الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرسي المالك الوحيد لقناة السويس

فؤاد قنديل

2013 / 5 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان




ليس من شك أن التفكير في الاستفادة من موقع قناة السويس بما يتجاوز دورها الآني كممر ملاحي لتصبح مشروعا صناعيا وتجاريا ولوجستيا عالميا أمر يستحق كل التقدير والإشادة لأنه سوف يحقق ربحا سنويا لا يقل عن مائة مليار دولار موزعة على الدولة والمشاركين في المشروعات من المستثمرين ، فضلا عن تقوية مكانة القناة ذاتها وتدعيم دورها التقليدي في الملاحة الدولية ، كما تكمن قيمة المشروع محليا في إمكانية توفير ما لا يقل عن مليون فرصة عمل للأكفاء من المواطنين والخبراء ، بالإضافة إلى خلق صورة جديدة للمنطقة المقفرة والفقيرة التي طال إهمالها من الإسماعيلية حتى حدودنا مع فلسطين المحتلة والعدو الصهيونيي.
ومن الجدير بالذكر أن بعض المرشحين السابقين للرئاسة مثل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وعمرو موسي وحمدين صباحي قد أشاروا إلي المشروع في برامجهم بتفاصيل مختلفة تزيد هنا أو تنقص هناك بما يعنى أن هذه الرموز الوطنية ومن دار في فلكهم وانتمي إلى رؤاهم الفكرية والسياسية قد تنبه إلى الأهمية البالغة لتطوير قناة السويس وتجديد حضورها بصورة عصرية وإيجابية تضيف إلى أهمية مصر على الصعيد الدولي ، وتفرض هذه الإشارة الرد على التصريحات المشبوهة التي يروج لها حزب الحرية والعدالة وجماعة " الإخوان المسلمون " وتؤكد أن تنمية محور قناة السويس كان جزءا أصيلا من مشروع النهضة الذي قاموا هم أنفسهم في وقت سابق بإنكار وجوده ، لكن هذا المنهج عند الجماعة وتابعيهم راسخ والكذب من ضمن الثوابت فيما يصدر عنهم من أقوال وأفعال لإقناع البسطاء بمواهبهم الإقتصادية وخبراتهم السياسية .
المهم أن الكل يجمع على أهمية تنمية محور قناة السويس ، والأفكار التي أعدها عدد من الدارسين والمتخصصين دراسات معمقة ومخلصة وجادة ولا ينقصها إلا النظر إليها نظرة شمولية متكاملة تنتهي إلى خلق منظومة متناغمة ومنسجمة من المشروعات التي يخدم بعضها بعضا ويكمل بعضها البعض الآخر ، ويبدأ الإنسجام من الوضع الجغرافي والخدمي ، والتنسيق المتناغم لابد أن يتجلي أساسا في الفريق المشرف على المشروع من حيث القدرات والمواهب والخبرات والتجارب والاحتكام إلى الإسلوب العلمي في كل صغيرة وكبيرة ، وفي إطار المستجدات الدولية العملية التي تؤيدها بيوت الخبرة ، بعيدا عن الاستعجال وعن الأجواء الإعلامية وبصرف النظر عن صراعات القوي السياسية المحتدمة .
وإذا كان لكل مشروع قانون ينظم طبيعة الملكية والمشاركين وحدود هذه الملكية ، كما يرسم الخطط العامة لمناهج وأساليب العمل والإدارة ويرتب الحقوق ويحدد سبل التمويل ومصادره وغير ذلك من أمور وصلاحيات فقد قطعت الحكومة الحالية خطوات حثيثة في هذا السبيل ، وأعدت مشروع قانون بانتظار عرضه على مجلس الشوري ، وهنا تكمن المشكلات التى تبلغ حد الكوارث .
يتكون مشروع القانون الذي أعدته الحكومة من ثلاثين مادة تركز جميعها على أن المالك الوحيد والمتصرف في كل شيء هو رئيس الجمهورية . كل المواد تقريبا تشير إلى إقليم قناة السويس بوصفه مكانا لا علاقة له بمصر الجغرافيا ومصر التاريخ والشعب والدولة ، ولا يطبق أي قانون داخل مصر على هذا المكان المستقل الذي لا يتبع الوطن بأي صورة ولا في أي ظرف.
ومن غير المستبعد أن يكون هناك مطار أو مطار أو عدة مطارات تستقبل الضيوف والزوار والمتعاملين القادمين من أي مكان من العالم إلى دولة قناة السويس الحرة . وهكذا ندرك في يسر غياب الدولة وتاسلطة الشعبية والرسمية ومنع القوانين والأجهزة الرسمية من معرفة ما يدور داخل جدران المشروع بحيث لا يكون لهذه الأجهزة الحق في اتخاذ أية تدابير تصون الملكية أو تحمي الممتلكات العامة من الانتهاك أو تحفظ الكيانات الجديدة من الفساد وسوء الإدارة . فهل يتفق هذا القانون مع المادة الثانية من الدستور التي تؤكد على أن مصر " دولة موحدة لا تقبل التجزئة "؟ .. الحقيقة أن مصر تبدو مجزأة وتم استقطاع جزء غال وثمين وأساسي من وجودها الجغرافي والتاريخي والحضاري والمالي والاجتماعي ، أما السؤال القاني فهو :هل يتفق هذا القانون مع المادة الخامسة من الدستور التي تنص على أن الشعب هو مصدر السلطات ؟؟!!
يتكون هذا المشروع من قطاعات . واحد في شرق بورسعيد وثان في شمال غرب خليج السويس وثالث بوادي التكنولوجيا في الإسماعيلية ورابع بالعين السخنة وقطاعات أخري يجري استحداثها إذا اقتضت الحاجة دون تحديد مساحات أو حدود ، مع الأخذ في الاعتبار أن رئيس الجمهورية فقط هو من يحدد هذه المساحات والحدود والملاك والمنتفعين .
يعرض قانون المشروع على المجلس الشوري لإصداره ثم إحالته لرئيس الجمهورية ثم تنقطع علاقة المجلس التشريعي به ليصبح المسئول عن كل الإقليم مكتب رئيس الجمهورية والشخصيات الاستشارية والمعاونة ، والسؤال .. كيف يمكن لمجلس الشوري الذي لم ينتخب لمهام تشريعية أساسا أن يدرس ويصدر قانونا بهذا الحجم وهذه الأهمية بل والخطورة ، ومعظم من فيه يفتقرون إلى الخبرة والعلم والثقافة .. أي أننا نضع مستقبل الأمة في يد هذه المجموعة التي جاءت إلى مجلس تشريعي بطريق الخطأ ، وإن مثل هذا المجلس كمثل مدرسة عندها محفظ قرآن ثم اضطرت لسفر مدرس الرياضيات أو العلوم أن تكلف المحفظ بهذه المهمة .
على هذا المحفظ أقصد مجلس الشوري أن يسلم الإقليم للهيئة العامة لتنمية إقليم قناة السويس التي لا تتبع أي جهة في الدولة إلا رئيس الجمهورية الذى يتولي وضع نظامها الأساسى بقرار منه (م2)، وهو الذى يحدد «الأبعاد والحدود والمناطق الخاصة والمشروعات الداخلة فى نطاق الهيئة» ، ويصبح مجلس إدارة الهيئة بمثابة مجلس وزراء هذه الدولة الجديدة المنشأة داخل حدود مصر
يتكون مجلس إدارة الهيئة من رئيس و14 عضوا يعينهم رئيس الجمهورية وحده دون شريك له فى اختيارهم، بشرط التمتع بالخبرة والكفاءة ، ولم ينص القانون على أية مواصفات يجب أن تتوفر في الشخصيات ذات المناصب الخطيرة والمتحكمة في المشروع العالمي ، ولم يحدد سبل مراقبتهم ومحاسبتهم فلا سلطة لأحد عليهم، وهذا المجلس له أن يستعين «بالخبرات التي يشاء، كما ان من حقه ان ينشئ فروعا له فى خارج مصر دون الرجوع إلى أية سلطة أو قانون أو مساءلة أمام الأجهزة التشريعية والقضائية وغيرها من مؤسسات الدولة . وهكذا يدرك أبسط المواطنين أن المشروع الهائل سيتم تسليمه بالكامل وكذلك مفتاحه كملكية خاصة للسيد مرسي العياط ، والحقيقة أن الشعب سيكون هو العياط
. ،ولكم الآن أن تستقبلوا الضربة القاضية وهي الراقدة على سرير المادة 13 وما يليها، إذ نصت هذه المادة على ما يلي «تؤول إلى الهيئة ملكية جميع الأراضى المملوكة للدولة والواقعة داخل قطاعات الإقليم فيما عدا ما يخص القوات المسلحة و الداخلية وقناة السويس، كما نصت على أن «تؤول إلى الهيئة الحقوق والالتزامات المترتبة على العقود والتصرفات والواردة على هذه الأراضى والمنشآت». كما نصت المادة 14 على ان لمجلس إدارة الهيئة ان يؤجر ويستأجر.
وينزع الملكية للمنفعة العامة التي سوف تتحول بحكم القانون إلى ملكية خاصة . الغريب أن القانون المشبوه يقضي بضرورة أن يحلف أعضاء مجلس الإدارة اليمين أمام رئيس الجمهورية ، فإذا كان القسم يؤكد احترام الدستور والقانون فأي شيء سيحترمه الأعضاء ورئيسهم؟ وما موقفهم في اليمين بالنسبة للحفاظ على أراضي الوطن؟ .. أم أنهم سيحلفون باليمين ويأخذون بالشمال؟! وهذه ليست دعابة لأن ذلك يتحقق من مواد أخري حيث تشير هذه المواد إلى أن هذا المجلس هو الذي يضع لائحته وقوانينه الداخلية ونظمه الخاصة بإنشاء الفروع والمباني والمطارات والشركات ، كما يقوم هو بوضع لوائح العاملين حسب هواه ويضع أيضا نظم التأمينات والضرائب والتسجيل التجاري والعقاري وغيرها ، كما سيتولي وضع المناهج للطلاب في المدارس والجامعات وتحديد المراكز العلمية والبحثية والمؤسسات الثقافية والطبية دون أن يشترك معهم شخص آخر
فما رأيكم ؟ .. دام فضلكم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف الأسر قررت القيام بجولات سياحية عبر مدن البلد خلال عطلة


.. عقوبات بديلة عن الحبس تشمل غرامات والعمل للمنفعة العامة والم




.. مراسلتنا.. قتيل وجريح بغارة استهدفت دراجة نارية بين بنت جبيل


.. تعرف إلى تاريخ بناء الحرم المكي بدءا من أمر الله إبراهيم علي




.. ألمانيا تحقق لقطع التمويل عن أكاديميين دعموا فلسطين