الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع السلفيات الخفي

حميد المصباحي

2013 / 5 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


بدأت حركات الإسلام السياسي تعرف تقاطبات و اتجاهات,تختلف باختلاف تمثلها لطبيعة الحركة الإسلامية,و غاياتها و موقعها في الصراعات السياسية الدائرة في العالم العربي بعد ما عرف بالربيع العربي و تداعياته على الأنظمة السياسية و حتى المجتمعات العربية و الإسلامية,لكنها عندما تظهر القوى الحداثية و العلمانية و الإشتراكية,تستكين الحركات الدينية لبعضها و تتبادل الأدوار فيما بينها متجاهلة اختلافاتها مهما كان عمقها السياسي و الفكري الذي تنهل منه,لكن أهم الإختلافات التي طفت على السطح,هي تلك المعارك المضمرة بين حركة الإخوان المسلمين و السلفية,فما هي أبعاد هذه الصراعات و آليات إخفائها و من هم اللاعبون المستفيدون منها؟
1الإخوان المسلمون
هذه الحركة ظهرت منذ الأربعينات,امتدت إلى كل العالم العربي,متجاهلة الإختلافات الفقهية,تفاديا لعدم انتشار فكرها القائم على الإستفادة من وضع المجتمع و السلطة السياسية,فقد تخلصت من المواجهات المباشرة مع النظم السياسية بعد صراعاتها المريرة مع السلطة في مصر خصوصا مع التجربة الناصرية,التي كشفت عن خطورة التنظيم و قدرته,على ممارسة العنف السياسي بعيدا عن التنظيم,بحيث أنها أول تنظيم ديني سياسي,يخلق خلايا مسلحة مستقلة عنه,يدعمها سرا و يدينها علنا حتى لا تحاسب الزعامات الدينية السياسية,و هي ما لجأ فيما بعد لتكفير المجتمع,من خلال تبنيها لكتاب جاهلية القرن العشرين لسيد قطب,لكنها حافظت على مسافة تنظيمية مع ما ذهب إليه,إذ كان في صفوفها التجار و المحامون و حتى من يعيشون على ريع الدعوة الددينية,مقابل ما يقدمه التنظيم لهم من عطايا,لكن الملاحظ أن المجالات التي اشتغلوا فيها ,أثرت على سلوكاتهم السياسية,فالتجارة تعلم الحذلقة و القبول التفاوضي,فلم تتكبد الجماعة الكثير من الجهد لتقبل بالممارسة السياسية,كمدخل لمد الجسور بالفاعلين السياسيين,و إدماجهم في الجماعة,و الإستفادة حتى من الخصوم من أجل إضعاف السلطة السياسية دون التورط المباشر معها,مع مد يد العون لمن يلتمسون في أنفسهم القدرة على مباشرة الفعل الجهادي,و هنا بدأت تيارات أخرى منافسة تظهر عرفت بالجماعات القتالية.
2السلفية
هي جماعات لم تستسغ فكرة المشاركة السياسية,كما حدث لحركة الإخوان المسلمين,بل لم يرقها حتى المظهر الخارجي للإخواني,الذي يرتدي ألبسة الناس العاديين,و يفرط في ذقنه بعيدا عن الكثير من المستحبات التي يقبل بها المسلم من باب التميز عن الكفار و الجهال,و هذه مظاهر دالة على درجة رفض المجتمع,لكنها في مسألة الحجاب و النقاب أكثر وضوحا,فالوجه بالنسبة للسلفية,أي وجه المرأة ينبغي حجبه,بل حتى العيون لا تنظر من خلال شبابيك لا تسمح بتمييز النظرة المثيرة,فالصراعات حول هذه المظاهر هي وسائل إضافية للتميز عن الحركة الأم,و إن كانت الحركة السلفية اهتدت إلى تمييز نفسها عن السلفية التقليدية بإضافة الجهادية,رغبة في انتزاع الإعتراف لها بأنها كانت مشاركة في حركات التحرير الديني للكثير من البلدان الإسلامية,بحضور رجالاتها و مشاركتهم في تلك الحروب,دفاعا عن المسلمين و رفعا لشعار التحدي أمام حركة الإخوان المسلمين التي دعمت بالمال و حتى التدريب,بل إنها كانت دائمة التخوف من شبابها المشارك في تلك المعارك,و كانت تفضل أن تظل أسماءهم سرا,حتى لا تتورط في إقدامهم على بعض العمليات غير المحسوبة أو المفاجئة لها و لقياداتها.
3خلفيات صراعاتها
كقوى دينية و اجتماعية,سعت دائما السعودية لاحتوائها,فالدولة هناك كانت تحت نيرها في الصيغة الوهابية,رغم بعض المناوشات التي غالبا ما تخفى و يتم التغلب عليها,و عندما ظهرت فعالية قطر كدولة حاولت التحرر من التبعية للسعودية’ازداد التنافس حول هذه الحركات,التي يمكنها الوصول إلى السلطة,عنفا أو حتى انتخابات و استشارات شعبية,و عندما لم تستطع قطر ربح معركة الإستحواذ على حركة الإخوان المسلمين,دعمت السلفية كبديل تمارس من خلالها صراع المواقع مع السعودية لتمثيل الفكر الديني السني و التفاوض باسمه مع الدول العربية و الإسلامية و حتى الدول الغربية المتضررة منه و المهددة بالعمليات الإرهابية,بحجة قدرة السعودية أو قطر على نشر الفكر المعتدل في صفوف الحركات الأصولية,من خلال إشراكها في اللعبة الديمقراطية,و القبول بفوزها الديمقراطي داخل مجمل الدول العربية و خصوصا التي لها صراعات مع إسرائيل,ينضاف إلى ذلك رهان القوى الغربية على هذه الدول لمحاصرة ما سمي بالإمتداد الشيعي,الذي لن يكون إلا داعما لإيران المحتمل أن تصير قوة نووية في المنطقة,مما يوحد هذه الحركات كلها ضد الفكر الشيعي الذي انتزع اعترافا واسعا عبر به عن ممانعته و دفاعه عن الحدود اللبنانية و التزامه العملي بدعم الإتجاهات غير القابلة بما تقدمه إسرائيل من حلول,أو حتى ما اقترحته القمة العربية على إسرائيل.
خلاصات
حركات الإسلام السياسي في تلويناته,و استقطاباته,لا تكبر الفجوة بينه رغم المشاحنات التنافسية,فهو مدرك للمشترك مهما تعددت سبل تحقيقه,فهو غير قابل بالمختلف معه,من الوطنيين و الديمقراطيين و العلمانيين و الحداثيين و الإشتراكيين,فإن هادنهم علنا,فهو يتربص بهم سرا,و هو لايقبل التحالف معهم إلا ليزيحهم,مفسحا المجال لمن هم أكثر قربا منه,و القرابة عنده,ليست إلا بالمعيار الديني,أما باقي المعايير,فهي ظرفية,بلغة السياسة,تاكتيكات.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو يقدمان التعازي -للشعب الإيراني-


.. كيف ستنعكسُ جهودُ الجنائية الدولية على الحرب في غزة؟ وما تأث




.. حماس: قرار مدعي -الجنائية- مساواة بين الضحية والجلاد


.. 50 يوما طوارئ تنتظر إيران.. هل تتأثر علاقات إيران الخارجية ب




.. مقتل طبيب أمريكي في معتقلات الأسد