الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا بدون معارضة , هي سوريا بدون طبقات

احمد مصارع

2005 / 4 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


من الناحية التحليلية , فان أنظمة الطغيان تعتمد غالبا نظرية الإفقار والتجهيل والمرض , كطريقة مثلى للسيطرة على كل مقومات الحياة , ومفردات السلطة , الى أن يقع المجتمع السياسي والمدني والاجتماعي بأسره , في قبضة براثن ( العصب الأمني)الذي يلعب دور المخيخ فيه , القائد ( الطاغية ) والذي يأمر بنشر وتوسعة السجون , بنفس القدر الذي يطلب فيه زيادة الشدة في نظام الجباية الإقطاعية , شبه السياسية , ويكون من نتائج ذلك تقلص شرايين الحياة , وينتشر الجفاف , وتتقلص أمواه الحياة .
ما يمكن تسميته بالطبقة الوسطى المستنيرة , والواعية لحيل وألاعيب السياسة , كانت قد تمت تصفيتها بعملية مرحلية , ومتدرجة , بحيث تطلب الأمر تقديمها قربانا , غير مقدس , على مذبح ( الوطنية ) الزائفة , و( القومية ) المتصحرة , و ( الاشتراكية ) الكاذبة , بل إن كل الفئات والطبقات الاجتماعية , والقوى الحية في المجتمع , هي موضوع للصيد والاقتناص , وهذا يتطلب ولإحكام السيطرة الأمنية التلاعب بها , والقضاء عليها , ومحوها من كل امكانات الفعل السياسي في الخارطة المحلية , بل وتحطيم كل فعالية ممكنة لها , وعن طريق , دفعها نحو تحارب موهوم , ومفتعل , ولكي تزيح بعضها بعضا , بأسلوب خبيث , القصد منه , هو قطع كل جسور التلاقي , بين قوى المجتمع اليقظة .
ومنذ عهد الوحدة المصرية , بل التبعية السورية لمصر , تمت عملية القضاء على الحضارة الديمقراطية السورية , ونشب أعصبة أنواع من الأمن , مباحث , أمن عسكري , وجوي , فتحول العالم السوري الى مختبر للمخابراتية من كل الأجناس والأنواع , وتم إسقاط الهوية الوطنية السورية , وفيما بعد تم التأكد من زيف تلك اللعبة , وهي لعبة ( كش ملك ) بخطوات معدودة , فحين تمت لعبة إزاحة الإقطاع والبرجوازية , وتأميم ممتلكاتها , وهي عملية ( ثورية ) , فقد تمت باسم العمال والفلاحين , وهم الطبقة التي تم تزييف وعيها وبشكل وحشي وهمجي , بما يفوق الحاجة الفعلية لضرورة مواجهة ( الإمبريالية والاستعمار ) .
كان صديقي المنافق وقد صعد على منصة النفاق الإقطاعي الجديد يهتف :
تسقط الإمبريالية , ويسقط الاستعمار .
وفوجئ بالآخرين يهتفون به : انزل يا رجل , أتحسب نفسك ناصر زمان .
عمال وفلاحون , وباسمهم تم مهر وتصديق عمليات قبر الحياة السياسية , ليلتحقوا جميعا بقطار الطاغية الأمني الأول ,وليت الأمر كان قد توقف هاهنا , بل لقد شعشع , وامتد أثره ليشمل كل الفئات الاجتماعية , بل وحتى البريئة منها , من الطلبة , والشبيبة والأسوأ على الإطلاق , ما سيسمى بالأطفال ( الطلائع ) .
كل هذا لتكتمل لوحة , الكل يلهج باسم المخيخيخ الأمني , وكانت النتيجة , أن لا طبقات , ولا فئات ولا شرائح , بل لا مجتمع , بل ولا جمعية خيرية , ولا مقرا لفرقة حزبية واهمة .
والسؤال عن امكان وجود معارضة سورية , في ظل غياب تام للمجتمع السياسي المتناحر , بل حتى الشكل الطبيعي لامكان وجود , مجرد حياة ؟!!..
عندما تنعدم الشروط الضرورية للحياة , فان الضحية الإنسانية الأولى هي في فقدان كل حواس الشعور التقليدية , بدءا من الشم والذوق والسمع والإحساس والنظر ... الخ .
بأي حجة سورية , وببعض بقايا العقل , وفيما قبل - 1958 يمكن تفسير القبول السوري لتبعية هزلية , للتوتر ألذي كان سائدا آنذاك , ولبلد لم يكن بامكانه فعل شئ , وأي شئ ؟؟!!..
ربما كان الفكر الخرافي أو الأسطوري يعدنا بتحقيق شئ , والسؤال ماهو هذا الشئ ؟ وهو مشروع للغاية ؟
من سيتعلم ألف باء لغة أجنبية للغاية , فسيبدأ بالضرورة الهزلية , وهي من نوع : ابق منتصبا بشكل عمودي هناك , بدلا من قول كلمة واحدة هي : قف .
ولم يجمعنا حقا كلمة سواء , بل موقف سوء , وهو سوء تقدير وسوء نية مبيتة للغاية , والغاية منه هو الخروج بشكل جماعي عن ممارسة الدور التاريخي المفترض , ولكل أمة حية .
البحث عن المعارضة السورية مثلا , هو كالبحث عن إبرة وسط كوم من التبن , والمثل الشعبي يقول :
من الذي سيعير مريش , ووسط سوق الغنم ؟!.
إذا كان المجتمع الوطني فاقد الهوية , وبأسره كان قد صار ضحية مسترهنة , ولنظام أمني أتقن لعبة خلاصه الفردي , لالشئ بل لمجرد خلاصه الفردي , لأنه كان قد تمتع بكل مزايا الحصانة الدولية , وقد صار عاريا , وفجأة وبقدرة قادر , فسبحانه وتعالى !!.
النظرية السياسية التي تقول : كل نظام سياسي طغمائي , خارج التاريخ , وقد تمرس بالفساد ووصل مرحلة النهب المنظم , فقد وصل مرحلة اللاعودة , وبمعنى إني وساذج فان كل محاولة لا صلاحه , فستقود لانهياره وبالضرورة , وهذا ما سيحدث وبشكل فعلي .
فمن الضروري بمكان الإشارة , بأن لا امكان لوجود معارضة فيه , وكل ما يمكن القيام به , هو إطلاق الحريات السياسية فيه , على مبدأ الأواني المستطرقة , لا و لشيء من غير محاولة غير محققة النجاح ولإعادة التوازن إليه , وهو أمر عسير الحدوث , في ظل المعطيات الراهنة .
التوافق الطبقي والاجتماعي والسياسي , وإعادة التموضع الطبيعي المفقود , لن يبقى مستمرا للأبد , ولكن المخزي بل والمؤسف فيها , أن لاتحدث من غير البدء , والعود بدء , وكأن أزمان تجاهل ونسيان ضرورة التوازن الطبيعي المحض , كما لوكنا أمام قدر ولابد منه .
وللمقالة بقية وفي البحث عن حل ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي صلاحيات رئيس الجمهورية في إيران؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. هيئة الانتخابات الإيرانية تعلن عن جولة إعادة بين بزشكيان وجل




.. الداخلية الإيرانية: تقدم بزشكيان مؤقتا يليه جليلي


.. الداخلية الإيرانية: تقدم بزشكيان على جليلي بعد فرز 19 مليون




.. مقتل عشرات الفلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على مناط