الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطر في السياسة من وحي الربيع العربي -3-

جاك جوزيف أوسي

2013 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


(1)

يسمى هذا ربيع الشعوب العربية لكنه يمكن أن يصبح شتاءً إسلامياً متطرفاً, ويزيد هذا من احتمال استعمال سلاح الإبادة الجماعية.
الجنرال إيال آيزنبرغ-إسرائيلي.
ما سمي ربيع عربي سيتحول إلى كارثة قد تضع بالعرب إلى هامش التاريخ نتيجة الصعود السريع للتيارات السلفية الجهادية التي توقفت عجلة الزمن في منظومتهم الفكرية و العقائدية عند القرون الوسطى و لم تبارحها حتى الآن إن على المستوى التنظيري أو العملي.
ففي مصر كان الخيار وما زال بين دكتاتورية مجلس عسكري سيدير الأزمة في البلاد حتى أجل غير مسمى وذلك بسبب عدم وجود ضابط ذو شخصية ساحرة وقيادية تستطيع أن تتصدى لمهمة إدارة مصر والعبور بها إلى شط الأمان, وبين استبداد تيارات الإسلام السياسي التي ستقود البلاد إلى حرب طائفية وعرقية ستكون نتيجتها تقسيم مصر إلى أربع دول على أقل تقدير.
أما في بلاد الشام ووادي الرافدين فنجد فسيفساء طائفية وعرقية وقبلية بدأت نذر الشر تلمع في عيونها نتيجة ورود خطابات دينية تداعب الغرائز الحيوانية التي بدأت تحرك الكتل البشرية. هذه الخطابات إن لم يُعمل على وئدها الآن فإنها ستقود المنطقة إلى الإصدار الثاني من حرب البسوس, المنتصر فيها سيوقع صك عبوديته لإسرائيل !!!
ففي جرد سريع لحساب لمحصلة "الربيع العربي" حتى هذه اللحظة، فإننا نرى إن المنطقة سائرة نحو عصر العصابات المسلحة حيث ستسيطر الجريمة المنظمة على شوارع مدننا, الأمن والآمان أخد بالانعدام تدريجياً, خط الفقر بدأ يرتفع ليشمل الشريحة الأكبر من الطبقة الوسطى التي هي خزان النهضة وحامية المجتمع في أي نظام سياسي واجتماعي "والمثال الواضح والبسيط هو العراق الشقيق وما جرى له".
وفي النهاية من المسلمات الأولية في علم السياسة إن الحراك الشعبي لا يستطيع تغير النظام السياسي في أي دولة بالقوة, فقط من أرادت لعبة الأمم أن تقودهم إلى مستنقع الجهل والتخلف والطائفية هم من سيسقطون أنظمتهم بشعار الشعب يريد ......................... أن يصبح من العبيد.
(2)

العقلية العربية

قد يكون التوصيف المُقدّم لهنري كينسنجر وهو في طريقه إلى ما سيعرف بالرحلات المكوكية في الشرق الأوسط، لتحقيق وقف إطلاق النار بعد حرب تشرين، خير مدخل لهذا الموضوع. فالعقلية في إي مجتمع مرتبطة بنمط التفكير السائد والمهيمن على الشريحة العظمى لأفراده, فما هو هذا التوصيف الذي يشرح طبيعة العقلية والنفسية العربية، والذي وُضع بين يدي كيسنجر؟
الوصف الأول عنوانه: الشيخ والخيمة.
يتحدث هذا التوصيف عن ألية صنع القرار في العالم العربي, وكيف إنها في يد الشيخ, واضعاً عقالاً أو العمامة أو قبعة الجنرال على رأسه, فسلطة الأمر والنهي في النهاية مرتبطة بإرادة رجل واحد, محاط بحاشية تُسّمِعَهُ ما يريد أن يسمع فقط, وهو في هذه العملية يهز برأسه وهو يمسك المسبحة بيده, ثم في النهاية ينطق بالدرر والجواهر التي تتحول بقدرة قادر إلى قانون نافذ. لا راد لحكمه, مستمداً سلطته من الحكمة الصوفية الشهيرة: من لا شيخ له فشيخه الشيطان. وبما أن الشيخ هو المتدحث باسم الله فمعارضته هي عصيان لأوامر الله, والانتساب لحزب الشيطان.
من هنا نرى أحد الهدفين الرئيسين للفرد العربي أن يصبح شيخ.
أما الوصف الثاني فعنوانه: السوق.
ويصف فيه أسلوب المفاوضات, في المجتمع العربي, وكيف هي إما مزايدة على الشيء أو مناقصة, تبدأ بالمستحيلات والأحلام التي هي إلى الأوهام أقرب وتتدرج في المساومة والمفاصلة, مرة بأسلوب الصياح مظهرة الغضب مرة والحزن مرة أخرى لخسارة حاصلة والمعروض بضاعة ممتازة. ومرة بأسلوب القسم والحلفان بالكتب والأنبياء على الصدق والأمانة, بأن بضاعته من الجودة موصوفة ومن الغش معدومة. ليصل في نهاية المطاف إلى البيع بنصف القيمة وأحياناً بربعها. وليكون المعيار الوحيد للداخل إلى السوق هو خبرته كي يعرف الحد الذي يجب إن يقف عنده ولا يتجاوزه إن أراد أن يفوز بالصفقة.
ويكون الهدف الثاني للإنسان العربي أن يدخل إلى السوق إما كبائع أو كشاري.
و نستطيع إن نستنتج, وإن كنت لا أعمم, أنه عندما يكون الهدف الأخير للفرد العربي إحدى هذين الاحتمالين فإننا نكون قد دخلنا منطقة الخطر. لأننا نكون قد ربطنا الطموح إما بالمال أو بالسلطه, وحاصل النتيجتين تكون تدمير المعايير الأخلاقية في إي مجتمع.
فمنطق الشيخ جعلنا نتحدث إما بعاطفة (ولا مكان للعاطفة في عالم السياسة) أو بكرم زائد عن اللزوم فمنحنا ما لا يجوز أن نمنحه (كل المال والحلال والأرض والعرض للشيخ بيده البسط و الصد) فتحولنا من حالة الكرم إلى منطقة الخيانة، أو تجعلنا ننطق بخطب مستمدة من سيرة عنتر ومغامرات الزير سالم جعلت شيوخنا تسلية العالم.
ومنطق السوق جرّنا إلى حوارات لا نفقه أبجدياتها، أو لا نتقن لهجاتها في أحسن الفروض, فأرتفع صوتنا رويداً رويداً حتى أصبحنا ظاهرة صوتية تزعج ولكنها لا تهدد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هو محمد مخبر الذي سيتولى رئاسة إيران موقتا بعد وفاة رئيسي


.. فرق الإنقاذ تنقل جثامين الرئيس الإيراني ورفاقه من موقع تحطم




.. هل ستكون لدى النائب الأول للرئيس صلاحيات الرئيس رئيسي؟


.. مجلس صيانة الدستور: الرئيس المقبل سيتولى مهام الرئاسة لأربع




.. ماذا سيختل بغياب الرئيس رئيسي عن السلطة؟