الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سرطبه - قرايا

مسعد خلد

2013 / 5 / 21
الادب والفن


خربة سرطبه، تقع الى الشمال من بيت جن. ذكرها (مصطفى الدبّاغ) في موسوعته (بلادنا فلسطين) بقوله: "محتوياتها جدران متهدمة، صهاريج ومعصرة، حولها مدافن (مغر كنعانية)، منقورة في الصخر، ويذكرنا اسمها بسميَّـتِها في ديار نابلس". كذلك ذكر الرحّالة (فكتور جيرن):"كانت سابقا قرية، بينها بقايا بيت، مبني من حجارة مقطوعة من الصخر المحلي"، وبالاعتماد على أقوال بعض المعمرين، فان هذا البيت، وكل منطقة الخربه، وما جاورها من أراضٍ، لغاية عين سرطبة، والحواكير التي تقع تحتها، والممتدة حتى نبع سرحان شرقا، كذلك منطقة عريض الخلد، الواقعة في الشمال الشرقي لعين سرطبه، في سفح عين الجبل (وهو نبع ماء فريد من نوعه، يقع على قمة الجبل، المسمى عين الجبل، وبمحاذاته أرض تابعة لآل سويد) والأراضي الممتدة غربا في (صير أبو الذهب) على طريق وادي الحبيس الموصلة الى حرفيش، كانت في الماضي، غير البعيد، تابعة (لآل خلد)، الذين سكنوها، ثم انتقلوا في مرحلة لاحقة، الى بيت جن، وسكنوا في حارة العزامية، وتربطهم علاقة قربى مع آل (أبو صالح)، الذين - كما جاء في كتاب بنو معروف في التاريخ، لمؤلفه سعيد الصغيّر- أصل أجدادهم من أبو سنان، فلسطين، هاجروا منها شمالا نحو الجليل الأعلى، وبعد فترة انتقلوا الى المطله، ثم الى مجدل شمس. ويسكن قسم منهم جبل الدروز، قدموا من مجدل شمس، في منتصف القرن التاسع عشر، الى قرية بريكة، ومنهم من انتقل الى السويداء وكان في دار جدهم شجرة لوز(قرعوني)، فنسبوا الى بيت قرعوني.
أما بالنسبة لسرطبة، فقد كان هاجسها، ديك (مرصود)، يحمي الخربه وكنوزها. (والرصد-كما يعتقد العامّة- هو روح خفي، يحرس كنزا مخبأ، أو سرا دفينا أو انسانا مسحورا. وكان لبعض السحرة، حسب اعتقادهم، مقدرة على "فك الرصد"، أي إبطال مفعوله، خاصة من بين المغاربة، وهم في الأصل جزائريون، رافقوا المناضل عبد القادر الجزائري، وكان لهم في بلادنا ثلاثة عشر موقعا، أعطتهم اياها الدولة العثمانية). ومن مرويات الأجداد، أن رجلا من قريتنا، قرر أن ينقب أرضية احدى المغاور المحيطة بالخربة، (والتي نقرها الكنعانيون في الصخر الجيري، كمدافن لموتاهم). ويبدو انه تمسّـى (تأخر مساءً)، فظهر عليه الديك، ورفرف أمام عينيه، فأصيب بالعمى، وفقد عقله، فطبّق على نفسه المثل "اللي بدو الدَحْ، ما بيقول أحْ!"
ولعل أشهر المرويات عن "أبو محمد خالد"، أنه تأخر يوما في العودة الى بيته، (ففزعت) كل رجال حارة العزاميِّه، للبحث عنه.(وحارة العزاميِّه احدى الحارات الشعبية، المميزة بالعزم والكرم، وربطت بين أهلها علاقات جيرة مميزة، كونها لم تكن حكرا على حمولة معينة، بل جمعت في بيوتها المتواضعة عائلات مختلفة من العامّة). وكان من بين الرجال الذين انتخوا وهبّوا للمساعدة، شخص يدعى "جهاد"، اشتهر بخفته ورشاقته، فاختصر المسافة عن طريق القادومِه، مستعينا بذاكرته في تلمس طريقه وسط الظلام، حتى وصل الى (شقيف أبو نجيب هاني، نسبة لأرض المرحوم الشيخ هاني صالح القبلان، وتشرف تلك الصخرة العالية، على منطقة الصوّانه ومنطقة الهدفِـه وسرطبه، ويرى من يتسلقها، كل منطقة الخربة وكروم وحواكيرالعين، لذلك أصبحت من معالم المنطقة)؛ وتسلق جهاد (الشقيف) بخفة، ثم وضع كفي يديه حول فمه، وبدأ ينادي على خالد، بصوت عالٍ، ثقب لوح الظلمة القاتم. وعلى غفلة منه، وبينما كان يصغي السمعَ، متهيئا لإعادة المناداة، سمع صدى صوت، ارتدَّ الى مسامعه، من جهة الخربة المقابلة له يقول :" لا تـْنادي يا جهادو، خالد روّح عَ بلادو"، (فانـْصَرَع) المسكين جزعا، وسقط عن الصخرة، فوق (سياج الشـَّلْ – والشلـَّه هي غصن يابس استعمل كسياج إضافي فوق السلاسل الحجرية، لمنع الماشية، وخاصة الماعز، من دخول الكروم وإتلاف المحاصيل)، وقفز من فوق السياج باتجاه المسرب الضيق، ليسَـلمَ ساقيه للريح، لكنه شعر ان شيئا يمسك به ويلحقه، ولم ينتبه ان (شلـّة) سنديان، قد علقت بطرف شرواله، فظن ان رصد سرطبة أدركه، فوقع مغشيا عليه من الهلع. ولمّا وصل (الفزّاعه)، الذين كانوا في أثره، ووجدوه (ملقوحا) على الأرض، حملوه وعادوا به الى القرية، وهم متأكدون، ان مسا من الجنّ قد أصابه، بينما أشارت أصابع اتهام عجائز الحارة، فيما بعد، أن "ديك سرطبه" هو الجاني!
وللتنويه، وكما في كل حرب.. هناك "خرافات" متبادلة يطلقها كل طرف عن "ملائكة" تركب الخيول شاركت في الحرب لحماية هذا الطرف أو ذاك، وفي الحرب الأخيرة بين حماس واسرائيل، عام 2009 ، طرح البعض رواية قالوا انها "مؤكدة من الناحية الإسلامية الشرعية"، وهي أن ديوك غزة كانت تصيح في كل مكان من القطاع طوال ليل العدوان بصوت عال سمع خلال الفضائيات، دون خشية لأصوات القنابل والصواريخ، خاصة في أوقات الفجر وما قبله.
وفي الوقت الذي روى فيه مقاتلون فلسطينيون عن مشاركة الملائكة في معركة غزة، نشر الإعلام الإسرائيلي روايات ترددت على ألسن الجنود الإسرائيليين في نهاية المعركة البرية، تقول ان السيدة "راحيل" زوجة يعقوب وأم يوسف عليهما السلام ظهرت للجنود وأنقذتهم من قنابل المقاومة الفلسطينية!
واذا عدنا الى سرطبه، فمن الطرائف الجميلة، أن أحد الأشخاص، اشترى قطعة أرض في الخربه، من المرحوم "أبو سلمان حسين خلد"، وقرر أن يبحث عن كنز الخربة، في ساعات النهار، ليتحاشى رصد الظلام، ضاربا بعرض الحائط، تحذيرات زوجته، قائلا:"اللي من الله يا ما احْلاه"! وصار ينقب الأرض، شبرا بشبر! ويبدو أن أحد جيرانه، أراد أن يمازحه، فملأ جرة فخار بقطع حلوى، مغلفة بأوراق مصقولة، تشبه الليرات الذهبية، وراقبه، الى أن انهى عمل يومه وغادر، فتوجه ذلك الرجل الى موقع الحفر، ودفن الجرّة. وفي اليوم التالي، حضر صاحبنا، ليبدأ يوم بحث جديد، وما ان مرّت فترة وجيزة، حتى اعتلى صهوة جواده، متأبطا الغنيمة، محاولا جهده إخفاءها، بين طيات قنبازه الوعري، متأهبا للرجوع غانما الى زوجته. فانتبه جاره "المنحوس" لما يجري، وعرف أن الرجل (نقدَ الدودِه ووقع في الشرَك)، فناداه بلهجة تهكمية، ونبرة تساؤل مفتعل:"لوين يا مْسَــهِّلْ؟ شو عدا مما بدا، انشالله ما شـَرْ؟!" فأجابه باقتضاب، وعن غير (نِفسْ):" حاسِسْ شويِّة مَغص!" فقال له جاره، مفتعلا دور الناصح النصوح:"لمّا توصل،أقعد برَّه ولا تقعُد حَد الجرّه! والمَسا أدخل البيت، واشرب زيت، ونام بكير، وقوم بكير، وشوف صحتك كيف بتصير!" وفي اليوم التالي، أفاق جميع سكان الحارة على أصوات استغاثة، ورجم حجارة وتحطيم زجاج!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم


.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24




.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو