الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل ودول الجنوب:دراسة في العلاقات الإسرائيلية الهندية

انجي وحيد فخري

2013 / 5 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


القسم الأول: تاريخ العلاقات الإسرائيلية – الهندية:
اتسمت العلاقة بين الهند وإسرائيل على مدى نحو أربعة عقود بالتوتر والتحفظ بينما اختلف الأمر في التسعينيات(1)، ويعود تاريخ العلاقات الهندية - الإسرائيلية إلى ما قبل قيام دولة إسرائيل نفسها، وتحديدا إلى عشرينيات القرن الماضى عندما أيد الزعماء الوطنيون الهنود الموقف الفلسطينى من قضية الهجرة اليهودية إلى فلسطين فقد حكمت السياسة الهندية إزاء إسرائيل عقدة الاستعمار البريطانى الذى هيمن على الهند لأكثر من أربعمائة عام، فقد تغذى الوعى الهندى بمعاداة الاستعمار البريطانى وجميع سياساته وممارساته، ولذا فقد اعتبرت الهند أن ما يحدث فى فلسطين محاولة من الاستعمار البريطانى لتقسيم الأرض وتشتيت شعبها وعلى هذا، تعاملت الهند مع القضية الفلسطينية فى إطار حركات التحرر الوطنى ضد الاستعمار الغربى، لذلك كانت الهند من بين 13 دولة عارضت قرار تقسيم فلسطين رقم 181 الذى أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947، بل واقترحت الهند في العام نفسه إقامة فلسطين فيدرالية تمنح حكما ذاتيا للسكان اليهود واستند هذا الموقف الهندى إلى اعتبارين، الأول: التجربة المأساوية التى عاشتها الهند فى تقسيم شعبها إلى دولتين، وهو مبدأ يحظى برضا الرأى العام الهندى الثانى: حاجة الهند إلى الأصوات العربية ومواقفها السياسية فى نزاعها مع باكستان من ناحية، وأهمية أصوات المسلمين الهنود فى الانتخابات (200 ألف مسلم)(2).
إلا أنه بعد وصول "جواهر لال نهرو" إلى الحكم عقب اغتيال غاندي مارس اليمين ذو الميول الهندوسية ضغوطه فقرر نهرو الاعتراف بـ"إسرائيل" عام1950 وسمح بإقامة قنصلية في بومباي، وقد حاول نهرو خلال تلك الفترة أن يحتفظ بعلاقات متوازنة وفي أدنى حد لها، إذ تراجع عن دعوة "إسرائيل" إلى مؤتمر باندونغ سنة 1955 وفي المؤتمرات الأفرو آسيوية عام 1955 و1959 وذلك بعد تهديد الدول العربية بالانسحاب(3).
وشرعت الهند منذ عام 1952 بمناقشة الخطوات المطلوبة لإقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين, إلا أن المتغيرات الإقليمية والدولية حالت دون ذلك, وخصوصاً مشاركة الهند مع مصر ويوغوسلافيا في حركة عدم الانحياز, والصداقة الشخصية التي ربطت نهرو بعبد الناصر, وحالة الانقسام الدولي بين المعسكرين الشرقي والغربي, والعلاقات الطيبة بين الهند والإتحاد السوفياتي ثم العدوان الثلاثي على مصرعام 1956 والذي نددت به الهند وأخيرا حرب عام 1967, الأمر الذي منع قيام تفاهم علني بين الهند وإسرائيل, خوفا من تأثر المصالح الهندية سلبا في العالم العربي ومع ذلك فإن هذه المعطيات لم تمنع حصول تعاون خفي وسري بين البلدين خصوصاً في المجالات الأمنية والدفاعية, على غرار صفقة الأسلحة التي حصلت عليها الهند من إسرائيل أثناء حرب التيبيت التي خاضتها ضد الصين عام 1962, وكذلك حصلت الهند على مساعدات عسكرية إسرائيلية أثناء حربها مع باكستان ما بين عامي (1965-1971)، وردت الهند هذا الجميل لإسرائيل في حرب 1967 بإرسالها كميات ضخمة من قطع غيار مركبات القتال لا سيما الدبابات )م. إكس13( إلى إسرائيل.
وفي أعقاب حرب 1973 تعددت زيارات الوفود العسكرية الهندية لإسرائيل للحصول على خبرتها خاصة في مجال الحرب الإلكترونية, ومقاومة الصواريخ المضادة للدبابات. وفي أعقاب حرب عام 1982 على لبنان حرصت الهند على الاستفادة من الخبرة الإسرائيلية في مجال تشغيل طائرات الاستطلاع والإنذار المبكر, وكذلك في مجال تنظيم وإدارة الحزام الأمني في جنوب لبنان لمحاولة تطبيقها في منطقة الحدود في كشمير و مكافحة عمليات التسلل عبر الحدود. في العام 1975 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها التاريخي رقم 3379 والذي أدان الصهيونية واعتبرها شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري. ونقل هذا القرار القضية الفلسطينية من قضية صراع عربي ¬إسرائيلي الى قضية صراع ضد الصهيونية العالمية وتحالفها الإمبريالي. إلا أن هذه الإدانة الدولية لم تستمر طويلاً إذ استطاعت الصهيونية العالمية والولايات المتحدة أن تجبرا الجمعية العامة على إعادة النظر في هذا القرار عام 1991, وهي المرة الأولى الذي يحصل مثل هذا الأمر في تاريخ المنظمة الدولية, حيث تم إلغاء القرار بأغلبية كبيرة واعتبرت الصهيونية بالتالي “حركة تحرر وطني”. وكانت الهند من بين الدول التي صوتت إلى جانب إلغاء القرار. وشكل هذا الموقف أول خطوة في مسيرة العلاقات الهندية ـ الإسرائيلية العلنية في عقد التسعينات, والتي تطورت إلى إقامة علاقات ديبلوماسية وإجراءات مشتركة في شتى مجالات التعاون الأمني والعسكري لتتوج أخيراً في تعاون نووي, أدى الى قلب الكثير من المعادلات والحسابات القديمة, التي كانت تستفيد منها الهند في علاقاتها مع الدول العربية, بسبب مواقفها المتعاطفة مع القضية الفلسطينية, إذ حصلت منذ السبعينات على عقود أفضلية في تعاملها النفطي مع العراق وليبيا والامارات العربية, بالاضافة الى تشغيل آلاف الهنود في مختلف دول الخليج النفطية, والحصول على الكثير من العقود الاستثمارية والإنشائية(3).
كل هذا نتج عنه إقامة علاقات دبلوماسية بين الجانبين الهندي والإسرائيلي عام 1992، وجاء وصول حزب بهارتيا جاناتا إلى الحكم عام 1998 ليشكل بداية جديدة للتعاون بين نيودلهي وتل أبيب، وسرعان ما تطورت هذه العلاقات تشجعها التطورات السابقة بحيث وصلت إلى علاقات تعاون إستراتيجي في بعض المجالات وخاصة الدفاع (4).

