجعله يواجه قرار الجمعية الوطنية ، و مطالبات الكثير من العراقيين بانزال حكم الإعدام بصدام . و يرجع البعض السبب إلى اعتبارات عشائرية أو علاقات شخصية سابقة أو وعود و ما شابه . و إني أرى هذا التحليل ساذجا في دنيا السياسة و المصالح .
لقد صرح الرئيس مرة أن اعدام صدام كفيل بقتل أي أمل لأنصاره بالعودة يوما ما إلى استلام الحكم مرة أخرى . ووفق هذا التصريح الذي ، ربما قاله بدون التمعن في التفكير ، لكنه كان تعبيرا عما يجول في خاطره ، يريد أن يتخلص من صدام باعدامه ، لكن أن يقوم باعدامه بنفسه ، بل آخرون ، و من غير أناس محسوبين على الحركة القومية الكردية .
كل تصريحات الطالباني بامتناعه عن المصادقة على قرار اعدام صدام لأسباب انسانية و حضارية تدخل سوق البروباغندة الساسية له و لنظامه العراقي و لحزبه و حكومة السليمانية .
قرأت مقالا منشورا في موقع بعثي يقول صاحبه إن جلال طالباني لا يجرأ على التوقيع على أي قرار باعدام اثنين ، ألا هما صدام و مقتدى . لأن _ حسب قول الكاتب البعثي_ حينذاك ستنقلب الدنيا و تنتفض الأمة العربية .
في كلام ذلك البعثي شئ من الحقيقة فيما يتعلق بصدام ، لا بمقتدى . إن سقوط النظام البعثي في نظر القومجية الأعراب نكسة كبرى للأمة العربية ، و أن صداما لا يزال فارسها الأوحد ، و باختيار كوردي لرئاسة العراق " العربي" إنما تمرّغ شرفهم و كرامتهم في الأوحال ، مثلما عبر عن هذه الحالة ذلك الجرذ الذ ي انتحر غير متحمل كرديا رئيسا لدولته . لكن الطالباني الكردي رئيسا للعراق ليس المسمار الأخير في نعش العروبة ، كما يقول البعض ، فالعلم البعثي باق ، و أن العراق بكل سكانه مثلما يريد الأعراب جزء من الأمة العربية و أن قوانين الدولة العنصرية سارية المفعول ، مثل قانون الجنسية العراقية ، و تعريف الأجنبي و العراقي . وإنه كلما فشلت الحكومة العراقية الحالية في استتباب الأمن و تحسين حالة الجماهير المعيشية ، و كلما تفاقمت حالات الفساد المستشري في الدولة ، و كلما غاصت قوات الإحتلال في المستنقع العراقي ، ازداد رصيد النظام البعثي المسقَط و رئيسه في قلوب القوميين العرب بكل مللهم و نحلهم . فإن ما يمنع الطالباني من التوقيع على قرار اعدام صدام هو خوفه من حركة العروبة و فرسانها ، لا المبادئ الإنسانية و لا الحضارية ، و لا استبعد أن يقدم الإستقالة من منصبه رئيسا للجمهورية للتهرب من هذا القرار الخطير، ليرميه على الآخرين ليبتوا فيه . فالطالباني ،شئنا أم أبينا ، لا يمثل نفسه في هذه الحالة ، بل يمثل الحركة القومية الكوردية ، , وأن أيّ تحرك سياسي له سينسبه الأعراب إلى من يطلقون عليهم
" الأكراد" . فالحركة القومية الكوردية " الكوراديتي" ليست ، و لم تكن يوما ، في موقف قوي يمكّنها من مواجهة الحركة القومية العربية . و أن المصادقة على هذا القرار يضع الحركة الكردية في مواجهة الحركة القومية العربية . و هذه المواجهة وعواقبها الوخيمة لم تردها الحركة الكردية و لا تريدها في الوقت الحاضر، حيث لا ضمانات عراقية و لا دولية لها . و إن حركة الكوردايتي لها تجارب مرة مع أمريكا رغم ادعاءاتها بصداقتها . لقد غدر بها كيسنجر عام 1975 ، و زودت القوى الكبرى و خاصة أمريكا النظام البعثي السابق بمختلف الأسلحة التي استخدمها ضد الشعب الكردي و تدمير قراه . و لا أرى ضرورة لتكرار مثل هذا القول لأنه اصبح في حكم البديهيات. و أن القوميين الكورد يعون تماما أن الوجود الأمريكي الذي ظاهريا يحميهم ، وجود مؤقت ، و أن تجنبهم مواجهة القومجية العربية كان واضحا من ترددهم في التعاون مع القوات الأمريكية و أن تحالفهم معها فيما بعد في الحرب على النظام كان اضطراري ، و يعلم الجميع أنه عاجلا أم آجلا ستخرج تلك القوات من العراق .
و هنا أريد أن أوكد على أنّي لست مع أحكام الإعدام . فرغم وجود الاعدام في كثير من دول العالم ، ترتكب جرائم و و هي في ازدياد يومي . الا أن وضع حد للجرائم و المجرمين لا بد منه لخلق الأمن و الأمان في المجتمع . واتطلع الى عراق خال من الاعدام ، عراق الحريات و الديمقراطية و الرفاه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - الأونروا: الاحتلال قصف مدرسة الجا


.. رشوا السياح بالمياه.. سكان برشلونة يتظاهرون ضد السياحة المفر




.. لحظة اعتقال الشرطة الإسرائيلية لمتظاهر في تل أبيب


.. رئيس وزراء بريطانيا الجديد ينهي خطة لترحيل اللاجئين لرواندا




.. شهيدان بينهما موظف أونروا جراء قصف إسرائيلي قرب مخزن مساعدات