الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لوحات معبقة بتراب الوطن / ناصر خانة في ستوكهولم

محسن صابط الجيلاوي

2013 / 5 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


بدعوة من المركز الثقافي العراقي في العاصمة السويدية ( ستوكهولم ) تم يوم 15-05-2013 وعلى قاعة الفنان كاظم حيدر افتتاح معرض الفنان ناصر حسن خانة تحت عنوان ( أعط عنوانا لهذا المعرض ).

والفنان ناصر خانة من مواليد الكوت 1952 ، درس النحت والرسم في أكاديمية الفنون الجميلة ، عضو نقابة الفنانين والتشكيليين العراقيين ، أقيمت له عدة معارض فنية، له مساهمات نحتية كان اخرها نصب تذكاري لمقبرة المحاويل الجماعية في جامعة الحلة بارتفاع 15 مترا ، إنجاز بانوراما ( اليوم الموعود ) بمساحة 240 متر ، ويعتبر من الجيل الذي واصل آصاله الرواد في المشهد الفني العراقي .

في أعمال خانة هناك مزج فريد للأبعاد الاجتماعية ، فمساحات اللوحة بكل تفاصيلها مكللة بالجمال والفرادة وتقف إلى جانب الحياة رغم كل الألم الموجود ، هي تستفزنا وتثير حواسنا وتعصر أفكارنا المحلقة في سماوات مدهشة لنصل إلى قراءة متأملة وجادة ومطلوبة في تعبيرات وجوه وأجساد وشخوص وعوالم الفنان...!

في لوحات كثيرة يشتغل على العين والعضلات التعبيرية لها وهي هنا لا تعيش غربة التجريد بل هي وسيلة تحقق التأثر والتأثير المطلوب لتسبح في متخيل المتلقي الذي أنهكته الأيام المريرة لوطن عانى كثيرا، العين هي المكان الذي يرى العالم ، مكان في الجسد الإنساني قادر على التقاط اللحظات الدقيقة للمشاعر، إنها مكان مسكون بالهواجس والخوف والفرح والحب والانتصار والهزيمة ، العين تقدم الشامل والهام والمنفعل في كل التفاصيل لتخط سفر الحالة الراهنة واللحظية لقدرة البشر على الكلام الصامت العميق الدلالة والمعنى ...!

رغم كل التعاسة التي تحيط حياتنا لكن الفنان أراد أن يساعدنا بكل قوة عبر السرد المكثف للوحة على تلمس لحظة أمل وفضاء أجمل قادم، كل مساحة اللوحة مشغولة بصنعة ماهرة ومنضبطة ومدروسة لتخط أثرا عميقا يعصف بالروح بكل قوة لتستل منها لحظات أثيرة في تضامن وجع الجماعية الإنسانية ...!

الجمال معادل صعب للقبح في حياتنا لكن رغم ذلك قدرة الفنان المدهشة على الخلق أستطاع أن يحقق مقاربة ممكنة تنتصر للإنسان في أقسى عذاباته ، فالجماليات هي أرقى وظيفة للفن ضد مشروع القهر والقبح والتدمير والاستلاب والعذاب...!

كل الكائنات الجميلة التي تلون حياتنا تدخل في فضاء ومشهد لوحات خانة في شكل مزاوجة مدهشة لها معنى ودلالات تجعل من قراءة أعمالة تأخذ وقتا فيه كل ذلك التأمل والجدية والإمتاع ومعها إدراك أهمية الفن ووظيفته في تغيير حياة الناس ...!

اللغة البصرية لديه لا نهائية وغير ثابتة بل هي مسكونة بمشاغل تريد أن تحدد موقفا فكريا مستمدا من حياة الفنان وتجربته ووقوفه إلى جانب القضايا الكبرى للإنسان المقهور لهذا خطوطه هائجة ولها القدرة على إثارة الأسئلة ومعها خلق مشروع حوار طويل ومستمر وغير عابر مع المتلقي عن جدوى هذه العيش وهذه الدنيا، تلك هي معادلة ومسعى الفنان الأصيل والمثابر والعميق...!

أستطاع ان يلون حياتنا بالإدهاش ويعطينا أحقية وأهمية وميزة تأملها بدل أن نمر عليها راكضين وسط لا أبالية ضجيج وصخب تناقضاتنا ومشاغلنا الكثيرة ...!

روحه تكتظ بالمتخيل والإبداعي في تلمس الأشياء والتفاصيل الصغيرة للروح الإنسانية ، عذابات البشر ، قلقهم ، صمتهم ، احتجاجهم ، أمالهم ، صبرهم ، عبثهم، قهرهم ،...وبهذا يعطي للوحة بعدا كونيا محلقا في مشروع انتصار البشر الكلي في هذا الكون...!

التجربة النحتية موجودة في فضاء اللوحة فشكل الجسد والحركية والعضلات فيها ذلك البعد وباعتقادي الشخصي المتواضع أعطت للفنان قدرة أكبر على براعة المزاوجة وهي تحسب له ففي حالات مماثلة قد يحدث ارتباك بين هذا وذاك لكن قدرة الفنان التقنية والفكرية وتجربته الكبيرة والإرث الهام للفن العراقي حققت له إمكانية مزاوجة جمالية هامة ومثيرة في روعتها وتألقها وبهائها ...!

هناك ملاحظة أن اللوحات التي عرضت معمولة بقلم الرصاص والحبر لسهولة جلبها وبهذا فالمعرض الذي أقيم بجهود شخصية لأصدقائه لا يعبر كليا عن مشروع وانشغالات فنان كبير له أثر وبصمة هامة في الفن التشكيلي والنحتي العراقي ...!

لقد احتفت ستوكهولم بفنان هام ورائد ، جعلنا بفنه نعيش لحظات ومشاعر مطرزه بالإبداع والسمو والآمال ، مساء شفيف كان فيه ناصر خانة يوزع بسخاء وكرم روحه النبيلة لتحتضن وتعانق وتلف الجميع ....!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله