الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلنتعلم من الغربة والغرباء

جوزفين كوركيس البوتاني

2013 / 5 / 20
الادب والفن


في الغربة نتعثر بذكريات الطفولة كي نتقي لسعات وصدمات الغربة، وكي نملأ فراغنا بالضجيج واللغو. وقد نتحدث ايضًا بصوت عال لعل احدهم يسمعنا ويفهم لغتنا، ولكن يمضي الكل في حال سبيله ويجتازوننا وهم في عجلة من أمرهم.. وبمرور الزمن نتعلم افعالهم وننغمس في أعمالهم ونتآلف مع الغرباء وننسى بأننا لا ننتمي إليهم.. ولكي نرضيهم، قد نصبح مثلهم تمامًا ونلغي كل قيمنا وعاداتنا واحيانًا حتى لغتنا التي لم نعد بحاجة إليها. وقد ننسى تاريخنا ونوهم انفسنا بأننا اصبحنا لا نختلف عنهم إلا في شيء واحد وهو: هم لا يتخلون عن وطنهم ولا عن أصلهم ولغتهم، وتراهم دومًا على اتم الأستعداد للدفاع عن وطنهم وللتضحية من اجله بكل ما يملكون.
ولو حصل شيء مريب يخلخل مستقبل اولادهم في بلدهم، ترانا اول المتهمون! ويشار لنا بالبنان كمخربون، ونحن في النهاية لا نمثل لهم سوى فئة متطفلة دخيلة جائت من الأقاصي البعيدة بغية النيل من طمأنينتهم وزعزعة امنهم والسطو على حريتهم. فنحن لسنا سوى عبء عليهم وعلى حكوماتهم، خاصة إذا حصل شيء يضر بمصالحهم العامة والخاصة. وهكذا نبقى كما نحن خدم مخلصين نصون لهم ممتلكاتهم ونحرص على سعادة أبنائهم كي يستطيعوا هم العيش في بحبوحة "التقدم"..
ويبقى الغريب غريبًا ولو بعد مئة عام! ونبقى مطوقين بذكريات الوطن الذي لفظنا كالبحر حين يلفظ على ساحله جثث غرقت في عاصفة ليلية.. ونتذكر بألم احبائنا الذين حرمنا منهم مجبرين، ويبقى الوطن حملاً ثقيلاً مرميًا على اكتاف الكهول الذين لا نكف عن ارسال بطاقات لهم تمثل بلدان غربتنا وتشردنا... بلدان نتباهى بها متوهمين باننا اصبحنا جزءً منها لأنها ضمت اوجاعنا وقتلت جوعنا وازاحت عنا غربة الرجوع الى بلدنا الموجوع المخلوع، وننسى عبارات علمها اهلنا لنا في الصغر مثل: لا تخاطبوا الغرباء! أحذروا الغرباء! لا تسكلوا الطريق الذي يقود إلى اللاعودة!
في الغربة تعلمنا ان نخاطب الغرباء وأن نسد أي طريق قد يقودنا إلى الوطن، لأن الوطن لم يعد بحاجة لنا كما اننا لم نعد بحاجة إليه. كل ما بتنا نحتاجه في الوقت الحالي هو الوصول إلى قلوب الغرباء حتى نرضيهم وحتى يرضون عنا.. وحتى نعيش بسلام ووئام..

*كتبت في الأول من نوفمبر من عام 2001 في كركوك واهديها إلى كل احبتي في الغربة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال


.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ




.. إسرائـ.يل سجنتني سنتين??.. قصة صعبة للفنان الفلسطيني كامل ال


.. عمري ما هسيبها??.. تصريح جرئ من الفنان الفلسطيني كامل الباشا




.. مهرجان وهران للفيلم العربي يكرم المخرج الحاصل على الأوسكار ك