الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوء توزيع الموارد النفطية

وصفي أحمد

2013 / 5 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


( تابع إلى أسباب انتشار الشيوعية )
هنا لابد من الاشارة إلى انتقال الدخل الحقيقي من أيدي الكثرة من الناس إلى أيدي القلة منهم . و لدينا تلميح إلى كيفية حصول بعض هذا التحول من خلال رسائل كتبتها منّور الهاشمي سنة 1943 إلى زوجها طه الهاشمي , وزير الدفاع السابق , الذي أثار استياء الوصي على العرش فنفاه إلى اسطنبول . و قد ضبطت الشرطة السياسية هذه الرسائل .
كتبت السيدة الهاشمي تقول :
(( ليس عدلاً أن تبقى في اسطنبول بعد تلقي الإذن ( بالعودة ) . أرجوك أن تأتي بلا تأخير . النصائح التي أتتك من أناس لا يريدونك أن تأتي إلى هنا لأنهم يخافون أن تصبح عقبة في وجه سرقاتهم إذا ما أصبحت وزيراً . الفئران تتكاثر بسرعة و إلى درجة أن عدد القطط لم يعد كافياً .... و الناس الذين كانوا في السابق يركبون عربات تجرها الثيران صاروا اليوم يقودون السيارات وجيوبهم ملأى بأوراق اللعب . و الذين لا يرغبون بمجيئك هم هذا النوع من الناس , و بينهم الكثير من الأصدقاء و الأقارب .....
(( عزيزي الحياة مكلفة جداً , لقد أصبح الدينار بقيمة الفلس ... حتى الخيار صار ب 300 فلس .... و القماش القطني المطبوع يباع ب 250 فلس للذراع ..... , يمكنك أن تتكهن بالحالة المزرية ...... )) .
و لم يكن للثروة الجديدة التي رفعت القلة التي استفادت منها إلى أعلى بكثير من جمهرة الشعب , و التي ولدت الترف في وسط البؤس , إلا أن تقوي الحواجز النفسية القائمة بين الطبقات و أن تهدد بنية المجتمع . و صار الاثرياء لا يفكرون إلا بأنفسهم وحدهم .
كان هذا هو الإطار التاريخي الاساسي الذي نمت المشاعر الشيوعية في أحضانه . و لكن كانت هنالك عوامل اخرى مساهمة أيضاً . و كان أحد هذه العوامل هو عجز الطبقات المصابة عن تحسين أوضاعها أو تقويم ما تشكو من مظالم بطرق قانونية . و كان العمال ومأجورو الطبقة الوسطى مستبعدين طبعا عن السلطة السياسية . وكانت الحلقة الضيقة من الحكام المستندين أساساً إلى التحالف القائم بين الملاكين البيروقراطيين و الضباط الشريفيين السابقين الذين تحولوا إلى ملاكين , و المشايخ الملاكين , وأصحاب المصالح المالية , قد اعتادت النظر إلى الطبقات الأخرى على أساس أنها غير ناضجة و ليست ذات حقوق سياسية . ولم يسمح بوجود أية أحزاب سياسية منذ منع حركة الإصلاحيين الشعبيين سنة 1937 وحتى سنة 1946 . بعد ذلك , ونزولاً عند تأثير الضغط الشعبي , منحت حرية النشاط السياسي و إن بتردد , و لكنها قيدت بالممارسة – باستثناء فترات قصيرة و متقطعة – إلى درجة أنها لم تكن أكثر من وهم , حتى منعت أخيراً سنة 1954 . و بشكل مشابه , فمنذ حل النقابات سنة 1933 , نادراً ما نظر بعين العطف إلى تجمع العمال لأهداف اقتصادية . و كان قانون العمل لسنة 1936 قد تحدث بحلو الكلام عن حقوق العمال , ومنح الحكام في الفترة 1944 – 1945 , عندما كانوا بمزاج تسامحي , الصفة القانونية لبعض الاتحادات النقابية , و لكن يبدوا أنهم شعروا بأنهم فتحوا على أنفسهم صندوق كل الشرور , و لذا فقد سارعوا إلى إعادة احكام الغطاء عليه . و انتهت تجربة أخرى مع نقابات العمال جرت في فترة 1951 – 1952 بالطريقة نفسها . باستثناء السنوات المشار إليها , فإن الضغط من أجل أجور أعلى أو ساعات عمل أقل , أو من أجل حرية الاضراب , كان يعني الخيانة السياسية , و كثيراً ما كان يعني فقدان مصدر الرزق . وأدّت كل هذه الظروف إلى تجذير الارادة الشعبية وإلى تقوية قبضة الشيوعيين بشكل ملموس . و نظراً لأن التوزيع القائم للسلع ولقوى الحياة لم يكن في مصلحة جملة الناس – وهي حقيقة موضوعية اجتماعياً تضخمت لدى انعكاسها على مستوى الوعي الاجتماعي – و لاستحالة إجراء أي تغيير يتلاءم مع التيار ومع الرغبات المتزايدة باستمرار بواسطة العمل القانوني , لذلك ظهر العمل السري إلى الوجود بعد ان أصبح الآن هو الموطن الطبيعي للشيوعيين العراقيين . و كان طريق الاصلاح الاجتماعي مسدوداً , ولم يبق أمام المستاءين إلا بديل الثورة الاجتماعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة - لبنان بعد اغتيال نصر الله • فرانس 24 / FRANCE


.. عاجل | نتنياهو: مقتل نصر الله سيغير موازين القوى لسنوات في ا




.. بدأت باختراق تردداته.. إسرائيل ترسل رسائل مبطنة باستهداف مطا


.. نتنياهو: تصفية نصر الله هي الشرط الأساسي لعودة مواطنينا إلى




.. موازين | الاحتلال وحق مقاومته