الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وضع الجمعيات الفلاحية في العراق قبل ثورة 14 تموز 1958

زاهر نصرت

2013 / 5 / 18
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


كانت ملكية الأرض خلال الحقبة التي سبقت صدور اول قانون للإصلاح الزراعي في العراق ، تتميز بسيطرة الاقطاعيين وكبار الملاك على الأرض ووسائل الإنتاج ، وبوجود اعداد ضخمة من الفلاحين المعدمين الذين لم يكونوا يملكون شيئاً ولا يحصلون الا على جزء ضئيل من ثمار جهودهم وعملهم .
وتشير احصائيات ذلك الوقت في هذا الصدد الى ان عدد الاقطاعيين الذين يملكون اكثر من 1000 دونم يؤلفون نسبة 2% من ( مالكي ) الأرض الا انه في الوقت نفسه يسيطرون على ما يقارب 68% من الأرض الزراعية . كما تشير الاحصائيات الى ان عدد الذين تتراوح ملكياتهم بين ( 100 – 1000 ) دونم يؤلفون نسبة تقارب من 12% من ملاك الأرض وانهم يسيطرون على نحو 21% من الأراضي الزراعية . وتفيد هذه الاحصائيات من ناحية أخرى بأن اكثر من 685 الف عائلة فلاحية لا تملك اية قطعة ارض لزراعتها .
واذا وضعنا في الاعتبار ان العائلة الفلاحية كثيفة نسبياً قياساً بالعوائل المتمدنة ولو فرضنا ان متوسط عدد افراد العائلة الفلاحية يتكون من ( 5 ) افراد فيكون مجموعها حاصل ضرب هذا الرقم في مجموع العوائل الفلاحية فيكون الناتج ( 3.425.000 ) نسمة هم الذين يؤلفون طبقة الفلاحين قبل 14 تموز 1958 .
واذا اخذنا بنظر الاعتبار ان سكان العراق آنذاك وحسب إحصائية عام 1957 كانوا اكثر من ( 5 ) ملايين نسمة بقليل لادركنا وجود خلل واضح في نظام الملكية الزراعية التي انعكست اثارها السلبية على طبقة الفلاحين التي كانت تكد وتكدح على هذه الاراضي الواسعة طوال أيام السنة ، لقاء عائد لا يتجاوز في احسن الأحوال 10% من حاصل الأرض في الوقت الذي كانت تسيطر فيه على ثرواته التي تشكل في الغالب 90% فئة ضئيلة جداً من السكان هم فئة الاقطاعيين وكبار الملاك .
ومن ناحية الوضع السياسي للفلاحين ، كان مجرد تحدثهم في هذه الأجواء الشاذة عن زيادة جزئية في عائدات المحاصيل يعتبر جريمة يعاقب عليها العرف الاقطاعي والقانون الإرهابي للسلطة الحاكمة آنذاك بأقصى العقوبات ، وفي الغالب كانت الأعراف الاقطاعية تعفي السلطة واعوانها من مهمة تنفيذ الاحكام الجائرة على الفلاحين لا سيما اذا كان الحديث يتعلق من قريب او بعيد بمسألة المساس بنفوذ الاقطاعيين وتسلطهم وبالذات اذا كان الموضوع يتصل بما يمكن ان تقدمه الجمعيات التعاونية الزراعية في حالة انشائها للفلاحين لان الأعراف الاقطاعية تكون في هذه الحال قد أنهت حياة من يتفوه بشيء عن اثر الجمعيات على رفاهية الفلاحين . ومع هذا التسلط الإرهابي الطاغي الذي كان يكتم الانفاس وإزاء اتساع المد الثوري الذي يغور في أعماق صفوف الفلاحين وسائر الثوريين ، لم تكن يد للسلطة في بغداد من ان ترضخ امام بعض الطلبات التي يقوم بها نفر من صغار ملاك الأراضي لأنشاء الجمعيات التعاونية ، وذلك كجزء من فسحة ترمي السلطة من خلالها الى امتصاص شيء من النقمة الجماهيرية المتعاظمة ، الا ان من أُنشئَ من هذه الجمعيات كان ضئيلاً لا يشكل نسبة تذكر كما لم يكن لها تأثير في مجرى الحياة الزراعية والاقتصادية في العراق .
وعلى هذا ، فقد بقيت تلك الأوضاع المتردية تجثم بكل مآسيها ومساوئها على الغالبية الساحقة من الجماهير الفلاحية في العراق والتي كانت من بين اهم أسباب قيام ثورة 14 تموز 1958 .


زاهر نصرت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا


.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا




.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2


.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع




.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم