الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين يخشى الكّلُ الكّلَ في حفلات بوس اللحى

جاسم محمد الحافظ

2005 / 4 / 23
الادارة و الاقتصاد


قوض البعثيون بمنهجهم الاقتصادي أسس نمو وتطور الاقتصاد العراقي وخربوا بذلك البنية الفوقية برمتها، مذ سيروا البلاد بعقلية قبلية متخلفة، مهملين عن عمد أحكام النظم الاقتصادية الاجتماعية الشائعة في المجتمع الإنساني المعاصر وجميع مقاسات علم الاقتصاد السياسي . فلم يكن نظامهم اقطاعيا ولا رأسمالياً كما لم يكن بالطبع اشتراكياً كما كان يحلوا لهم أن يدعّوا. ولعل أفضل وصف لنظامهم اعتباره نظام اقطاعية الدولة الحديثة * إن صح التعبير، حيث باتت عوائد مخرجات كل النظم الاقتصادية للدولة، ريفية أو حضرية، زراعية أم صناعية اضافة الى الثروة البترولية، تحت تصرف القعقاع بن يوسف التكريتي وأبناء عمومته، تماماً كما كان يستحوذ الاقطاعي على عوائد الأنتاج الزراعي في القرون الوسطى. كما إن عنصر العمل لم يكن حّراً أو أوفر حظاً من خصائص مثيله في الاقطاعية، عدا عن كون السخرة هنا مقنّعة، حيث فقدت الأجور جوهرها العلمي ولم تعد تكافئ كمية الجهد الإنساني المبذول لخلق المنافع في وحدة الزمن، دون أن تسد الحاجات الضرورية للعاملين كما الحال في المراحل الأولى لنشوء الرأسمالية على أقل تقدير.
إن اقتصاداً مشوهاً وأدارة مرتجلة كهذه نشرت الفقر والبؤس بين كل أفراد المجتمع العراقي وشرائحه واوقفت عملية مواصلة نمو وتطور تركيز رأس المال الوطني والخاص، وعطلت الحراك الاجتماعي . ومن ثم صعب فرز الناس على أساس اصطفافهم في شرائح اجتماعية متفاوتة في قربها أو بعدها من وسائل الانتاج، وتعقدت على إثر ذلك بلورة الأحزاب والقيادات السياسية الممثلة لمصالح تلك الشرائح خاصة تلك التي باتت تشعر بالغربة عن أحزابها التقليدية جراء سيادة القمع أو لخلل ما في تلك الآحزاب.
وما إن إنهارت السلطة البعثية بسبب من ثقل جرائمها، حتى عجت الساحة السياسية بكم هائل من الأحزاب والهيئات السياسية والاجتماعية، التي لم يجد أغلبها وسيلة للتعبئة الجماهيرية وراء شعاراتها الاّ بأثارة النعرات الأثنية والقبلية تارة أو النعرات الدينية والطائفية تارة أخرى، مكررة على شكل كوميدي أسود حال المجتمعات البدائية الغابرة في التاريخ الإنساني.
لقد أصبح عصياً على المرء تلمس الفروق الجوهرية بين البرامج الاقتصادية والسياسية لمعظم تلك الأحزاب التي سوقت لنا وبخداع ساذج شعارات فضفاضة عمومية ومتشابهة، أخفت وراءها حقيقة الهلع الشديد ، الذي يملأ قلوب هؤلاء القادة من استحواذ أحدهم على أفئدة الجياع وعلى اصواتهم لاحقاً، مخفية في حفلات يومية لبوس اللحى المشهد الحقيقي لمباحثاتها السرية المشحونة بالخوف من عصا التدخل الامريكي وسيف الفتوى الشرعية وشظايا الأنتحاريين.
وأستباقاً للمأساة، وتقويماً للعملية السياسية، واستعادة لأرادة الجماهير ، ينبغي على جميع القوى الديمقراطية العراقية الحية، وكل أصدقاء شعبنا أن يضاعفوا جهودهم الفكرية لتبصير الناس بمصالحهم الاستراتيجية الحقيقية وقيادة النضال الشعبي من أجل فصل المؤسسة الدينية عن الحكم والغاء المشروع القبلي المتخلف، وفضح وعزل كل القوى والأحزاب والهيئات التي تسيء للتجربة الديمقراطية وتشوش عليها وتستقوى على الشعب من خارجه.
إن الدفاع عن مصالح الفقراء واحلامهم في الحرية والعيش الرغيد والاستقلال الناجز شرف ما بعده شرف ولنا في ما قاله الأمام علي (ع): لو كان الفقر رجلاً لقتلته، حافزاً نحو فضاءات العدالة الاجتماعية.


• كم سأكون سعيداً لو تواصل الزملاء المختصون بدراسة هذه الظاهرة الاقتصادية " البعثية "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشروع إصلاح الإعلام العمومي الفرنسي يثير مخاوف اقتصادية وسيا


.. سعر الذهب اليوم الخميس 23-5-2024 وعيار 21 الآن ببداية التداو




.. هبوط جديد في أسعار الذهب بمصر .. توقعات الأسواق حول مستقبل ا


.. كل يوم - الكاتبة هند الضاوي لخالد أبو بكر:-تلتين اقتصاد العا




.. قلوب عامر - د.نادية عمارة تجيب على سؤال بخصوص أموال البنوك و