الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاكمة النظام أو المواجهة

فؤاد قنديل

2013 / 5 / 18
مواضيع وابحاث سياسية




مضي وقت طويل قبل أن تشرع القوي السياسية المصرية في التفكير بمحاكمة النظام القائم
رغم أنها تلحظ بوضوح والشعب والعالم أجمع المستنقع الذي يخوض فيه الرئيس المنتخب
وجماعته بكل ثقة واقتدار . كان لابد أن يتم ذلك منذ شهرين أو ثلاثة على الأقل ، فليس مطلوبا
لكي تعرف أن شخصا يجيد اللغة العربية أن يؤلف كتابا ، يكفي أن يمسك بالقلم ويحرر جملتين
وليس مطلوبا من مطرب هاو يقدم نفسه للجنة الاختيار أن يغني "الأطلال" كاملة ، أما نظامنا
الحاكم نادر المثال فهو يرتكب الجرائم كل يوم ويمارس هوايته في احتكار السلطة اللذيذة على
كافة الأصعدة ويستمرئ حلاوة البذخ حيث عشرات السيارات الفارهة تركض في الموكب الرئاسي ،
وحيث كل أفراد الأسرة في نعيم تتنقل بالطائرات من فندق إلى فندق بينما الشعب معظمه يتقاتل
عند المخابز وينام أمام محطات الوقود دون أن يحصل على لتر بنزين أو سولار يكفيه حتى للعودة
خاوي الوفاض بعد عشر ساعات أسير الانتظار غير المجدي تهرس أعصابه تروس القهر والعجز
و الزمن الوغد الذي وضعه تحت أضراس فريق معقد نفسيا من البشر ، وهو يعلم أنه لا يجب أن
يلوم أحدا إلا نفسه فهو مع عدة ملايين من البسطاء الأغرار حاربوا كي ينصب مرسي واليا على مصر
عروس الأمم.
العجيب أن مرسي وجماعته فقدوا تماما القدرة على الإحساس بأن البلد في أزمة بسبب أطماعهم
وعنادهم وجهلهم بشئون الإدارة ، وجميعهم دون استثناء ويلحق بهم الكثير من أعضاء التيارات المتأسلمة
يتصورون أنه على فرض وجود أزمة فمن المؤكد أن هناك مؤامرة يديرها قيادات جبهة الإنقاذ
الذين يستغلون الشباب ويستعينون بالبلطجية في نشر العنف وتهديد الأوضاع وتعطيل الأعمال.
ويصر كل من يتحدث منهم وقد ركبوا كل القنوات التليفزيونية تقريبا على أنه لا يجب مطلقا المساس
بمرسي لأنه أول رئيس مصري منتخب ، وينسون أولا أن انتخابه لا يمنحه قداسة من أي نوع لأن
الشرعية تحددها إرادة الشعب الذي لابد أن يلحظ التفاني في الدفاع عن قضايا الجماهير وإلا فلماذا كانت الثورات .
ثانيا : العبرة ليست بالصندوق ولكن بالكفاءة والإنجاز ، والحق أن الرجل لم ينجز شيئا إلا الفشل
وإنتاج الأزمات ومحاربة القضاء وترسيخ الانقسام والدفع باتجاه احتكار السلطة وتحصين قراراته ضد
كل ما يمكن أن يحول بينه وبين ابتلاع المزيد من وجوه السلطة وتعيين أقاربه وأقارب أقاربه في كل
منصب ،وقد جن جنون الجماعة لما كشف مستشار الرئيس الدكتور خالد علم الدين القيادي بحزب النور
مشروع الأخونة الذي يتمثل مبدئيا في تعيين 13 ألف إخواني في مواقع المسئولية حيث يسهل لهم
التحكم في كل مفاصل الدولة وبالطبع سيكونون دائما رهن الأمر وطوع البنان . ويمكننا القول أن احتكار
السلطة ليس السبب فيه الطمع أو الاستحواذ فقط بل ترضية للأهل والأحباب ، فالسلطة الآن طبقة
عريضة وسميكة ومتماسكة ومتناغمة لأنها من بيت واحد ، ولنا أن نتخيل تأثير ذلك على كل فئات الشعب
المحروم من ضروراته الأساسية ، وعندما ينطلق إلى الشوارع غاضبا تتصدي له قوات الأمن برئاسة وزير
الداخلية المرتبط بالإخوان من كل زاوية سواء بالمصاهرة أو العمل أو المشاركة والأوامر لديه واضحة من
مرسي شخصيا : لا تأخذكم بأحد رحمة ، والمعتقلات جاهزة وكذلك النيابة والأطباء الشرعيون الرسميون.
لقد صم المتأسلمون آذانهم تماما ضد كل الدعوات التي تطالب بإقالة الحكومة ، وحل جماعة الإخوان
المهيمنة دون سند شرعي ، و سحب النائب العام وتشبثوا بالإبقاء على المثلث الذي لابد منه من أجل
تزوير الانتخابات .
مما يؤسف له أن احتكار السلطة والجمع المحموم للغنائم ليسا فقط كل المشهد فهناك ما هو أسوأ
ألف مرة .. هناك الشلل السياسي والاقتصادي والأمني خاصة مع ازدياد الجرائم بشكل مرعب، فضلا عن
عدم التحرك بأية صورة لإنقاذ ماء الوجه ولا إصلاح بعض الأمور ولا توفير بعض الخدمات والمطالب العاجلة ،
ولو كانت هذه الطغمة تحكم شعبا آخر غير المصريين لطالبوا بالتدخل الدولي ، لكن النظام لا يجب أن
يراهن على صبر المصريين فقد فاض الكيل ، وأثق أنهم سيلوذون بالجيش قريبا ، ليطالبوه بوضع حد
لهذا الموقف المأساوي الذي يؤكد ما أشرنا إليه قبل عدة أشهر من أن الحرب الأهلية على مسافة قريبة
وشبح الإفلاس يطرق الأبواب .
ليس من شك أن القوات المسلحة المعروفة بحسها الوطنى الأصيل ترصد ما يجري بمنتهي اليقظة وهي
متأهبة للخطوة التالية التي لن تكون إلا منحازة لمطالب الجماهير بينما المرسي وجماعته في غفلة
عما يهدد مسيرة الأمة في الصميم ، بل لا يشغلهم ما ينتظر البلاد من كوارث ، المهم المزيد من الأخونة
، وفي إطار ذلك يطلقون التصريحات العنترية التي تحمل التهديد للجميع.

لقد كان الفريق عبد الفتاح السيسي حاسما بما يليق بوطنيته حين قال :
إن القوات المسلحة ستبذل قصارى جهدها للحفاظ علي الأمة، وفي حال الإحساس بحاجة
الشعب المصري لهم سيكونون في الشوارع في أقل من الثانية.
وأزعم أن محاولات مرسي وأنصاره التي تهدف للحد من سلطة الجيش من شأنها أن
تعمل علي وجود مواجهة كبرى مع الجنرالات الذين لن يصبروا طويلا على استمرار حالة
الفوضي التي تعم البلاد وحالة الشلل الاقتصادي والسياسي وتدني الوضع الأمنى بما
يهدد الاستقرار الضروري لسلامة المواطنين وتأسيس لبنات الغد المرموق.
وأحسب أن تدخل الجيش أصبح مطلبا جماهيريا لإنهاء الأزمة الماحقة ، وكان
طبيعيا أن تعود الهتافات التي تطالب بتدخل الجيش لتتصدر المظاهرات، و قد سمعها الآلاف
في مواقع كثيرة ورصدتها الصحف العربية والعالمية ، بعد أن تراجعت تماما الهتافات ضد حكم
العسكر وخاصة بعد إحساسهم بوطنية القيادة الجديدة واستعدادها للدفاع عن مصالح
الشعب حين يقتضي الأمر ذلك.
لقد بات واضحا لكل المتابعين السياسيين في مصر والعالمين العربي والدولي أن قيادة
الجيش لن تغامر بمكانتها وأمل الجماهير في نصرتها إذا حاولت أن تنأي بنفسها عن الصراع
الذي لا شك سيضر ضررا ساحقا بحياة المواطنين الذين تطلعوا طويلا لجنى ثمار الثورة
وناتج دماء وأرواح الشهداء التي تناثرت في الشوارع لكي يتولي المتأسلمون السلطة
وهم أبعد الفصائل عن أحقية قيادتها بحكم انعدام الكفاءة .. ما عاد هناك ريب في أن
الإخوان ومرسي قد حصلوا على كل الفرص دون أن يبذلوا أي جهد يسهم في نهضة
الأمة أو يحاول إخراجها من النفق المظلم الذين تولوا وحدهم دفع البلاد في اتجاهه.
لقد آن الأوان لاجتثاث هذه المنظومة الغريبة على النسيج الوطنى من جذورها ،
فمن تراه المؤهل للمهمة التاريخية ؟ .

ا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين يعرض شروطه لوقف الحرب في أوكرانيا • فرانس 24


.. انطلاق مناسك الحج في مكة المكرمة وسط درجات حرارة قياسية




.. سلسلة هجمات لحزب الله على إسرائيل وواشنطن وباريس تسعيان لوقف


.. ما بين هدنة دائمة ورفع حصار.. ما هي تعديلات حماس على مقترح ب




.. جبهة لبنان وإسرائيل المشتعلة.. هل تحولت إلى حرب غير معلنة؟|