القسم الثاني:أسباب التحول في العلاقات الاسرائيلية - الهندية:

تعد الهند أحد اللاعبين الدوليين الرئيسيين فى هذه المنطقة التى أصبحت فى السنوات الأخيرة موضع اهتمام بالغ من جانب إسرائيل، إذ تعتبرها تل أبيب ساحة مهمة يفضى إليها مضيق باب المندب الذى تمر عبره الصادرات الإسرائيلية المتجهة إلى جنوب آسيا وشرقها وقد شرعت إسرائيل منذ بداية التسعينيات من القرن العشرين فى تعزيز قدرتها على نشر منظومات بحرية وجوية عسكرية ذات مدى بعيد يزيد على 1500 كم كما حرصت على بناء قوة بحرية تصلح للعمل فى المحيطات، ومن بينها المحيط الهندى، حيث وضعت إسرائيل طرادات (سفن الحراسة الصغيرة) من طراز سار ـ 5 القادرة على المكوث فى البحر لفترات طويلة من الزمن، وهو ما دفع البعض إلى الحديث عن تعاون هندى- إسرائيلى بحرى، خاصة فى ظل عدم معارضة نيودلهى لتنامى الوجود الإسرائيلى فى المحيط.
كما ترتبط الهند بصلات استراتيجية وثقافية قديمة العهد مع آسيا الوسطى الغنية بمصادر الطاقة، والتى لم تفتح أبوابها أمام العالم الخارجى إلا مؤخرا، حيث تتسابق مع منافستيها، الصين وباكستان، للفوز بمواقف نفوذ فيها، وإسرائيل ليست أقل اهتماما بهذه المنطقة، حيث يحدوها الرغبة فى استمرار تدفق النفط والغاز من هذه المنطقة بدون عوائق، وذلك بضمان أسعار منخفضة لمصادر الطاقة خلاصة ما سبق أن العلاقات الهندية ـ الإسرائيلية قد تخطت حدود الوفاق الآنى المؤقت، ودخلت علاقاتهما فى مرحلة جديدة تتناسب متطلباتها واستحقاقاتها مع حسابات ومصالح جديدة ومتجددة خاصة بكل طرف وعلى هذا، وفى ضوء ما يشهده الحاضر وما ينتظر فى المستقبل من تقارب بين الطرفين، فإن الأمر يستوجب سرعة الانتباه من العالم العربى، باعتبار أن كل خطوة إضافية على طريق التقارب الهندى ـ الإسرائيلى تعنى خصما من رصيد العلاقات العربية ـ الهندية ذات التاريخ الممتد، وهو ما يشكل بدوره تهديدا للأمن العربى، سواء القومى أو القطرى، يتطلب سرعة التحرك للحفاظ على رصيد العلاقات العربية الطويل، ليس مع الهند فقط، لكن مع مختلف القوى الدولية المساندة للحقوق العربية(5).
فقد شجع على التحول في العلاقات بين الهند واسرائيل حدوث ثلاثة تطورات مهمة، هى: قيام علاقات رسمية بين بعض الدول العربية وإسرائيل ـ تنامى قوة إسرائيل لدى الدول الكبرى، خاصة الولايات المتحدة ـ بروز قوة التنظيمات الدينية المتشددة فى الدول العربية والإسلامية واتساع نشاطها ليشمل كشمير وباكستان وأفغانستان، بما يعنيه ذلك من أثر على الأمن القومى الهندى بالتحول إلى العلن: حدث التحول الجذرى فى السياسة الهندية فى علاقاتها مع إسرائيل مع بداية تسعينيات القرن العشرين بما شهدته من تغيرات وتحولات دولية وإقليمية وداخلية دفعت الجانبين إلى الخروج من مرحلة السرية والحرص على إخفاء التعاون، لتبدأ مرحلة العلنية فى علاقاتهما ومن أهم تلك التغيرات والتحولات ما يلى:
1 ـ على المستوى العالمى، أدى سقوط الاتحاد السوفيتى، الحليف الاستراتيجى للهند، منذ استقلالها وما واكبه من تحلل لكتلة عدم الانحياز، وسيادة الولايات المتحدة، كقطب واحد على رأس النظام العالمى، إلى أن تعيد إعادة تقييم سياستها الخارجية، ومن بينها علاقاتها مع إسرائيل، نظرا لما تتمتع به إسرائيل واللوبى الصهيونى فى الولايات المتحدة من نفوذ فى دوائر صنع القرار الأمريكى فضلا عن ذلك، هناك التحولات التى شهدها أيضا قطاع الطاقة العالمى، بانتقال السيطرة على السوق النفطية إلى المشترين بدلا من المنتجين، وهو ما أضعف تأثير الضغط السياسى الذى دأبت البلدان العربية المنتجة للنفط على ممارسته تجاه الهند.
2 ـ على المستوى الإقليمى، أدى تدشين عملية السلام العربية ـ الإسرائيلية إلى التقليل من شأن الاعتراضات العربية ضد أية أطراف ثالثة تقيم علاقات مع إسرائيل فقد تحول مؤتمر مدريد للسلام المنعقد فى أكتوبر 1991 إلى فرصة أمام الدول التى ظلت مترددة فى إقامة علاقات كاملة مع إسرائيل، أو الإعلان عنها.
3 ـ على المستوى الداخلى، نجم عن خسارة حزب المؤتمر انتخابات عام 1989 تزايد دور حزب الشعب الهندى ـ بهاراتيا جاناتا ـ فى النظام السياسى الهندى، الأمر الذى ساعد على إزالة التردد الذى ساد المواقف المتخذة حيال إسرائيل، وذلك فى ضوء توجهات هذا الحزب القومية الهندوسية، والذى رأى أن إسرائيل لم تعد تشكل عبئا دبلوماسيا، إن أمست حليفا للهند، فى مواجهة باكستان والتيارات الإسلامية المتطرفة، وهو ما بزر فى دعوة الحزب، خلال مؤتمره الذى عقد فى أكتوبر 1991، إلى إقامة علاقات كاملة مع إسرائيل فى ضوء ما سبق، أعلن رئيس الوزراء الهندى فى 29 يناير 1992 إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين لتبدأ مرحلة جديدة من علاقاتهما، انتقلت فيها من السرية فى معظم تحركاتها إلى العلنية فى مختلف المجالات وكانت بدايتها تصويت الهند فى العام نفسه لصالح القرار الذى حركته الولايات المتحدة من أجل التراجع عن اعتبار الصهيونية شكلا من العنصرية، لتتبعها خطوات أكثر تقاربا فى مختلف أطر التعاون العسكرى والأمنى والاقتصادى والتقنى أهداف ودوافع الطرفين(6).

أولا: أهداف الهند في التقارب من إسرائيل:
ويمكن تلخيص الأهداف والغايات الهندية من وراء تعاونها مع إسرائيل وتوزعت على أهداف استراتيجية وأمنية وعسكرية واقتصادية وسياسية يمكن اختصارها بالنقاط التالية:
1- رغبة الهند في تطوير وتحديث قدراتها العسكرية ببعديها التقليدي وفوق التقليدي بما يدعم نفوذها ودورها الإقليميين في مواجهة باكستان خاصة في ظل سباق التسلح القائم بينهما والذي يمتد الى السلاح النووي. ومن المعروف أن الهند كانت قد اعتمدت لفترة طويلة على موسكو كمصدر رئيس لتوفير احتياجاتها التسليحية المتطورة, مستفيدة في ذلك من طبيعة العلاقة الاستراتيجية التي كانت تربطها بالاتحاد السوفياتي السابق. وبعد انهيار هذا الآخير, ومن أجل تلبية رغبة الهند المسلحة في استكمال مشاريعها الخاصة بتطوير الصناعات العسكرية, التي من دون مساعدة خارجية ستتطلب استنزاف الكثير من الوقت والكلفة )بل وحتى في حال استكمالها, سيكون من الأرجح أن عهدها التكنولوجي سيكون قد تقادم بوتيرة متسارعة ومن ثم ستصبح هناك ضرورة للاستعانة بدولة أخرى متقدمة تكنولوجياً ( فان الهند حلت هاتين المشكلتين, أي مشكلة الوقت والمستوى التكنولوجي الرفيع, بأن لجأت الى إسرائيل, خصوصاً في ضوء اتفاق الدول الصناعية الثماني الكبرى على تقييد نقل التكنولوجيا العسكرية إلى الدول الأخرى, اثر قرارات الحظر التي فرضتها الولايات المتحدة على كل من الهند وباكستان في أعقاب تجاربهما النووية والصاروخية عام 1998, هذا بالإضافة إلى أن الصناعة العسكرية الإسرائيلية تتميز باعتمادها الأساسي على التكنولوجيا الأميركية.
2- الأحداث الطائفية التي شهدتها وما تزال تشهدها الهند وباكستان في السنوات الاخيرة مما جعل الهند تشعر بأنها ليست بمنأى عن خطر الحركات الأصولية الإسلامية الموسومة بالإرهاب والتي تحولت إلى أحد أهم الموضوعات التي بوسع إسرائيل أن تستغلها في اتجاهات متعددة تحت عنوان مكافحة ما يسمى “الإرهاب الإسلامي”, مما وفر الأرضية المشتركة للتعاون الاستراتيجي والجيو ستراتيجي بين البلدين, الأمر الذي تحدث عنه السفير الهندي في القاهرة عندما قال: “إن إسرائيل لديها خبرة يمكن الاستفادة منها في مقاومة المرتزقة الذين يتسللون من جامو وكشمير ويقاومون السلطات الهندية هناك”.
ولقد قامت إسرائيل بتزويد الهند بمعلومات استخبارية عن باكستان مصدرها قمر التجسس الصناعي الإسرائيلي )أفق3 ) وفي المقابل سمحت الهند لخبراء من الموساد الإسرائيلي باستخدام أراضيها لتنفيذ مهام خاصة بهم ضد باكستان(7).
3- كما تدرك الهند أن "إسرائيل" عامل مهم في تمتين العلاقات مع واشنطن، لما لذلك من انعكاسات هامة في قضية كشمير من جهة، وفي فتح أسواق لمنتجاتها في الأسواق الأوروبية والأمريكية من جهة أخرى. وهكذا تنوعت مجالات التعاون في الجوانب الاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية وأهمها ما يتعلق بالاقتصاد والتجارة والأمور العسكرية والنووية(2).‏ فالتحالف مع إسرائيل يدعم الهدف الهندي الاستراتيجي في أن تصبح ومن منظور وبعد قومي هندوسي القوة الإقليمية العظمي في محيطها مثلما أصبحت إسرائيل أو هي في طريقها إلي ذلك(8).

ثانيا: أهداف إسرائيل في التقارب من الهند:
ينطلق الكيان الصهيوني في العلاقات التي ينسجها على الصعيدين الاقليمي والدولي, من منطلقين أساسيين هما: أولاً أنه كيان وظيفي من حيث المبدأ يكرس جهده في خدمة القوة الكبرى التي ترعاه, وهي الولايات المتحدة في الظرف الراهن ، وثانياً أنه ذو نزعة توسعية ترمي إلى الهيمنة وإلى أداء دور “إمبريالية صغرى” في سياق الإمبريالية العالمية العامة، وهذان المنطلقان يحكمان بالضرورة دور الكيان تجاه قارة آسيا حيث عمل ويعمل باستمرار على زرع قاعدة وجود ونفوذ له فيها, إما لمجابهة قوة إسلامية صاعدة مثل الباكستان وإيران وإما لإحباط ومحاصرة إمكانية بروز هذه القوة والتحكم في مسار حركتها المستقبلية مثلما هي الحال بالنسبة لدول آسيا الوسطى الإسلامية المتحررة من ربقة الاتحاد السوفياتي السابق. وفي هذا المجال تسعى إسرائيل لتوظيف مكانياتها الخاصة والإمكانيات التي ستحصل عليها من الدول الداعمة, خدمة لأغراضها الصهيونية التوسعية في فلسطين أولاً وفي سائر الدول العربية ثانياً في إطار مشروعها الممتد من الفرات إلى النيل مستفيدة من النسيج الأيديولوجي المتعدد الألوان الذي تتشكل منه الفكرة الصهيونية, من أجل الدخول في علاقات مرحلية مع الدول الآسيوية وفي مقدمتها الهند ، وفيما يلي عرض لبعض الأهداف الإسرائيلية:
1- تطويق الصين, القوة المرشحة لمنافسة الولايات المتحدة خلال العقود المقبلة وضرب التحالف الناشئ بين بكين وموسكو والمناوئ لانفراد الولايات المتحدة بالسيادة والهيمنة على العالم.
2- استكمال تطويق ايران من الجنوب الشرقي تمهيداً لاخضاعها للسيطرة الاميركية او لضربها اذا اقتضى الأمر وتصفية برنامجها النووي الصاروخي.
3- منع تسرب التكنولوجيا والمواد والخبرات النووية وكذلك تكنولوجيا الصواريخ و غيرها من الأسلحة التقليدية المتطورة وتسربها الى الدول التي تعتبرها الولايات المتحدة بأنها الدول المارقة أو حسب التعبير الجديد الذي أطلقه الرئيس بوش الابن بأنها “محور الشر” وكذلك منع تسربها الى البلاد العربية حتى وان كانت معتدلة حرصاً على احتفاظ اسرائيل بتفوقها العسكري النوعي بصورة مطلقة.
4- تصفية الحركات الأسلامية الراديكالية في المنطقة بما يضمن أمن الولايات المتحدة داخل أراضيها, ومصالحها في الخارج وكذلك أمن ومصالح حلفائها واستقرار النظم الموالية لها في المنطقة وهو الهدف الذي تضاعفت أهميته في السنوات الأخيرة وخصوصاً بعد أحداث 11 أيلول-سبتمبر(9).
5- سعى إسرائيل إلى كسب مؤيدين جدد لمواقفها من قضية الصراع العربى ـ الإسرائيلى أو "على الأقل" تحييد مواقف الأطراف المساندة للقضايا العربية.
6- اختراق السوق الهندية، البالغ قوامها أكثر من مليار نسمة، والتى أصبحت مفتوحة بالفعل أمام المنتجات الإسرائيلية.
7- سعى إسرائيل إلى تطوير برنامجها النووى دون اللجوء إلى إجراء التجارب بواسطة تفجيرات فعلية، نظرا لضيق رقعتها الجغرافية، وهو ما توفره الهند لها لإجراء تجاربها، سواء فى المحيط الهندى أو فى صحراء راجستان ووفقا لبعض المصادر، فإن تجربتين من التجارب الخمس التى أجرتها الهند فى 1998 كانتا لحساب إسرائيل.
8- حاجة إسرائيل إلى تصدير خبراتها التكنولوجية وجذب تمويلات خارجية لأبحاثها، بهدف إضافة المزيد من التطوير إلى قدراتها المتنوعة إضافة إلى تلك الدوافع والأهداف الخاصة بكل طرف، هناك عامل مهم تشترك فيه الدولتان، هو العامل الأمريكى، إذ تتوافق مساعى الدولتين إلى التقارب والتنسيق بينهما مع المصلحة الأمريكية والحسابات الاستراتيجية لواشنطن إقليميا فى غرب آسيا، أو عالميا فى ظل الصعود الصينى المخيف لواشنطن(10).
ومن ثم فان اهداف اسرائيل تتنوع بين الهدف السياسي المتثمل في كسب الحرب السياسية ضد العرب وإبعاد الأنظار عن خطوات تصفية القضية الفلسطينية وحرمانها مما كان يمكن أن يعد أحد الحلفاء أو علي الأقل المتفهمين الدوليين ، والهدف الاقتصادي المجزي من بيع الأسلحة والمعدات العسكرية وغير ذلك من المنتجات الصناعية والتكنولوجية الإسرائيلية. وهناك تفكير إسرائيلي في تقديم خدمة لأمريكا بتثبيت تحالف الهند وعلاقاتها بالولايات المتحدة من خلال الباب الإسرائيلي. وبالطبع يجري ذلك في إطار العلاقة الاستراتيجية بين إسرائيل وأمريكا والتي تسعي إسرائيل من خلالها إلي إقناع أمريكا بأنها(أي إسرائيل) ذات فائدة قصوى لها . غير أن أهم أهداف إسرائيل من التحالف مع الهند هو أن الهند تصلح لتحقيق الهدف الإسرائيلي الأساسي من ضرب القوى الإسلامية الذرية وهي حاليا باكستان وربما إيران(11).
القسم الثالث:مجالات التعاون بين الهند وإسرائيل:
1- مكافحة الارهاب:
الإرهاب المقصود عند الطرفين بالطبع هو في المقام الأول ما يسمي بالإرهاب الإسلامي ويعنون به المقاومة في كشمير وفي فلسطين ضد الإحتلالين الهندي والإسرائيلي. لكن هذا لا يستبعد سائر المناطق في العالم والتي سينضم فيها الطرفان مع أمريكا لمواجهة الإرهاب الإسلامي المزعوم كذلك لأنه هو النوع الوحيد من الإرهاب الذي يتحدث الغرب عنه. بالنسبة للهند يمتد نطاق مكافحة الإرهاب ليعني بسط السيطرة والمراقبة والتدخل بشتى أنواعه في أفغانستان وباكستان ثم في جنوب شرق آسيا حيث يزعم وجود خطر إرهابي إسلامي ممثل بتنظيم لا يعلم الكثير عنه ويطلق عليه من باب الاستسهال "الجماعة الإسلامية" أما بالنسبة لإسرائيل فإن نطاق عملها لمقاومة الإرهاب الإسلامي أوسع بكثير بما هو واضح للهند ينطلق من فلسطين إلي لبنان ثم سوريا والأردن وأخيرا العراق ثم يمكن أن تلتقي مع الهند ويصل إلي إيران ثم يغطي الجزيرة العربية وشمال أفريقيا وشرق أفريقيا ومناطق أخرى في القارة السمراء. كما يمكن أن يلتقي الطرفان من باب مكافحة الإرهاب في مناطق الدول الإسلامية بوسط وغرب آسيا والقوقاز(12).
وجدير بالذكر ان وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريس قام في شهر ابريل عام 1993 بزيارة للهند اعلن اثناءها عن استعداد بلاده لمساعدة الهند في قمع ما اسماه الارهاب والاصولية الاسلامية. وتبنى وجهة نظر الهند حيال مشكلة كشمير باعتبارها جزءاً من الاراضي الهندية. وقد ابرمت خلال هذه الزيارة اتفاقيتان ومذكرتان للتفاهم في مجالات الثقافة والسياحة والنقل الجوي والعلوم والزراعة والتكنولوجيا والاستشارات الخارجية والتعاون الاقتصادي(13).

2- التعاون الذري:
إن التعاون الذري الإسرائيلي¬الهندي يعود الى العام 1947 حين بدأ الطرفان بإرساء حجر الأساس في مشروعيهما النوويين. وكان البرنامج النووي الإسرائيلي قد انطلق آنذاك بتخطيط وإشراف العالمين الأميركيين اليهوديين أوبنهايمر وتيللر. واستفاد البلدان الهند وإسرائيل من البرنامج الأميركي الذي أطلقه الرئيس أيزنهاور عام 1955 تحت اسم “الذرة من أجل السلام”. وبدأ التعاون بينهما عام 1962 عندما قام رئيس لجنة الطاقة النووية الإسرائيلية د. أرنست برغمان بزيارة للهند ووقع اتفاقا للتعاون يشمل تبادل الخبرات والإحتياجات النووية في المواد والمعدات. ولقد برز التكامل في البرنامجين النوويين الهندي والإسرائيلي عندما سدت الهند حاجة إسرائيل من المواد الخام النووية إذ كان لدى الهند إحتياطات كبيرة من اليورانيوم والثوريوم, ولكن تنقصها التقنيات التي تملكها إسرائيل. وقد أثمر هذا التعاون بأن أجرت إسرائيل أول تجربة نووية لها تحت الأرض في صحراء النقب بتاريخ 3-10-1966.
أما الهند فأجرت أول تجربة نووية لها في شهر أيار-مايو 1974, وقد أتبعت الدولتان تكنولوجيا فصل البلوتونيوم 239 في صنع الأسلحة النووية, كما كان من ثمار هذا التعاون نجاح الهند في تشغيل مفاعلها )كالباكام( بالقرب من مدينة مدراس, وتطوير محطة الطاقة النووية في )تارابور((14).
3- التعاون العسكري والامني:
مع بداية الالفية الجديدة تطورت العلاقات بين الهند واسرائيل بشكل سريع ومتواتر لم يثر اهتماماً عربيا أو اسلاميا، على الرغم من التأثير المباشر لهذه العلاقات على الامتين العربية والاسلامية، فمن جهة ينعكس التعاون الامني والعسكري بين البلدين على الحرب التى تشنها الهند ضد إقليم كشمير الاسلامي، ويعزز من الحرب الشعواء التى يشنها الهندوس ضد المجاهدين المسلمين بالاسلحة الصهيونية الحديثة. فضلا عن التوتر النووي القائم بين باكستان والهند. فى المقابل تلقى تل أبيب دعما دبلوماسيا وسياسياً صامتاً في الآونة الأخيرة من الهند فى كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وباقي قضايا النزاع العربية مع اسرائيل، على عكس ما كان سائد فى الستينات والسبعينات من القرن الماضي.
فقد جاء المسعى الهندى لامتلاك أحدث التقنيات الحربية متوافقا مع حاجة إسرائيل لتوسيع سوق منتجاتها العسكرية، حيث شهدت السنوات الماضية إبرام الجانبين للعديد من الصفقات العسكرية، سواء لتطوير القدرات العسكرية الموجودة، أو لشراء قدرات عسكرية جديدة ففى عام 1996، اشترت الهند من إسرائيل منظومة متطورة لمناورات القتال الجوى، جرى نصبها فى قاعدة جامناجار الجوية وفى أواخر العام نفسه، فازت مؤسسة الصناعات الجوية الإسرائيلية بعقد قيمته 10 ملايين دولار لبناء زورقين من زوارق البحرية من طراز دفورا كذلك، أبرمت وزارة الدفاع الهندية عام 2001 عقدا مع مؤسسة الصناعات الجوية الإسرائيلية لتطوير المركبات الجوية الهندية بقيمة 72 مليون دولار للطائرة الواحدة كذلك، أبرمت الهند عام 2003 مع مؤسسة الصناعات الجوية الإسرائيلية عقدا بقيمة 130 مليون دولار وفى مجال السلاح البحرى، قررت الهند فى يناير 2003 تزويد عشر من سفنها الحربية بمنظومة باراك الإسرائيلية المضادة للصواريخ ثم جاء إطلاق صاروخ هندى من قاعدة سريهاريكوتا الفضائية فى المحيط الهندى حاملا قمر التجسس الإسرائيلى ـ بولاريس ـ ليلقى بمزيد من الضوء على تنامى علاقات البلدين وفى هذا الإطار يشهد حجم مبيعات الأسلحة الإسرائيلية إلى الهند نموا متواصلا، إذ بلغ فى الفترة من عام 2003 إلى 2006 ما قيمته مليار ونصف مليار دولار سنويا، وهو ما يعنى أن السوق الهندية تستحوذ على أكثر من ثلث إجمالى قيمة مبيعات الأسلحة الإسرائيلية وتشمل المبيعات الإسرائيلية إلى الهند نماذج مطورة من طائرة "ميج 21" ودبابات " ت ـ 72" ونظام باراك المضاد للصواريخ، ومعدات اتصال وقذائف موجهة بأشعة الليزر، ونظام فالكون للإنذار المبكر(15).
وفي العام 2005 فازت هيئة الصناعات الحربية الإسرائيلية (أي أم أي) بعقد قيمته 140 مليون دولار لإقامة خمسة مصانع لإنتاج المواد الكيماوية التي تستخدم في صنع المتفجرات في ولاية بيهار بالهند، كما ترددت أنباء عن عقد صفقتين لتزويد الهند بقذائف إسرائيلية مضادة للدبابات ولتطوير صناعة صواريخ الجيش الهندي(16).
ومع مطلع عام 2008، شهد التعاون التقنى والدفاعى بين الهند وإسرائيل طفرة مهمة بإطلاق صاروخ هندى من قاعدة سريهاريكوتا الفضائية فى المحيط الهندى، حاملا قمر التجسس الإسرائيلى "بولاريس" الذى يعد الأكثر تطورا بين أقمارها التجسسية ولم تكن هذه الخطوة نقلة مفاجئة أو وليدة اللحظة، وإنما استندت إلى أرضية قوية من التعاون وتاريخ ممتد من العلاقات(17).
أهم صفقات الاسلحة بين تل ابيب ونيوديلهي خلال العامين الماضين، والتى تعكس التطور السريع فى العلاقات العسكرية بين البلدين، والتي يمكن تلخيصها فى النقاط التالية :
- صفقة طائرات التجسس من طراز فالكون: تلك الصفقة تم توقيعها عام 2004وبلغت قيمتها 1.1مليار دولار.
- قامت الهند مؤخرا بشراء نحو أربعة ردارات من طراز EL-M2083 من شركة ألتا للأنظمة العسكرية الاسرائيلية وتم وضعها على الحدود الهندية الباكستانية.. ومهمة تلك الردارات هو رصد الاختراقات الجوية من جانب الطيران الباكستاني، وقدرت قيمة تلك الصفقة بنحو 600مليون دولار.
- أبرم البلدين صفقتان ضخمتان الاولى صفقة صواريخ "باراك8" وهى صواريخ بحرية مضادة للطائرات والصواريخ البحرية التى يصل مداها لنحو70 كيلو متر وتقدر هذه الصفقة بنحو 1.4مليار دولار. أما الصفقة الثانية فهي شراء الجيش الهندي لأنظمة سبايدر الاسرائيلية وهو منظمة جوية دفاعية متنقلة .
- تزويد إسرائيل الجيش الهندي بالطائرات بدون طيار الهجومية من طراز هاربون. هذا ولم تطرق الدراسة الى الصفقات العسكرية السرية بين البلدين.
- تزويد الهند الجيش الصهيوني فى عام 2004 طائرات عمودية من طراز Dhruv (18).
- وفي تقرير جامعة الدول العربية صدر عام 2000م أن الهند استوردت من "إسرائيل" خلال عام 1999 أجهزة متطورة وأنظمة مراقبة إلكترونية وشبكة كاميرات لمراقبة الحدود يصل مداها إلى أكثر من 15 ألف قدم كما أصبح لوزارة الدفاع الإسرائيلية وكلاء في الهند لبيع المعدات العسكرية للحكومة الهندية (19).‏

4- المجال الفضائي:
المجال الفضائي بين البلدين شهد هو الآخر تعاونا متزايداً فى العامين الماضيين، حيث نجحت الهند بالتعاون السري مع اسرائيل فى اطلاق قمر التجسس RISAT-2 أدعت نيو ديلهي فى البداية بانه مخصص للأغراض المدنية، لكنه اتضح بانه يحمل جهاز رادار اسرائيلي عسكري من طراز سار.
وفى نوفمبر 2002، توصلت وكالتا الفضاء فى الهند وإسرائيل إلى اتفاق للتعاون فيما بينهما وعلى الرغم من أن البرامج الفضائية ذات طابع مدنى من حيث المسمى، إلا أنها تؤدى مهام عسكرية ومخابراتية وليس أدل على ذلك من إطلاق صاروخ هندى فى 21 يناير 2008 من قاعدة ـ سريهاريكوتا ـ الفضائية فى المحيط الهندى، يحمل قمر التجسس الإسرائيلى ـ بولاريس ـ الذى يعد الأكثر تطورا بين أقمارها التجسسية(20).

5- المجال التجاري:
على الرغم من تزايد حجم التجارة بين البلدين منذ عام 1992 الا انه لا يمكن الادعاء بأن ايا منهما اصبح شريكا تجاريا مركزيا للاخر ففي نهاية 1994 لم تمثل تجارة الهند مع اسرائيل الا اقل من نصف في المئة من اجمالي الصادرات الهندية وحوالي 6% من واردتها الاجمالية ويسفر هذا الرقم المتواضع عن محدودية السعة الاستيعابية للسوق الاسرائيلية من جهة ومن الجهة الاخرى فانه بالرغم من اتساع حجم السوق الهندية فانه لا يميز بارتفاع قدرة المشترين فيه للوارادات الاسرائيلية وخاصة أن معظمها يتركز في الماس المصنع لذلك اتجه مسئولي الدولتين للسعي لتطوير مجمل علاقاتها الاتصادية حيث أعلن السفير الاسرائيلي لدى الهند عن التطلع لزيادة حجم التجارة بين البلدين لتصل الي 993 مليون دولار عام 1999 ثم زاد الي أن وصل الي مليون دولار عام 2000 حيث صدرت اسرائيل بضائع للهند بقيمة 538 مليون دولار واستوردت منها بضائع بقيمة 455 مليون دولار في حين بلغت قيمة الصادرات الاسرائيلية الي الهند عام 2006 مليار و270 مليون دولا امريكي ، وقيمة الواردات منها مليارا و433 مليون دولار، ليتضاعف بذلك حجم التبادل التجارى بين البلدين بوتيرة متسارعة أكثر من عشرة أضعاف مما كان عليه مع إقامة العلاقات الدبلوماسية عام 1992 فضلا عن ذلك، تنوعت علاقاتهما فى مجالات أخرى، فقد أقام البلدان نحو 200 مشروع مشترك فى مجالات الهندسة، وإدارة المياه الجوفية، ومحاربة التصحر، والتكنولوجيا الرفيعة جـ مناطق اهتمام مشترك: يجمع الدولتين بعض القضايا محل الاهتمام المشترك(21).

6- الإنتاج المشترك:
تصب برامج الإنتاج المشترك فى صالح الشركات الإسرائيلية والهندية على حد سواء، الأولى من حيث قدراتها فى مجال الأبحاث والتصاميم، والثانية من حيث إمكاناتها التصنيعية ومن أبرز ما تم فى هذا الخصوص اتفاق بين مؤسسة الصناعات الجوية الإسرائيلية وشركة هندوستان لصناعة الطائرات فى سبتمبر 2002، يتم بمقتضاه إنتاج مشترك لمروحيات خفيفة متطورة، يتيح لها تصميمها الأساسى تنفيذ عمليات هجومية واستخبارية، إضافة للعمليات المضادة للدبابات والغواصات كما تم التوصل إلى عقد اتفاقيات مماثلة تدخل فى نطاق نقل التكنولوجيا لإنتاج قطع المدفعية إلى جانب ذلك، أبرمت مؤسسة الصناعات الجوية الإسرائيلية مع شركة نيلكو الهندية فى فبراير 2003 اتفاقا لتطوير وتصنيع وتسويق سلسلة من المنتجات الإلكترونية لصالح قوات الدفاع الهندية ومن أبرز ما تم فى هذا الإطار الاتفاقية الموقعة عام 2007 لتطوير وصناعة أنظمة صاروخية من طراز باراك متوسطة المدى(22).

القسم الرابع:
عوامل تهدد العلاقة بين الهند واسرائيل:
عدة عوامل تهدد العلاقات العسكرين بين البلدين نوجز فيما يلي:
- هذه العوامل العلاقات العربية –الهندية، منذ قامت العلاقات الإسرائيلية الهندية على حساب العلاقات العربية الهندية, لكن ليس بالسهولة أن تتخلى نيوديلهي عن علاقاتها التاريخية عن الدول العربية ودعم القضية الفلسطينية باعتبارها قادة دول عدم الانحياز وقائدة مسيرة التحرر فى العالم من الاستعمار. وعلاقتها مع العرب وهو ما يدفع الحكومة الهندية للتعامل سراً فى كثير من الصفقات العسكرية مع إسرائيل.
- اتجاه معارض داخل الهند للتعاون العسكري مع اسرائيل، وهو ما دفع السلطات الهندية فى التحقيق مع مسئولين هنود كبار تلقوا رشاوي من أجل اتمام صفقات عسكرية اسرائيلية.
- خشيت الولايات المتحدة الأمريكية من التحالف الإسرائيلي - الهندي فعلى الرغم من التحالف الاستراتيجي مع اسرائيل، لكن تخشى واشنطن من انتقال تكنلوجياتها العسكرية التى تقدمها لاسرائيل من الانتقال بدورها للهند، وهوما يؤثر على ميزان القوى التي ترغب واشنطن فى الحفاظ عليه فى منطقة جنوب اسيا. وأن هناك كثيرمن الصفقات بين الهند واسرائيل قد أُلغيت بسبب الولايات المتحدة الامريكية.
- العلاقات التاريخية الوطيدة بين الهند وإيران، خاصة وأن الأولى تولى أهمية عليا للعلاقات التجارية والاقتصادية مع طهران خاصة وأنها ترتبط بها نفطيا ارتباطا شديداً. وتخشى إسرائيل من أن تنقل الهند التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية إلى إيران عبر الهند فى حال تدهور العلاقات بين البلدين(23).
- وجود ما لا يقل عن 150 مليون مسلم هندي يشكلون أكبر أقلية إسلامية في العالم، ولهم دورهم المهم إذا ما أحسن توظيفه وتفعيله، كل تلك الاعتبارت تدفع الهند إلى رسم سياستها بشكل أكثر حذرا وانتباها، لكن حالة الضعف العربي والوضع المتردي لمسلمي الهند أفقدا الجانب المؤيد للقضية الفلسطينية قدرته على التأثير، في الوقت الذي تصاعد فيه دور اللاعب الإسرائيلي الأميركي(24).
وفي إطار العلاقات غير المستقرة بين البلدين فقد اعلنت وزارة الدفاع الهندية في مارس 2012 عن تجميد علاقاتها مع عدد من شركات دولية وعالمية والتى من بينها شركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية، وذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية وفقاً لما جاء فى الإعلان أن الهند ستعمل على تجميد علاقاتها مع الصناعات العسكرية الإسرائيلية وباقى الشركات، مشيرة إلى أنها لن تبرم معها صفقات لمدة عشر سنوات بسبب تورط هذه الشركات فى فضائح فساد ورشوة تتعلق بصفات بيع سلاح فى عام 2009 (25).

خاتمة البحث:

تعتبر أية علاقة تعاون بين إسرائيل ودولة أخرى خطرا على العالم العربي والإسلامي إذ يمثل ذلك فرصة لإسرائيل لمزيد من التعدي على الحقوق العربية والإسلامية، كما يشكل فرصة لخروج إسرائيل من عزلتها في المنطقة حيث تحيط بها دول وشعوب عربية تدرك مخاطرها.
وهكذا فإن تطور العلاقة بين الهند وإسرائيل يمثل خطرا على الدول والشعوب العربية والإسلامية، لكن هذه المخاطر تختلف باختلاف أنواعها.
وإذا كان من الضروري تحديد الأولويات، فإن المخاطر الناجمة عن العلاقات الإستراتيجية الأمنية والتي تتمثل أساسا في استخدام إسرائيل لمياه المحيط الهندي بالتعاون مع الأسطول الهندي تشكل الخطر الأكبر حيث يشكل الوجود البحري الإسرائيلي تهديدا مباشرا لجنوب شرق الوطن العربي وخاصة دول الخليج العربي والعراق، وللدول الإسلامية بجنوب غرب آسيا وخاصة إيران وباكستان حيث هنا يصبح التهديد للوجود ذاته.
أما مبيعات الأسلحة الإسرائيلية للهند فإنها تزيد من قدرات إسرائيل على تطوير صناعتها العسكرية على نحو يزيد من قدرتها على تهديد الوطن العربي والإسلامي، كما أنها تساعد إسرائيل على مواجهة المخاطر الاقتصادية الناجمة عن انتفاضة الأقصى وبالتالي القدرة على الاستمرار في تهديد الشعب الفلسطيني والدول العربية المجاورة.
ورغم أن التعاون الهندي الإسرائيلي في المجال النووي ليست له أهمية كبيرة نتيجة لإجراء الهند أول تفجير نووي قبل تعاونها مع إسرائيل، فإن هذا التعاون في حد ذاته يجعل من الهند قوة نووية مهددة للوطن العربي والعالم الإسلامي بالإضافة إلى كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.
ولا يمكن إغفال أهمية التعاون الهندي الإسرائيلي في باقي المجالات إذ أنه يوفر فرصة لإفلات إسرائيل من الإدانة الدولية في المحافل المختلفة، كما أنه يفتح السوق الهندية الكبيرة أمام المنتجات الإسرائيلية مما يمكنها من الصمود في مواجهة المقاطعة العربية(26).
الهوامش:
1. طلعت مسلم ، العلاقات الهندية الاسرائيلية ومخاطرها، الجزيرة نت ، http://aljazeera.net/analysis/pages/25cb6327-e94b-4822-ac09-c243ab773ecb
2. احمد طاهر، تحولات العلاقات الاسرائيلية الايرانية،
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=222140&eid=52
3. ريم سعيد، العلاقات الهندية الاسرائيلية ... عوامل التغير والتحولات ،
http://www.alarabnews.com/alshaab/gif/19-09-2003/a23.htm
4. احسان مرتضى ، الحسابات الجيوستراتيجية في العلاقات الاسرائيلية الهندية ، مجلة الدفاع الوطني ، http://www.lebarmy.gov.lb/article.asp?ln=ar&id=1014
5. طلعت مسلم ، مصدر سابق
6. احمد طاهر، مصدر سابق.
7. المصدر السابق.
8. إحسان مرتضى ، الحسابات الجيوستراتيجية في العلاقات الإسرائيلية الهندية ، مجلة الدفاع الوطني ، http://www.lebarmy.gov.lb/article.asp?ln=ar&id=1014
9. ريم سعيد، مصدر سابق.
10. محمد يحي، التحالف الإسرائيلي الهندي،
http://www.islamicnews.net/Document/ShowDoc08.asp?DocID=50850&TypeID=8&TabIndex=2
11. احسان مرتضى ، مرجع سابق.
12. احمد طاهر، مصدر سابق.
13. محمد يحي، التحالف الاسرائيلي الهندي،
http://www.islamicnews.net/Document/ShowDoc08.asp?DocID=50850&TypeID=8&TabIndex=2
14. المرجع السابق .
15. احسان مرتضى ، مصدر سابق.
16. المصدر السابق.
17. احمد طاهر، مصدر سابق.
18. د. محسن صالح، هل تعيد الهند النظر في سياستها الخارجية تجاه فلسطين؟، 29-3-2007 ،
http://www.alzaytouna.net/permalink/4653.html
19. احمد طاهر، مصدر سابق.
20. د. سامح عباس ، العلاقات العسكرية بين الهند واسرائيل ، 16 مايو 2010 ،
http://www.islammemo.cc/Tkarer/TakrerMotargam/2010/05/16/100178.html
21. ريم سعيد، العلاقات الهندية الاسرائيلية ... عوامل التغير والتحولات ،
http://www.alarabnews.com/alshaab/gif/19-09-2003/a23.htm
22. احمد طاهر، مصدر سابق.
23. د. سامح عباس ، العلاقات العسكرية بين الهند واسرائيل ، 16 مايو 2010 ،
http://www.islammemo.cc/Tkarer/TakrerMotargam/2010/05/16/100178.html
24. د. محسن صالح، هل تعيد الهند النظر في سياستها الخارجية تجاه فلسطين؟، 29-3-2007 ،
http://www.alzaytouna.net/permalink/4653.html
25. محمود محيي، صحيفة معاريف ، 6 مارس 2012 ،
http://www3.youm7.com/News.asp?NewsID=619169&SecID=228&IssueID=0
26. طلعت مسلم ، العلاقات الهندية – الاسرائيلية ومخاطرها ،
http://aljazeera.net/analysis/pages/25cb6327-e94b-4822-ac09-c243ab773ecb








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل


.. روسيا تلعب على التصعيد النووي.. هل يضع بوتين ترامب أمام خيار




.. -ماذا فعل هذا الطفل لإسرائيل؟-.. فلسطيني يبكي رضيعا بعد قصف


.. ما تداعيات كمائن وعمليات فصائل المقاومة شمال وجنوب قطاع غزة؟




.. غارة على محيط الجامعة اللبنانية في الضاحية الجنوبية