الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطنية 00 والتوطين

محمد حسين علي المعاضيدي

2005 / 4 / 24
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


لقد تعاقبت عل شعب العراق عوامل عديدة جعلته يتحول بشكل وباخر الى كاره أو مستهزء بمفردة المواطنة والوطنية .. وبالتالي تحوّلها في نظره الى شيئ أشبه بالخيال وهاجس من الخوف باعتبارها أو أعتبار من يتعامل بها عملا سياسيا يخلّ بالامن العام للسلطة ويؤدي به الى التهلكة 00 وهذه الحال خلقها عدم اعتماد السلطات العراقية أي مبدا للعدل والمساواة والتكافؤ في تعاطيها وتعاملها مع هذا الشعب 00 وكانت كل سلطة تحابي وتلقي بثقلها وتوكلها على شريحة معينة طبقية او طائفية من المجتمع ككل على حساب الاخرين .. مما همّش دور الاغلبية منهم وقتلت فيهم روح المواطنة الى حد تحوّلت فيه لدى الكثيرين الى اصفاد لايستطيع التخلص منها الا باستغلاله او فرصة تتاح امامه للهجرة والبحث عن ماوى أخر يجد في الامن والامان .. كما أصبح مغهوم المواطنة تحت ظل تلك الممارسات السلطوية الجائرة شيئا لامعنى له بالشكل الذي يدفع المواطن بالتخلص والتملص من عملية الحضور والتفاعل امام أي خطر بسبب فقدانه حقه الشخصي والسياسي والقانوني والاجتماعي.
وشهد تاريخنا وواقعنا المؤلم اثرا تخريبيا واضحا من جراء ممار سات واقرارات وافرازات الانظمة السياسية التي تعاقبت على السلطة منذ تاسيس العراق كد ولة حديثة عام 1921 .. ولم يرى طيلة تلك الفترات عملا وهدفا حقيقيا يعظّم بين ابنائه حب الولاء والمواطنة بشكل حقيقي متجذر مع اعماق الذات البشرية ... واخرها ماجرى لابناء العراق اثناء حكم الطاغية صدام واعوانه مما ادى الى سقوط كامل وتحطيم متعمد لمبدأ المواطنة وتحويلها الى عمل يحاسب عليه القانون الصدامي سجنا او قتلا وقطعا للار زاق ..
لقد أدت كل هذه الممارسات الى خلق واقع اكثر سلبية واعمق على حساب الحس الوطني العام وساعدت بشكل كبير على خلق حالات الياس والضياع التي حوّلت مبدأ المواطنة وحب المعايشة الى عملية توطين .. وان عدم احتر ام ارادة الشعب وأشاعة العدل بينه لايعطي للسلطة احقية تمثيلهم والتعايش معهم وفقا لمتطلبات الوحدة الوطنية التي تلقي بضلالها الايجابي في عمليات البــناء والبقاء .
يضاف الى ذلك وجود حالات من التغييب المتعمد لعملية التثقيف الوطني ونقل مرض وعدوى الجفاء لمبدأ المواطنة واضعاف الحس والروح الوطنيين .. كذلك فأن مفردات ثقافتنا العراقية وابعاد سياسات السلطة في محاولاتها وتنوع انماطها في تحقيق ذلك .. ولقد كانت هناك عملية هجر مزمنة بين مرافق الدول والمجتمع مضافا اليها حملة اعلامية متقنة ومدروسة وموجهه في التعتيم والتضييع لهذا المبدأ .. وترك المجال لسيطرة الاعلام الخارجي على وسائل التوجيه في اغلب الاوساط الاجتماعية الفقيرة .. ومثل هذه الاساليب والتعاملات لايمكن معها انشاء او بناء دولة تستند الى القيم الاجتماعية والروح الوطنية 00 بل ان مثل هذا الواقع المر يقصّر الطر يق الاخر الذي يأخذ بالاتجاه المعاكس للواقع المنشود نحو الفشل والتشرذم والتبعية .. وأختزال المسافات البعيدة للعيش في احضان الغير وتحت مظلتهم ..
ومثل هذا الواقع والوطن المعذب على مر تلك السنين يبحث عمن يداوي جراحه ويلم شمله وفقا لاسس قانونية ويبث في اوصال هذا المجتمع الذ ي غييب عن التعايش مع العملية الانسانية والتطورية حب المواطنة واعادة بناء وزرع الثقة والصلة بينه وبين تربته بحرص شديد في بناء وطن في كل مقومات الحياة ويمثل كل ابنائه ويلقي على عاتقهم عملية تبني كامل لهذا البناء لضمان امتلاك مفاتيح المستقبل بارادة وطنية حرة متمثلة بسيادة كاملة وقانون يحمي الجميع ومنح الحريات الكاملة واحتر ام الانسان باعتباره الهدف الاسمى والاعلى في كل مرحلة من مراحل البناء .
