الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجمعية الوطنية ليست كائناً عضوياً

علاء غزالة

2005 / 4 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


وقف عضو الجمعية الوطنية، وقد اغرورقت عيناه بالدمع، مستنجدا بالجمعية لانصافه من حيف كبير وقع بحقه، بعد ان ادعى قيام احد عناصر الامن في القوات المتعددة الجنسيات، وعناصر من الحرس الوطني، بالاعتداء عليه لدى دخوله الى المنطقة الخضراء. واستثار هذا الموقف اعضاء الجمعية، الذين هبوا، في ما يزيد عن الساعة من الزمن، لالقاء الخطب الرنانة حول الاستقلال وطلب نقل مقر الجمعية.. ثم علقت الجمعية جلستها الصباحية احتجاجا، واصدرت قرارا باستدعاء السفير الامريكي (...) والطلب اليه بتقديم اعتذار عن هذا الحادث الذي عدّوه متكررا، اضافة الى معاقبة افراد الحرس الوطني المتورطين في الحادث.
ورغم اننا نعتقد بضرورة التمسك بحصانة اعضاء الجمعية، واعضاء الحكومة العراقية، وصيانة الشخصية الرسمية بشكل لائق، الا اننا نعتقد ان الجمعية قد تسرعت في اتخاذ موقف بناء على ادعاء احد الاعضاء. وهذا لا يعني اننا نشك في هذا الادعاء، ولكن لا ينبغي ان يتولى عضو واحد، او حتى مجموعة اعضاء، سوق الجمعية الى اتخاذ اجراءات معينة، دون التمحص والتحقق من طرفي القضية.
ومن ناحية اخرى، فان هناك قضايا اجرائية معينة كان ينبغي القيام بها حتى قبل التئام الجمعية. منها التعريف الكافي باعضاء الجمعية، ومنحهم بطاقات الهوية التي لا لبس فيها، وتقرير مكان عقد الاجتماعات واوقاتها. ان بعضا من هذه الاجراءات يقع ضمن حيز النظام الداخلي، الذي هو قيد الاعداد. ولكن هناك ثوابت معينة موجودة في اي نظام داخلي كان ينبغي اقرارها في جلسة الجمعية الاولى. وكان يمكن اتخاذ النظام الداخلي للمجلس الوطني السابق كصيغة مؤقتة لحين اقرار نظام داخلي لهذه الجمعية.
لقد حدث هدر كبير في الزمن. فقد تأخر انعقاد الجمعية لاكثر من شهرين بعد اجراء الانتخابات بدعوى المفاوضات حول تشكيل الحكومة الجديدة. وكان يمكن استغلال هذا الزمن في اتخاذ الاجراءات الضرورية وتوفير الاجواء الملائمة لعقد اجتماعات الجمعية. فحتى قاعة الجمعية ليست مناسبة لمثل هذه الاجتماعات من ناحية حشر الاعضاء على الارائك، وتنقل المايكروفونات بينهم، وغياب الية للتحدث وطرح مشاريع القرارات، وعدم امكانية حصر الاصوات بيسر، بل وعدم تسجيل هذه الاصوات كما ينص الدستور المؤقت. وكان يمكن استغلال الزمن الضائع في تدريب اعضاء الجمعية على الاساليب البرلمانية، وكيفية الحديث والاقتراح، واحترام جدول الاعمال والالتزام بالاوقات الواردة فيه، واصول تقديم المقترح وتعديله والنقاش حوله وطلب التصويت او التأجيل او الاحالة الى اللجنة المختصة.
وكان يمكن تدريب الاعضاء على فكرة الجسم البرلماني كهيئة تشريعية، وليست ككائن عضوي. بمعنى ان البرلمانات تناقش القضايا المطروحة امامها وتقدم المقترحات لحلها وتتدارس ايجابيات وسلبيات هذه المقترحات ثم تتخذ القرارات بشأنها.. وعند ذاك يكون القرار صادرا عن الجمعية، لا عن الاعضاء الذين اقترحوه او الذين ايدوه، وبالتالي فهو ملزم للجميع. وهذا هو معنى الجسم التشريعي. اما محاولة جعل البرلمان كائن عضوي، بان يقوم احد اعضائه باستثارته، فيقوم الاعضاء الاخرون بتأييده فقط لانه احد الاعضاء، واعتبار الاعتداء عليه اعتداء على الجمعية، هو امر مرفوض. فالبرلمان يمثل الشعب، كما يمثل السيادة الوطنية، التي لا تتحقق فقط بمنع الاعتداء على احد اعضائها، وانما بصيانة حقوق جميع افراد الشعب بنفس القدر من الحرص. وعلى هذا، فان على البرلمان ان يتفاعل مع الشعب وقضاياه ويستجيب لها بمسؤولية وواقعية، لا ان يهدر الزمن الثمين في مناقشات جانبية اقل ما يقال عنها انها غير مهمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال