الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما معنى أنْ ينجح -المؤتمر الدولي-؟

جواد البشيتي

2013 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


دَعْم المعارضة السورية (وبالسلاح في المقام الأوَّل) بما يمكِّنها من إطاحة بشار الأسد ما عاد (اليوم) بخيارٍ للقوى الدولية والإقليمية التي زَعَمَت، وتَزْعُم، أنَّها مع هذه المعارَضَة، تؤيِّدها، وتَقِف إلى جانبها؛ وعبارة "ما عاد" أَفْهَمها على أنَّها تفيد المعنى الآتي: "تأكَّد اليوم، وأتَّضح، أكثر من ذي قَبْل، أنَّ تلك القوى الدولية والإقليمية لم يكن لديها هذا الخيار، وإنْ حرصت على أنْ تبدو على غير ذلك".
أمَّا الصراع، في واقعه الحقيقي، والذي يشتد ويعنف، في استمرار، فلا خيار يعرفه، ويعترف به، ويؤكِّده، إلاَّ الخيار الآتي: "إمَّا سورية بلا بشار، وإمَّا بشار بلا سورية".
"المؤتمر الدولي (لحلٍّ سياسي للأزمة السورية)"، والذي يُفْتَرَض عقده في النِّصف الأوَّل من حزيران المقبل، وفي جنيف، وفي رعاية الأمم المتحدة، هو الآن مدار اهتمام وجهود ومساعي القوى الدولية والإقليمية المتورِّطة في الصراع السوري، وفي مقدَّمها الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا وإسرائيل؛ وكأنَّ كفَّة البُعْد الدولي ـ الإقليمي للصراع في سورية ترجح الآن على كفَّة بُعْدِه السوري.
ولو سُئِلَتْ روسيا "ما العقبة الآن في طريق عقده؟"، لأجابت على البديهة قائلةً: إنَّها "الطَّرف الآخر"، لجهة "عجزه" عن "تسمية أعضاء وفد المعارَضَة السورية (إلى المؤتمر)"، واستصعابه قبول اقتراحها ضَمَّ إيران (والسعودية) إلى "المؤتمر"؛ فموسكو تسلَّمت من بشار الأسد "قائمة بأسماء أعضاء الوفد الحكومي السوري".
بشار نفسه لا وجود له في "الوفد الحكومي السوري"؛ لكنَّه هو الذي ألَّف هذا الوفد؛ وبعد تأديته هذا العمل يمكن أنْ يؤدِّي عملاً آخر، هو أنْ يساعِد، في طريقة ما، في قيام "حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات والسلطات (التنفيذية)"؛ لكنَّ هذا "العمل الثاني" لن يؤدِّيه بشار إلاَّ بَعْد توصُّل وفديِّ الحكومة والمعارَضَة إلى اتِّفاقية للحل السياسي للأزمة السورية، تَرْضى عنها، في الوقت نفسه، القوى الدولية والإقليمية أعضاء "المؤتمر"؛ وهذا إنَّما يعني أنَّ غاية القوى الدولية والإقليمية المناوئة للثورة السورية هي أنْ يفضي "المؤتمر" إلى "اتفاقية" لـ "حلٍّ سياسي"، قوامه، وجوهره، "إصلاح نظام الحكم السوري نفسه"!
وفي "أحسن الأحوال"، يمكن أنْ "تتنازل" هذه القوى الدولية والإقليمية، فتَقْبَل حلاًّ لـ "مشكلة بشار نفسه"، قوامه: أنْ "يتنازَل" بشار عن "حقِّه" في الترشُّح لانتخابات الرئاسة ((2014 في مقابِل حصوله (وآخرين) على ضمانات قوية تجعله آمناً مُطْمَئِنَّاً.
أمَّا "العقبة الثانية"، بعد عقبة "مصير بشار"، فهي "القوى والأجهزة والأدوات الأمنية والعسكرية"، التي هي المَصْدَر الأوَّل والأهم لقوَّة نظام الحكم في سورية؛ وأحسب أنَّ "المقايضة" ستكون، في هذا الأمر، بين تقليص "النفوذ العلوي" فيها وبين تقليص نفوذ "جماعات المعارَضَة"، التي توافَقَت روسيا والولايات المتحدة على أهمية وضرورة إضعافها، وفي مقدَّمها جماعة "النُّصْرَة".
وأحسبُ أنَّ أوَّل شيء ينبغي لـ "المؤتمر الدولي" إنجازه، إذا ما عُقِد، أو إذا لم "ينفجر" بعد عقده، هو "وقف إطلاق النار وكل الأعمال العسكرية والقتالية"؛ لكنَّ هذه "الهدنة" ستكون مشروطة بالتزام قوى دولية وإقليمية مَنْع وصول أسلحة وذخائر ومعدَّات عسكرية إلى قوى المعارَضَة.
القوى الدولية والإقليمية، التي ما زالت تَزْعُم أنَّها مؤيِّدة للمعارَضَة السورية، على الرَّغم من أنَّ واقع الصِّراع في سورية أكَّد بما لا يدع مجالاً للشَّك أنْ لا مصلحة حقيقية لهذه القوى في دَعْم المعارَضَة بما يمكِّنها من إطاحة بشار الأسد، سنسمعها تقول الآن (إلاَّ إذا تأكَّد لديها أنَّ "الطَّرف الآخر" لن يتنازل إلاَّ في الشكليات) إنَّ بشار الأسد لن يكون له مكان في سورية المستقبل؛ فهذا هو "الشعار الجديد" التي ستَسْتُر به "عورتها"، والتي هي كناية عن تخليها عن شعار، أو مطلب، "رحيل بشار".
وهذا "الشعار (الخادِع المضلِّل الجديد)" سيُتَرجَم عملياً (إذا ما تكلَّلت أعمال المؤتمر الدولي بالنجاح) بتلك المقايضة (عدم ترشُّح بشار لانتخابات الرئاسة المقبلة في مقابل حصوله على تلك الضمانات القوية).
وسيقولون للمعارَضَة: اذهبوا إلى "المؤتمر"، وفاوضوا "الوفد الحكومي"، وإنْ ألَّفه بشار نفسه؛ ففي نهاية المفاوضات، تتوصَّلون إلى اتفاقية، بموجبها تُقام "حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات والسلطات"؛ ثمَّ تُجْرى انتخابات الرئاسة في غياب "المرشَّح بشار"؛ وهكذا تحصلون على "سورية جديدة"، لا مكان فيها لبشار!
أمَّا روسيا فستقول لنظام الحكم السوري، ولحلفائه الإقليميين: لقد نجحنا في إرغامهم على التخلِّي عن شرط "رحيل بشار"؛ وها هُمْ يأتون إلى "المؤتمر" ليفاوِضوا وفداً ألَّفه بشار بنفسه؛ وفي آخر المطاف، سنأتيكم بـ "سورية جديدة"، يتجدَّد فيها القديم نفسه، أيْ تَعْرِف من "الإصلاح" ما يَصْلُح لبقاء نظام الحكم السوري نفسه (أيْ لبقاء كثيرٍ من أُسُسه ومقوِّماته).
وعلى "المؤتمر" أنْ يجيب، في مفاوضاته واتفاقياته، عن سؤال واحِد أحد، هو: "كيف يتوصَّل المؤتمرون إلى إصلاحٍ لنظام الحكم السوري بما يُصْلِح ذات البين بين طرفيِّ المعادلة الدولية ـ الإقليمية للصراع في سورية؟"؛ ولقد شُحِنَ هذا الصراع بطاقةٍ من "الأقلمة" و"التدويل" تكفي لجعل "الحلِّ السياسي النهائي" إصلاحاً لنظام الحكم السوري الذي غادره بشار (وصحبه) آمناً مُطْمَئِنَّاً!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تزامنا مع الذكرى السنوية الأولى لحرب غزة... مظاهرات بعدة مدن


.. كيف تصل إسرائيل إلى قيادات حزب الله؟




.. قصف إسرائيلي يستهدف بلدة نيحا في بعلبك ما خلف دمارا كبيرا


.. تهدف للفصل بين المقاومة وحاضنتها.. ما عقيدة الضاحية التي تنف




.. 8 شهداء وإصابة آخرين بقصف إسرائيلي على بلدة جباليا شمال قطاع