الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علامات الحزن واليأس تخيم على قاهرة المعز

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2013 / 5 / 17
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


"أرفع راسك فوق أنت مصرى" هو ذلك الهتاف الذى أطلقه المصريون فى ميدان التحرير فى الفترة من يوم 28 يناير 2011م وحتى تنحى الرئيس مبارك ومغادرته قصور الرئاسة. وهذا الشعار ردده الدكتور عصام شرف فور توليه رئاسة الوزراء فى مارس 2011م ثم صار هذا الهتاف عنوانا لأغنية حمادة هلال. وحتى عشاق الكنبة كانوا يرددون هذه العبارة الساحرة مع ثوار الميدان. من المؤكد أن هذه الكلمات تذكرنا بمقولة عبد الناصر بعد ثورة 52: أرفع رأسك يا أخى فقد مضى عهد الاستعباد. من الواضح أن تلك العبارات تنطلق عقب الثورات التى يقوم بها الشعب ثم سرعان ما تنطفئ جذوتها وتنحنى الرؤوس مرة أخرى وتعود إلى سابق عهدها لنردد عادت ريما لسيرتها القديمة. لقد شاهدنا وسمعنا كيف تم تحريف العبارة الخالدة من خلال استبدال الكلمة الأخيرة فى الشعار (مصرى) بكلمات تدل على الفئوية: ضابط شرطة، صحفى، مسلم أو حتى فلول. لعل السفر والترحال خاصة إلى عاصمة المعز من شأنه أن يجعلنا نتعرف على حالة هذه الرؤوس التى رفعتها الثورة. هل هى مازالت مرفوعة أم لا؟ وهل هذه العبارة التى كانت تتردد فى الميدان قد فقدت حروفها وباتت خاوية وخالية من المعانى؟

دعيت للمشاركة فى مناقشة رسالة جامعية فى القاهرة. ونظرا لحالة عدم الاستقرار التى تمر بها البلاد فقد كنت مترددا فى السفر. اتصل بى الطالب عارضا أن يرسل لى تذكرة السفر فأبيت وقررت—كالعادة—السفر على نفقتى الخاصة. والسبب ببساطة إننى اعتبر تحمل الطالب الذى سيجلس أمامى نفقات سفرى ومعيشتى نوعا من الرشوة التى تخرس الألسنة كما يقول المثل: اطعم الفم يستحى اللسان. ما يثير الدهشة هو أننى فبل حلول موعد السفر بيومين تلقيت مكالمة من مكتب الطيران مفادها أن الرحلة التى تبدأ الساعة التاسعة صباحا تأجلت إلى الثانية عشر ظهرا. وبالاستفسار عن السبب علمت أن تدهور أحوال السياحة بات يلقى بظلاله على شركة الطيران مما يؤدى إلى إلغاء الرحلات وارتباك المواعيد. وحدث نفس الشىء فى رحلة العودة التى كانت ستبدأ الساعة الرابعة مساء لكنها تأجلت إلى الساعة الخامسة. ما يعنينا هنا هو أننى وصلت الى القاهرة وخرجت مسرعا لكى أبحث عن وسيلة تقلنى إلى وسط البلد.

الزحام وغياب الأمن
لفت نظرى أن الزحام والفوضى المرورية زادت بل تضاعفت عن ذى قبل إذ تقف السيارات صفوفا طويلة تصل إلى أكثر من كيلومتر. لقد استغرق الأتوبيس حوالى ساعة ونصف الساعة لكى يقطع الطريق من المطار حتى منطقة الإسعاف فى وسط البلد. وفى رحلة العودة استقللت تاكسى من آخر فيصل إلى المطار حيث استغرقت السيارة أكثر من ساعتين. الغريب أن سائق التاكسى رفض أن يسير فى شارع صلاح سالم وبالفعل سرعان ما تبين أن الشارع كان مزدحما. الجدير بالملاحظة أنه لم يحدث أن رأيت كمينا ثابتا أو متحركا فى جميع الطرق والشوارع التى مررت فيها. والنتيجة المترتبة على ذلك أن الباعة الجائلين أصبحوا يمتلكون الأرصفة ونهر الطريق حيث يعيقون مرور السيارات والمارة. ومن يعترض على هذا الكلام فعليه أن يتجول فى شارع العريش الذى يربط شارعى فيصل والهرم ويبلغ عرضه حوالى عشرين أو ثلاثين مترا حيث يفترش الباعة كل ركن من أركان الشارع لدرجة أن مجرد المشى فى هذه المنطقة يتطلب مجهودا مضنيا ومرونة لا يمتلكها سوى الشباب. وإذا كان شارع العريش بعيدا عن منزلك فلتذهب إلى شارع طلعت حرب لترى بأم عينك المخالفات التى تحدث فى قارعة الطريق.

أبجنى يا عم
كنت ابحث عن كتاب فذهبت إلى مكتبة مدبولى فى ميدان طلعت حرب فلم أجد الكتاب واقترح أحد العاملين فى المكتبة أن ابحث عن الكتاب فى مكتبة بالقرب من فندق كوزموبوليتان فى وسط المدينة. ولما كنت جاهلا بخريطة المنطقة فقد رأيت أن أعمل بالمثل العامى القائل: اللى يسأل ميتوهش أو المثل القادم من الفصحى: لا خاب من استشار. فاقتربت من أحد باعة الصحف لأسأله عن موقع الفندق فإذا به يفاجئنى بطلب غريب لم نعهده فى المصريين: لو عايز تعرف المكان هات خمسة جنيه. فى البداية لم استطع الرد من هول المفاجأة وأحسست أننى فقدت النطق أو لعل لسانى ترك موقعه فى فمى وتوارى فى أحد الأزقة المليئة بالقاذورات. أدخلت أصبعى فى فمى حتى أطمئن أن ذلك لم يحدث. ووجدتنى أسأل الرجل والدهشة تكسو وجهى: أنك تمزح ولا يمكن أن تكون جادا فيما تقول! كم كنت أتمنى أن يجيبنى الرجل بنعم ثم يرشدنى إلى المكان المأمول أو فى أسوأ الظروف أن يقول إنه لا يعرف المكان. لكن الرجل كان جادا إذ أكد أنه لا يمزح وأنه يعى ويعنى كل ما يقوله. بالطبع لم استجب لهذا الابتزاز وذهبت إلى حال سبيلى.

أكوام الزبالة وغلاء الأسعار
وما لفت انتباهى هو أن الشوارع مليئة بأكوام الزبالة بعد أن أختفى عمال النظافة. والغريب أن الناس يسيرون فى شوارع المحروسة غير مبالين بأمر النظافة. أعتقد أننا قد نلتمس لهم العذر نتيجة لمعاناة الجميع تحت وطأة غلاء الأسعار التى طالت كل السلع. فالوجبة التى كنا نتناولها بعشرين أو خمسة وعشرين جنيها أصبحت ب35 جنيه وكوب الشاى بالحليب الذى تحتسيه بجنيهن أصبح ثمنه أربعة جنيهات.

الخلاصة
لقد تأملت وجوه المارة ووجدت أن الابتسامة قد اختفت تماما من الوجوه العابسة والأبدان المنهكة والرؤوس المنكسة لتحل محلها علامات الحزن والكآبة واليأس. وكل هذا مرده إلى غموض المستقبل الذى لا يعرف المواطنون معالمه، فالكل لا يدرى ماذا تحمل لنا الأيام القادمة وماذا سوف نفعل فى السنوات المقبلة وما هو مصير البلاد فى العقود القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجة سخرية واسعة من عرض حوثي للطلاب المتظاهرين في أميركا وأو


.. فرنسا: تزايد أعداد الطلاب المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطي




.. ا?ستاذ بجامعة سان فرانسيسكو: معظم المتظاهرين في الجامعات الا


.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR




.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي