الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستنتاجات واستقراء المستقبل لدور المؤسسات التمويلية في الاقتصاد الدولي

احمد حسين قاسم

2013 / 5 / 21
السياسة والعلاقات الدولية


المقدمة
يمر الاقتصاد العالمي بحالة من التباطؤ السريع بعد سنوات سادها النمو القوي. فالصدمة المالية الاستثنائية التي ضربت النشاط العالمي، مصحوبة بأسعار الطاقة وغيرها من السلع الاولية التي لا تزال مرتفعة، وأصبح الكثير من الاقتصادات المتقدمة إما في وضع قريب من الاستقرار أو على وشك الدخول فيه بينما النمو يواصل الانخفاض في الاقتصادات الصاعدة.
وقد ازداد عمق الازمة المالية مع انهيار سوق الاوراق المالية الذي حدث في عدد من الدول الكبرى، فقد دخلت الازمة مرحلة جديدة تسودها الاضطرابات أكثر، وبدأ التأثير ملموساً في جميع انحاء النظام المالي العالمي، حيث أدت المخاوف المتنامية بشأن مستوى الملاءة الى عمليات تصفية عاجلة لمؤسسات مالية الامريكية و اوروبية كبرى وأسفرت عن اهتزاز كبير في الثقة، لمواجهة هذه التطورات عمدت السلطات الامريكية والاوروبية الى اتخاذ تدابير استثنائية تهدف الى تحقيق الاستقرار في الاسواق وهو ما شمل ضخ كميات كبيرة من السيولة، والتدخل العاجل لتسوية أوضاع المؤسسات الضعيفة، وإتاحة التأمين على الودائع، واصدار تشريع في الولايات المتحدة ينص على استخدام الاموال العامة في شراء الاصول المتعثرة من البنوك هذا ما تفعله الدول الكبرى وذات الاقتصاد مستقر وهذا ما سوف يحدث في السنوات المقبلة في هذه الدول وعلى العكس من ذلك سوف تحدث الاهتزازات في الاقتصاديات الدول الصاعدة ولكن لا تستطيع معالجتها لأنها ليس بمقدورها ضخ كميات كبيرة من السيولة النقدية.
أما على صعيد معدلات أسعار المستهلكين فقد شهد تسارعا شديد وملحوظ في الاقتصاديات الصاعدة والنامية على وجه الخصوص، وهو ما يرجع الى الوزن الكبير المخصص للغذاء في سلال الاستهلاك، أما البلدان التي اعتمدت نظم استهداف التضخم تمكنت من تحقيق نتائج إيجابية على وجه العموم. وبالرغم من الارتفاع اسعار النفط أي زيادة تضخمها الكلي الا أنها أبدت السيطرة عليها.
وبالنظر الى الفترة المقبلة، يرجح أن تظل الاوضاع المالية بالغة الصعوبة للدول النامية، مما يقيد احتمالات النمو العالمي، لان الدول المتقدمة اقتصادياً مرتبطة اقتصادها بهذه الدول. وتفترض توقعات السيناريو الاساسي أن تنجح الاجراءات التي اتخذتها الدول الغربية ذات الاقتصاد المتقدم في تحقيق استقرار الاوضاع المالية وتجنب مزيد من الاحداث المؤثرة على النظام العالمي. ومع ذلك فمن المرجح أن تظل مستويات مخاطر مرتفعة بدرجة لبعض الوقت، مما يبطئ تحسن أوضاع السيولة في الاسواق المالية الرئيسية، حتى مع نجاح تنفيذ خطة الولايات المتحدة الرامية الى إزالة الأصول المتعثرة من الميزانيات العمومية في البنوك. فضلا عن ذلك يوجد احتمال كبير بأن تقع خسائر ائتمانية اضافية مع تباطؤ الاقتصاد العالمي.
وفي هذه الاجواء تظل التحديات الجسيمة أمام قدرة المؤسسات المالية على تعبئة رؤوس أموال جديدة. وبالتالي سوف يظل تخفيض نسب الرفع المالي عملية مطولة، مما يعني أن الحدود التي تقيد سرعة انشاء الائتمان والنشاط الاقتصادي سوف تظل طوال السنين القادمة وهذا في الدول الصاعدة.
وبالرغم من هدوء الزخم في الاقتصادات الصاعدة فلا يزال من المتوقع أن تظل مصدرا داعما لصمود الاقتصاد العالمي، استنادا الى قوة انتاجيتها وتحسن أطر سياساتها وبطبيعة الحال، كلما استمرت الازمة المالية، زاد احتمال تأثر هذه الاقتصادات.
استنتاجات واستقراء المستقبل لدور المؤسسات التمويلية في الاقتصاد الدولي واستقراره .
في قراءتنا لمستقبل تلك المؤسسات لابد لنا أن نأخذ بنظر الاعتبار تقسيم رؤيتنا لذلك المستقبل واستقرائنا الى شقين أساسيين هما :
1- دورها ونعني بذلك المؤسسات التمويلية في الدول النامية 0
2- دورها في الدول الكبرى ذات الاقتصادات المستقرة 0
وبالحديث عن الدول النامية فإن نوع من التحديات يبرز للساحة لاسيما تلك التي تفرزها مستجدات الساحة الدولية، وأهمها اتساع الفجوة مابين الدول النامية والدول المتقدمة في مجال العلم والمعرفة والتقنيات المتطورة، واشتداد حدة المنافسة في السوق الدولية، وتكييف شروط التجارة لصالح الدول المتقدمة، بما يزيد من تبعية الدول النامية لها تصديراً واستيراداً، لا سيما في مجال تصدير النفط واستيراد التقنيات وتوفير الغذاء. إضافة إلى الدور المتنامي للشركات عابرة القارات وللتكتلات الاقتصادية الإقليمية على المسرح العالمي بهيكلية جديدة فاعلة ومؤثرة لصالح الدول المتقدمة، تظهر في ظلها الدول النامية كأسواق استهلاكية للسلع الأجنبية0 ونوع آخر من التحديات نابع من الأوضاع العامة للدول نفسها، منها ما هو مرتبط بالاستبداد السياسي وتدني مستوى الحريات المدنية والحقوق السياسية، وحرية التعبير، وغياب الديمقراطية، واختلال التوازن الاجتماعي، إضافة الى ضعف البنية القانونية والإدارية، وانتشار الفساد بمختلف أشكاله وصوره0 وربما كان للمسألة الديموغرافية عامل فعال في ظهور الإجحاف وعدم العدالة في توزيع الموارد المالية في تلك الدول، غير أن ذلك لا يمنع من دراسة واقعها الاقتصادي ووضع الدراسات الكفيلة بنهوضه وهنا يأتي دور المؤسسات التمويلية في ذلك التطوير من خلال جملة من الإجراءات تحددها طبيعة الدولة الجغرافية ونوعية نظام الحكم فيها. وليكون دور المؤسسات التمويلية ذا تأثير يجب توفر جملة من الأسباب تتمثل بـ :
1- توفر قطاعات مصرفية تحاكي في تنظيمها وإدارتها ما هو عليه في الدول المستقرة اقتصادياً 0
2- وجود أسواق للأوراق المالية تدار من قبل عناصر تتمتع بالخبرة اللازمة.
3- العمل على توفير أسواق تنافسية شبيهة بما يتوفر في الدول ذات الاستقرار الاقتصادي .
4- إجراء تعديلات إدارية تخص القطاعات الاقتصادية كافة ( المصرفية، الصناعية و الاستثمارية .... الخ )كالخصخصة المتصفة بالعدالة والشفافية .
5- تنظيم ضريبي واضح وشفاف ووجود استراتيجية مناهضة للفساد .
6- وجود نظام قضائي يعمل بشكل جيد .
7- دعم وتقوية وكلاء يناء السمعة 0
8- بناء علاقات سليمة مع أصحاب المصالح والشركات 0
9- نظام إعلامي رقابي وتشجيع الإستثمار00
10- بناء القدرات والخبرات اللازمة لإدارة الجانب الاقتصادي .
تلك النقاط تهتم بالجانب الاقتصادي لكنها لا تتوفر إذا ما توقر عامل الاستقرار السياسي وتغيير لطبيعة أنظمة الحكم وأيديولوجياتها التي ترفض كل تغيير .

أما فيما يتعلق بالدول ذات الاقتصادات المستقرة فأن دور المؤسسات التمويلية ينحسر في نطاق ضيق لأسباب عديدة من أهمها وجود الاستقرار السياسي في تلك الدول و استقرار أنظمة الحكم فيها وثبات القوانين التي تحمي المستثمر والمستهلك على حد سواء إضافة الى توفر قطاعات مصرفية رصينة وخبرات كفيلة بإدارة الجانب الاقتصادي من غير شائبة كما أن الصناعات في تلك الدول وإنتاجها يدخل سبباً رئيسيا ً في الاستقرار غير أن دور المؤسسات التمويلية يبقى عامل أساس في ذلك الاستقرار رغم محدودية فعاليته والحاجة اليه ..ولو استعرضنا مجريات الأحداث الاقتصادية على مدى الأعوام المنصرمة في هذه الدول نجد أنها تسعى الى التكامل من خلال إجراءات إدارية تسعى الى ثبات ذلك الاستقرار كتوحيد العملة وإتباع سياسة السوق ومحاولة الاتحاد ضمن مؤسسات اقتصادية وتجارية تضمن تطور كافة القطاعات المتعلقة والمرتبطة بالجانب الاقتصادي ولم تشهد تلك الاقتصادات تدهورا ً أو انحدارا ً مثلما تشهده دول العالم الثالث ماعدا الأزمة الاقتصادية التي ألقت بظلالها على أغلب بلدان العالم والتي تأثرت بها البلدان والدول النامية أكثر من غيرها وهنا برز دور المؤسسات التمويلية في دعم الاقتصادات الثابتة كما حصل في أزمة الديون اليونانية، بمعنى أن دورها يقتصر على تلافي بعض الثغرات التي قد تحصل بفترات متباعدة على العكس تماماً من دورها في الدول النامية والتي أشرنا سلفا ً الى ضرورة توفير جملة من الإجراءات تقوم به تلك المؤسسات التمويلية .






الخاتمة

خلاصة القول فأن الاقتصاد العالمي سوف يمر بحالتين حالة من الكساد وعدم الاستقرار في الدول النامية لأسباب اقتصادية ومنها تمخضت بعدم قدرتها على مواجهة التحديات لأسباب تمويلية وافتقارها للإدارة والخبرة والتوزيع، أما السبب السياسي يرجع لتبعيتها الاقتصادية، أما الحالة الثانية الذي يشهده الاقتصاد العالمي هي حالة الرواج والاستقرار وهذا يكمن في الدول الكبرى ذات الاقتصاديات المستقرة لامتلاكها وسيطرتها على مصادر التمويل عن طريق المؤسسات الاقتصادية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد. وهذا ما ادى الى أتساع الفجوة بين الدول النامية والدول المتقدمة....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة