الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيناء تطلب مزيداً من السيادة المصرية!

جواد البشيتي

2013 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


مرَّة أخرى (ولن تكون الأخيرة) تعود سيناء إلى تحدِّي الدولة المصرية أنْ تمارِس (أو أنْ تجرؤ على أنْ تمارِس) فيها سيادتها كاملةً غير منقوصة، وبما يُمكِّنها من حلِّ مشكلات هذا الجزء (الكبير والمهم) من إقليمها، والتي يعود جزء كبير منها إلى إسرائيل بانتقاصها السيادة المصرية (العسكرية على وجه الخصوص) في سيناء، وإلى عجز القاهرة عن فعل أيِّ شيء يُعْتَدُّ به لإرغام إسرائيل والولايات المتحدة على تعديل وتغيير "معاهدة السلام"، وسائر الاتفاقيات المتَّصِلة بها، بما يسمح لها بحلِّ تلك المشكلات، التي إنْ لم تُحلَّ، وظلَّت تتفاقم، قد تُصيب من الأمن القومي المصري مقتلاً.
سيناء شاسعة واسعة، غنيةٌ بمواردها التي لم تُسْتَثْمَر وتُسْتَغلَّ بَعْد، وهي، نِسْبَةً إلى ذلك، تكاد أنْ تكون غير مأهولة؛ كما أنَّ موقعها الجغرافي يُكْسِبها من الأهمية الإستراتيجية ما ينبغي له أنْ يجعلها في بؤرة اهتمام المتوفِّرين على تعزيز الأمن القومي لمصر.
حتى الآن (أو منذ اندلعت ثورة الخامس والعشرين من يناير) لم نَرَ من هذا الفراغ من سيادة مصر (ومن سيادتها العسكرية على وجه الخصوص) في هذا الجزء المهم من أراضيها إلاَّ ما يعود بالضَّرَر على الأمن القومي المصري؛ مع أنَّ لمصر مصلحة حقيقية، قومية وإستراتيجية، في أنْ تقيم الدليل لإسرائيل على أنَّ هذا الفراغ يمكن أنْ يعود بالضَّرَر، الأمن القومي الإسرائيلي أيضاً؛ فَلِمَ تتقاعس "مصر الجديدة"، التي ما زال "جديدها" دُون "قديمها"، قوَّةً وبأساً، عن التصرُّف بما يشدِّد لدى إسرائيل نفسها الحاجة إلى تعديل وتغيير المعاهدة والاتفاقيات مع مصر بما يقوي ويعزِّز سيادتها في هذا الجزء من أراضيها، وبما يجعل الدولة العبرية مضطَّرة إلى المفاضلة بين أهْوَن الشَّرَّيْن؟!
سيناء تحتاج الآن، وأكثر من ذي قبل؛ لأنَّ مصر تحتاج الآن، وأكثر من ذي قبل، إلى مزيدٍ، ومزيدٍ، من السيادة العسكرية للدولة المصرية، والتي تعني، في المقام الأوَّل، إدخال مزيدٍ، ومزيدٍ، من الجنود والسلاح إلى شبه الجزيرة، وصولاً إلى الحدود مع إسرائيل.
وتحتاج إلى التعمير، وإلى مزيدٍ من الاستثمار في بنيتها التحتية، واقتصادها، بما يسمح لها بامتصاص جزء كبير من "الفائض السكَّاني" في مصر، وجعلها، من ثمَّ، مأهولة، وذات كثافة سكَّانية تعلو في استمرار؛ فالأمن القومي لمصر وثيق الصِّلة بسيناء الجديدة هذه، والتي إنْ ظَهَرَت إلى الوجود، اختفى منها، حتماً، كل ما يتسبَّب بما نعاينه الآن من مخاطر على هذا الأمن؛ إنَّ أهل سيناء يجب أنْ يشعروا أنَّهم ومناطقهم جزء لا يتجزَّأ من مصر؛ فمن غير ذلك يشتدُّ لديهم، وينمو، كل مَيْلٍ إلى أنْ يتدبَّروا أمورهم، وينظِّموا عيشهم، بما ينال من قوَّة الأمن القومي لمصر؛ وإنَّ لأخطر شيء على الأمن القومي المصري، في هذا "الفراغ السيادي"، هو أنْ تتداخل، وتندمج، العشائرية والقبلية، في مجتمع سيناء، مع الجماعات الجهادية والسلفية، التي إنْ لم تكن متفرِّعة من "القاعدة"، فإنَّها تشبهها كثيراً؛ و"الدولة"، في مصر، لم تُعْطِ المجتمع في سيناء إلاَّ ما يجعله يَطْلْب مزيداً من العشائرية والقبلية والجهادية والسلفية.
واستنتاجاً من كل ذلك، أقول إنَّ "معاهدة السلام"، وبما تضمَّنته من قيود كثيرة ثقيلة على سيادة مصر في سيناء، لم تُنْتِج، في آخر المطاف، إلاَّ ما شدَّد الحاجة إلى إلغائها بصفتها هذه، أيْ بصفتها قَيْداً قوياً شديداً على السيادة المصرية في هذا الجزء المهم من أرض مصر، ومَصْدَراً، من ثمَّ، لمخاطر كثيرة متكاثرة على الأمن القومي المصري؛ فهذه "المعاهدة"، خَلَقَت، في سيناء، واقِعاً، هو بنفسه خير دليل على أنَّها جديرة بالإلغاء.
لقد رَفَعَت إسرائيل احتلالها العسكري عن سيناء، مانعةً الدولة المصرية من أنْ تملأ (بسيادتها وسلطتها وجيشها) جزءاً كبيراً من "الفراغ" الذي خَلَّفَه انسحابها، فملأته، من ثمَّ، قوىً، هي بطبعها وطبيعتها ضديد "الدولة"، منطقاً ووجوداً وسلطاناً.
سيناء الآن، حيث يَظْهَر ما كَمَن فيها من مخاطر على الأمن القومي لمصر زمناً طويلاً، تتحدَّى الدولة المصرية أنْ تُعمِّرها، وتنمِّيها اقتصادياً واجتماعياً، وأنْ تبسط سيادتها عليها، وأنْ تقوِّي لدى أبنائها الشعور بأنَّهم جزء من كل؛ وفي هذا التحدِّي يكمن تَحَدٍّ إسرائيلي للدولة المصرية؛ فهذه الدولة لن يكون في مقدورها استجابة التحدِّي الأوَّل، أيْ تحدِّي سيناء وأبناءها، إذا لم تعد العدَّة لمواجهة التحدِّي الإسرائيلي؛ فالقيود الإسرائيلية على سيادة مصر في سيناء حان لها أنْ تُنْزَع من "المعاهدة" بتعديلها، وإلاَّ أصبح إلغاؤها خياراً.
وإذا كانت سيادة مصر في سيناء تنتهي وتتلاشى وتنضب على تخوم قطاع غزة فإنَّ استعادتها، على ما أرى، يمكن ويجب أنْ تبدأ من البوَّابة المصرية لمعبر رفح؛ وهذا إنَّما يعني أنْ "يختلف" مرسي، وأنْ يُثْبِت أنَّه "مختلف"، من طريق "إغلاق الأنفاق جميعا"، و"فتح المعبر نهائياً"؛ فمعبر رفح يجب أنْ يُفْتَح نهائياً؛ ويجب فتحه بما لا يبقي من حاجة لدى أهل القطاع إلى الأنفاق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عقيدة دينية لدى الاسرائيلين
Amir Baky ( 2013 / 5 / 20 - 21:40 )
فى زيارة لقرية ياميت وهى قرية إسرائيلية تم تدميرها قبيل رحيل الاسرائيلين عنها نجد كتابات عبرية تقول سنعود. ربما لم يهتم احد بهذا الكلام ولكن ستعود إسرائيل تحتل سيناء من خلف ستار قطر التى تساعد الاخوان فى تنفيذ هذا الاحتلال الجديد. لا اجزم هل يعى الاخوان هذا المخطط بالاتفاق مع الأمريكان أم أنهم مخدوعين فى قطر لأجل أموال الصهاينة التى يقدمونها معونة لمصر من خلال قطر

اخر الافلام

.. الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مسجدا يؤوي نازحين في دير البلح وس


.. مقتل وإصابة طلاب بحادثة انقلاب حافلة في كولومبيا




.. رحلات الإجلاء تتواصل.. سلوفاكيا تعيد رعاياها من لبنان


.. ما الذي قدمته إيران إلى لبنان منذ بدء الهجوم الإسرائيلي؟




.. فرنسا.. مظاهرات في باريس تنديدا باستهداف المدنيين في لبنان و