الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرتزقة : جنود الثروة

ماجدة تامر

2005 / 4 / 23
العولمة وتطورات العالم المعاصر



أخذت منظمات المرتزقة تزداد في الآونة الأخيرة ، إذ بلغ عددها أكثر من 40 منظمة في كافة أنحاء العالم . وانتشار هذه الظاهرة يتم تحت ذريعة مساعدة الدول الضعيفة التي تعاني عدم الاستقرار ، وذلك بإعداد وتأهيل جيش نظامي فيها قادر على حفظ الأمن الداخلي والخارجي للبلاد ، مع تقديم العتاد اللازم حسب ادعاء منظمات المرتزقة .

إن هؤلاء المرتزقة أصبحوا مصدر قلق بالغ لدى العديد من المحللين والمراقبين في أوروبا وغيرها ، الذين قاموا بإبلاغ حكوماتهم بهذه الأوضاع . ففي فرنسا بدأت لجنة الشؤون الاستراتيجية التابعة لوزارة الدفاع بدراسة هذا النوع الجديد من الجنود المرتزقة .

لقد أشارت تلك اللجنة إلى أن هذه الظاهرة بتزايد مستمر وتشكل تهديدا حقيقيا لكل الشعوب ، وذلك عندما تتملص الدول العظمى من مسؤولياتها الأخلاقية والأمنية في بقاع الأرض وتضع خدماتها في يد أقلية تريد الهيمنة والسيطرة على الأكثرية .
وقد أفردت مجلة القوات الفرنسية المشتركة في عدد لها مؤخرا ملفا خاصا عن الجنود المرتزقة .

وفي المملكة المتحدة تم اكتشاف جمعيات تضم جنودا من هذا النوع ، تمتلك أبنية فخمة ومكاتب قادرة على تأجير السلاح للمرتزقة والى مناطق عديدة في العالم ، متحدية بذلك الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة .

لقد مضى الزمن الذي كان يطلق فيه على الجنود المرتزقة اسم " الجنود الضائعة " أو " كلاب الحرب " ، حيث كان بعض الجنود القدامى الذين سرحوا من الجيش وليس لديهم عمل يتجمعون في أماكن خاصة ويشكلون بعض الكتائب والفرق وذلك ليشبعوا رغباتهم في الحروب والمغامرات .

أما اليوم فقد أصبحت المرتزقة صناعة حقيقية أو بالأحرى تجارة رابحة ، كما أشار إلى ذلك خبراء في لجنة الشؤون الاستراتيجية الفرنسية .
تلك التجارة التي أصبحت تمارس تحت ستار حماية الدول المعرضة
للا ضطرابات الداخلية ، حيث يجد من ورائها ضالته المنشودة وفرصته الثمينة .

وقد أصبحت بعض المناطق في العالم كما في آسيا وأمريكا الجنوبية وكذلك أوروبا ، بالإضافة إلى أفريقيا ميدانا خصبا لهذه الجماعات ، حيث يقدم لهم المال والسلاح وكل ما يحتاجونه ، ويتقاضى الجندي في هذه الجماعات مبالغ طائلة مع تأمين الإقامة وتسهيل عمليات تبييض الأموال وغيرها .

ويتم انتقاء هؤلاء المرتزقة من قبل لجنة خاصة أو من منتديات مجلات متخصصة تابعة لتلك الجمعيات كالتي تدعى " جنود الثروة " .

إن أهداف المهمات التي تسند إلى هذه الجماعات تبقى غامضة – كما يشير إلى ذلك أحد الخبراء المرموقين في لجنة الشؤون الخارجية في وزارة الدفاع الفرنسية – لأن هذه المهمات تشتمل في الوقت نفسه ، على مهمات أمنية وأخرى لصالح الجماعات الموالية للحكومات المحاربة .
وتداخل منظمات المرتزقة مع المكاتب الخاصة للدولة والشؤون المتعلقة بالتجارة وغيرها في شتى المجالات ، يجعل من الصعب مراقبتا والتحكم بتصرفاتها ، وبالتالي فإن هؤلاء المرتزقة يشكلون على المدى الطويل تهديدا حقيقيا للديموقراطيات في العالم .

الوكالات الخاصة :

إلا أن بعض المنظمات التي تقوم بتجنيد هؤلاء المرتزقة ، أصبحت معروفة الآن إن لم نقل معترفا بها ، فهي لا تخفي نشاطاتها المتعددة في كافة أنحاء العالم . فهناك على سبيل المثال جماعة تطلق على نفسها جمعية "عمليات الأمن الأوروبي " ، في منطقة " كانت " في المملكة المتحدة التي تعلن عن استعدادها لإرسال فرقة قتالية في مدى 48 ساعة إلى أي بلد في العالم .

وتمارس هذه الجماعة أعمالها منذ عهد التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا تحت اسم جمعية " أوت كامس التنفيذية " وتزعم أنه بإمكانها تجنيد أكثر من ألفي شخص مدربين وقادرين على استخدام أحدث الأسلحة بما في ذلك المدرعات والطائرات العمودية .

وأما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق ، أخذ بعض الجنود الروس المسرحين الذين ليس لديهم عمل ، يعرضون خدماتهم على البلدان التي تجتاحها الحروب الأهلية .

وهناك أيضا رجال " الكوماندوز " القدامى في الجيش البريطاني ، يعرضون خدماتهم لمساعدة الجيش الكولومبي لمكافحة تجارة المخدرات في تلك البلاد .

ويبلغ اليوم عدد البلدان التي تستقبل جنود الثروة حوالي الثلاثين بلدا حتى الآن معظمهم من الجنود الراغبين بالتطوع .
وأفضل وأقوى هذه الفرق هي الفرقة الأمريكية ويطلق عليها اسم " جنود الثروة المحترفين " وتنحصر مهامها بتدريب المرتزقة وتأهيلهم بموجب عقود خيالية .

وفي بعض الدول الأوروبية لم يعد الزمن كما كان عليه سابقا ، فالمرتزقة يقومون بمهام سرية كانت تقوم بها عادة الجيوش والاستخبارات الخاصة التي لم تعد تستطيع القيام بها الآن . تلك هي جمعيات " الخدمة قيد البيع " التي تقوم بتزويد المرتزقة بالخبرات الفنية والتقنية العالية وكل ما تحتاجه في سبيل إنجاز مهامها .

ومنذ بداية التسعينات أخذت هيئة الأمم المتحدة تحذر من أخطاء تزايد عدد المرتزقة في العالم ، فوضعت مشروع معاهدة ينص على مكافحة تجنيد المرتزقة ، وتمويلهم وتدريبهم ، ولكن هذا المشروع بقي حبرا على ورق .
اثنا عشر بلدا فقط صادقت على المعاهدة ، وهذا غير كاف لتصبح المعاهدة سارية المفعول .

لقد أوردت صحيفة سويسرية في مقال لها ، نشر منذ فترة قريبة وترك أصداء كبيرة لدى الناس ، حول أوضاع المرتزقة جاء فيه :
" ترى هل العالم اليوم بصدد خصخصة الجيوش ويتجه نحو إعداد مرتزقة ليحلوا بالتالي مكان قوات الطوارئ الدولية العاجزة عن القيام بمهامها ".

وفي الوقت الذي يشكل فيه الجنود المرتزقة أحد عوامل القوة اليوم ، وحيث أعدادهم آخذة بالازدياد ، يرى أحد الاستراتيجيين في وزارة الدفاع الفرنسية وهو السيد " ميشيل بيترمان" بان هناك قضيتين تسيران جنبا إلى جنب ، إحداهما تتعلق ببعض الجيوش المنظمة أو المحترفة والتي تدافع عن ثروات الحكام ونفوذهم من أجل السيطرة على العالم ، والثانية تتعلق بالجيوش الخاصة والخارجة عن القوانين والتي تبشر بالفقر والبؤس والطغيان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصام في حرم جامعة أوكسفورد البريطانية العريقة للمطالبة بإن


.. القوات الإسرائيلية تقتحم معبر رفح البري وتوقف حركة المسافرين




.. جرافة لجيش الاحتلال تجري عمليات تجريف قرب مخيم طولكرم في الض


.. مشاهد متداولة تظهر اقتحام دبابة للجيش الإسرائيلي معبر رفح من




.. مشاهد جوية ترصد حجم الدمار الذي خلفته الفيضانات جنوب البرازي