الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنتهاك الدستور والقانون .. منهج إحترافي أم حذاقة لصوص

ياسين الياسين

2013 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


تتزايد الأعداد يوماً بعد آخر وبشكل مضطرد لمنتهكي الدستور في العراق من المسؤولين وحاشيتهم ، ومن الذين هم في هرم السلطة العلوي حتى أنّها أصبحت الظاهرة التي يتندّر بها أبناء الشعب ، والخوف كل الخوف هو في أن تستبطن هذه الظاهرة ملكة عقل المواطن وتفكيره فتصبح من الأشياء المعتادة والطبيعية وصولاً به بعد ذلك إلى الأنبطاح أمامها وقبولها كونها ستصبح من المسلّمات في سلوك أي مسؤول فيغض الطرف عنها ، ويترك مسؤولياته الوطنية في الرقابة والمتابعة لأخبارهم ، وهذه ربّما هي الفلسفة الجديدة التي يتأتّاها المسؤول ويشحذ الهمم بأتجاهها وتعزيز النظرة المتدنّية للمواطن صوب المستوى الفوقي للمسؤول ، والأصرار على محاولات إضعاف ملكة المحاسبة عنده والمتابعة اليومية من خلال التنويه لمؤشرات تثير لديه مخاوف عند إثارته لأي موضوع من هذا القبيل ، ويبدو أن العملية جادة في هذا الأتجاه من خلال البطانة الفاسدة التي تحيط بالمسؤول لاسيّما وهي الحلقة الأخيرة في سلّم المستفيدين من تلك الأنتهاكات مستظلّين بغطاء قانوني كيّفه لهم السيّد أو المسؤول المعني بالأنتهاكات الدستورية والقانونية .
والشيء الملفت في هذه القضية أن الأمور تسير بسياقات يطمئن لها الفاسد وتضمن له الأفلات والأنفلات في آن معاً من كل أنواع المسائلة القانونية ، ولدرجة الأطمئنان من عدم إخضاعه ولو لأبسط مراحل التحقيق وإن كان إبتدائياً ، وقد تابعنا بأستغراب كيفية تمرير حالات كثيرة والقفز بها على كل أجهزة القضاء في العراق والذي هو أيضاً يشار إليه بأصبع الأتهام ، وقد لاحظنا كيف يفسح المجال للفاسدين بأنجاز عمليات كبيرة جداً وعقد صفقات بمبالغ خيالية مع جهات أجنبية رسمية فضلاً عن الشركات التجارية العالمية الكبيرة ، والتي وضعت أسمائها كواجهة ويتم التعاقد من وراء الكواليس مع أخرى وهميّة ، وتحوّل المبالغ الهائلة إلى حسابات سرية في الخارج بسرعة البرق على أساس أنها لحساب تلك العقود بالأتفاق مع تلك الشركات ، ومن ثم تتم وبسرّية تامة تهيئة كل أسباب خروج هذا الفاسد من البلد بشكل أصولي ، وحتى إذا ماوطأت قدمه أرض البلد المقرر له السفر إليه نفاجأ حينها بالأعلان عن صدور مذكرة قبض قضائية بحقه ، وعوّدتنا وسائل الأعلام أنّها تلوك الخبر يوماً أوبضعة أيام ليتسكع بعدها عند رصيف النسيان ، وإبتدأت تلك عمليات النهب الكبيرة من وزير الدفاع الأسبق ووزير التجارة ووزير الكهرباء ومحافظ البنك المركزي العراقي ومفتش وزارة الصحة والمتورطين الذين لم يعلن عن أسمائهم لحد الآن بفضيحة أجهزة كشف المتفجرات وصفقات الأسلحة الأوكرانية المخزية ، ومئات من القضايا التي أفلت أبطالها من جريرة الحساب وطائلة العقاب ، وربما يساوي مجموع المبالغ المنهوبة والمسروقة والمهدورة موازنة إحدى الدول الكبرى الخمسة لسنتين متتاليتين أو أكثر ، وفي حال يتم القبض على أحدهم ، وهو دائماً مايكون من غير المتكئين على الحيتان الكبار ، وربما لخلاف حصل في آخر اللحظات حول كيفية التقسيم ، فيكون عندها الكبش الذي يفتدى به لدفع البلية عن آخرين ، ولكن بحسبان ومراعاة للتشظية المتوقعة من نيران قد تنفلت هنا وهناك ، فيتم اللجوء إلى تطمين الفاسد بعقوبة مخففة لاتتناسب أبداً مع حجم الجرم الكبير الذي إرتكبه ، وهو دائماً من قبيل السجن لسنوات وفي ظروف جيدة جداً ، وقد حصل مثل هذا مع موظفة أمانة العاصمة في الفضيحة الكبيرة والمعروفة ، وهذه العقوبات المناسبة جداً والمريحة جداً هي التي تسهم بأشاعة مفاهيم الفلسفة التي يريدها أولائك الحيتان الكبار في هرم السلطة ومراكز القرار حيث تشيع في الوسط الشعبي هواجس الخوف والرعب بين الناس ، وبالتالي خنق أي بادرة شروع بأنتقاد لمسؤول أوفاسد كبير ، ويمتنع حينذاك الناس عن طرح أية موضوعة تشير إلى سوء إستخدام السلطة والنفوذ أو عدم نزاهة مسؤول ، ومن ثم القضاء نهائياً على حرية التعبير . إن عدم الأقتصاص من الجناة وعدم مثول