أن حب الوطن يتجاوز معناه التقليدي الذي نفهمه على اساس البيت والسكن .. الى معناه الاشمل الذي يكمن في الانتماء الثقافي والحضاري والانساني وشعورا عاطفيا بوطن له من الدلائل والعلامات مايميزه عن بقية الاوطان وله معالمه الجغرافية المحددة والواضحة والموجودة بشكل طبيعي او مأخوذة اكتسابا بسبب مسائل عديدة لها اثرها واهميتها في الصياغة العامة لهذا الوطن او ذاك ..
ان الحقوق والواجبات تنشا اساسا من حب الوطن ومبدا الوطنية لانها وعي شعوري وحب يوجد في الفرد او المجتمع لوطنه الذي يعيش بين اكنافه ..
ومما لاشك فيه ان هذه العملية لايمكن لها ان تأتي من فراغ وتغيير معالم المرحلة السابقة من التضييع والتهميش والتمزق تحتاج الى تحولات كبيرة اجتماعيا وسياسيا لانها تقترن بعملية ولادة جديدة للوطن وبصيغ معاصرة .. ومواطنة حقيقية وحقه تكوّن مفهوم المجتمع والدولة الحديثين مع تفاعل سياسي كامل تحت ظل دولة مؤسسات متفاعلة ايجابيا تجاه بناء مجتمع مدني متطور حر ديمقراطي تسوده أسس كاملة ومضمونة من المساواة والحرية والعدالة وهذه من اهم مقومات المجتمع الناجح والمشروع .
وينبغي ان نفهم جيدا ان العملية الديمقراطية الراسخة هي احد اهم المقومات في اعادة الثقة وبناء مبدا المواطنة وأن الممارسة الديمقراطية بمعناها الحقيقي الذي يعني الاعلان بلا وجل او خوف عن الراي والموقف بايجابية وسلام وحرية والاشتراك الكامل في التفكير والعمل بقدرة وذكاءء لادارة الاختلافات في المناهج الفكرية والسياسة لبناء المجتمع وان تكون الممارسة الديمقراطية تجسيدا كاملا لروحية التسامح والتفاهم في وجهات النظر المتباينة واحترامها سواءا كانت مرضية لنا او غير ذلك .. ولاننسى ان من اهم مقومات الديمقراطية وممارستها هما تاشير نقاط الاتفاق والعمل عليها حتى نعيش بسلام ونتوصل الى ماهو افضل من حلول مشتركة .
ان توفر هذا المناخ في المجتمع والتركيز عليه يشكل عاملا مهما وفاعلا في عملية اعطاء المواطنة معناها الحقيقي واعادة بث روح المواطنة وحب الوطن في صدور ابناء المجتمع الواحد التي اتعبها الترحال وتمزقت اشرعتها برياح الحكو مات الجائرة والانظمة الدكتاتورية وتوقفت على شفا حفرة من التخلص والانسلاخ من حب وطنهم ومواطنتهم .
وأن ماعاناه شعب العراق طيلة العقود الماضية بمختلف الوان السلب للهوية الوطنية والحقوق وقتل الروح والمبدأ الرابط بينه وبين مجتمعه وار ضه يلقى بضلال مسؤولية كبيرة امام المثقفين والنخب السياسية والاجتماعية ومختلف الكيانات الاخرى لكي يكونوا اكثر جدية واسرع خطى نحو توفير الاجواء الملائمة لولادة عراق جديد يتكاتف فيه الجميع ويتفاعل بالمشاركة الواسعة في كافة مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية على مبدأ من العدل والحرية والمساواة في الحقوق والواجبات وخلق فرص واسعة امام هذا المجتمع للمشاركة في البناء والتغيير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وول ستريت جورنال: إسرائيل تريد الدخول إلى رفح.. لكنّ الأمور


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق الحالية بين حماس




.. صحيفة يديعوت أحرونوت: إصابة جندي من وحدة -اليمام- خلال عملية


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. نتنياهو يعلن الإقرار بالإجماع قررت بالإجماع على إغلاق قناة ا