الفاسدين أمام القضاء وعلى منصات المحاكمات ، وعدم تحقيق العدالة يدفع بالناس إلى الشعور بالرعب وتكريس قيم جديدة بأتجاه يؤدي بها إلى قيام ديكتاتورية جديدة ، وهناك مؤشرات بهذا الأتجاه لما يحصل الآن في العراق من تكريس لحكم الفرد ومراسم التقديس له ونعته بالزعيم والقائد ، وتقديم كل فروض الولاء والطاعة ، والتبشير الدائم بأدبيات تينك الحزب أوالجهة ورئيسها ، وهذا مؤشر جديد خطير في مسار العملية السياسية وممارساتها الديمقراطية في العراق ، ومستقبلها مرهون بمستوى الوعي والنباهة لأبناء الشعب لكي لايقعوا مرة أخرى بحبال الديكتاتورية والحكم الشمولي والحزب الواحد ، وهذا الأنحراف إذا ما حصل في المسيرة الديمقراطية وتعكّز منجزاتها بسبب ضعف الأجهزة القضائية وشيوع ظاهرة الأفلات من العقاب ، وكل هذا الأفلات والأنفلات الممنهج الذي نشهده حالياً لايشكل خطراً كبيراً على أمّتنا في حال تفعيل القانون وإحترام الدستور وتقديم المجرمين للمحاكمة ، ولكن الخطورة الحقيقية المحدقة بنا هي فيما إذا فكر أولائك اللاعبين من الحيتان الكبار والمسؤولين في هرم السلطة من تشكيل ميليشيات قوية تستند إلى قوتهم في مراكز السلطة والقرار في الدولة وتسليحها وتوظيف غطاء قانوني لتحركات تلك الميليشيات مما سيكرّس نوعاً جديداً من فوضى وإختراق أمني لكل مفاصل الدولة وتكريس لقوة فرض الرأي على المواطن بأتجاه حزب أوقائمة وتجيير أصواتهم في ممارسات لديمقراطية صورية تستبطن نظاماً ديكتاتورياً بأحلك صوره .
أننا اليوم لايمكن أن ننكر أن هناك لوبي مناهض للتغيير في البلاد نحو الأحسن والأفضل ، وهذا اللوبي يعمل بقوة وشراسة بأتجاه أي شخص يشير بأصبعه إلى عمليات فساد ودحض رأيه فوراً ، والأجهاز عليه بتهم جاهزة من قبيل كونه من أعوان البعث المنحل ليخرس من يهب ويدب لنصرته والدفاع عنه ، وأن أزلام هذا اللوبي وأدواته من الحلقات الذيلية المنتفعة في المجتمع يدفعون ليل نهار بأتجاه التستر على جرائم المسؤولين ، وإتباع منهج ذر الرماد في العيون ، وهنا سيؤدي بالمجتمع العراقي إلى الأنفصال تلقائياً عن الدولة فيكون الشعب في واد والدولة في واد آخر وهذا منحى خطير وخطير جداً .
وأمام هذا الكم من التوجّسات وهو خوف حقيقي مما تضمره لنا بطون قابل الأيام من تخرّصات الحيتان الكبار من مسؤولي الدولة وإستهانتهم بمقدرات الشعب والأمة من خلال التجرّؤ على الدستور وإنتهاكه والخروج عنه والتفسير الخاطيء المتعمّد لكثير من نصوصه ، وتكييف نصوص القانون وموائمتها في أكثر من مناسبة لتوفير غطاء قانوني مزيّف لأنقاذ سماسرتهم الذين وضعوهم في الواجهة بصفة مقاولين ورؤساء شركات إتضح أن أغلبها وهمية ، ولابد لنا من الأقرار أيضاً أن هناك وبسبب كل هذه الممارسات عنفاً ضد المواطن يمارس خارج القانون ، وخلاصة القول وجزماً نقول أن الحال في الوقت الحاضر على الأصلاح مستعصياً بسبب المافيات الكبيرة المتنفذة على شكل أخطبوط يمد أطرافه لتطال كل مؤسسات الدولة ومفاصلها حتى الصغيرة منها ، وبات المواطن يعرف جيداً ان أمر معاملته غير ميسور له إذا لم يكن كريماً مع الموظف الذي رقدت المعاملة إياها على ظهر منضدته متعبة هالكة تطلب نجدته من قيظ الحر وبرد الشتاء ، وأن الدرجات الوظيفية التي يعلن عن توفرها محجوزة سلفاً قبل صدورها من مراكز إصدار القرار ، وأن لابد من إنقلاب حقيقي هذه المرة داخل المؤسسة الأدارية للدولة نفسها ، ومن أعلى الهرم فيها على الفساد والمفسدين بحركة تأخذ على عاتقها قراراً حازماً بتقديم المتهمين بملفات فساد وإفساد إلى القضاء بأسرع مايمكن ، وإصدار أقسى العقوبات بحقهم وتطبيق القانون بشدة وصرامة وحزم دون تهاون ، وتسيير كل ملفات الأرهابيين من القتلة والمجرمين والمعطلة في رفوف المحاكم لأمر لايعرفه إلا الله تعالى والراسخون في دهاليز السلطة ، وإعدام كل القتلة والمجرمين من الذين صدرت بحقهم أحكام الأعدام بقرارات قضائية قطعية وجدولتها بشكل عاجل لتكون رادعاً حقيقياً لأولائك الذين بثوا الرعب في قلوب أطفالنا من خلال مناظر خرائط الدم في الشوارع والساحات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح