الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الرجال الكبار سنًا يعلنون الحرب. لكن الشباب يجب عليهم القتال والموت- هيربت هوفر

محمد الصفطاوي

2013 / 5 / 22
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


الناظر تمامًا لكل الأزمات العالمية يجد غياب الطاقة المهولة وهي الشباب. الشباب هُم القدرة المعطاءة للتغيير والإصلاح والبناء وهم الذين يتمايزون بالدينامكية والمثابرة والرؤية للمستقبل. الشباب هم مخزون الطاقة الكونية اللامنتهي والعلاج الوحيد لكلمة المُستحيل. الإصلاح الجذري لما يواجهه الشباب يتطلب تغيير في السياسات الحكومية والمؤسساتية التي تعمل مع الشباب وهذا الأمر يبدأ من خلال معرفة الاحتياجات الأساسية للشباب والعمل على تلبيتها وأخذها بعين الاعتبار لدى صياغة الخطط والبرامج؛ باعتبارها متطلبات ضرورية يجب إدراكها من قبل المعنيين. مع الإشارة إلى أن مفهوم الحاجات مفهوم نسبي يختلف من مجتمع إلى آخر تبعاً لطبيعة وخصوصيات المجتمع المدني، ومستوى التطور الاجتماعي والاقتصادي. من المهم جدًا أن يكون التغيير في هذه السياسات ذات قاعدة قانونية، وعلينا ألّا ننسى أنهُ حتى التغير القانوني بحاجة إلى تغيير بالثقافة والمفاهيم، ومنها على سبيل المثال: إقناع الأحزاب السياسية أن تضع الأولوية لمشاركة الشباب على رأس قوائمها الانتخابية، وكذلك إجراء تعديلات هيكلية في كافة البنية التنظيمية؛ بحيث تعزز من مشاركة الشباب في وضع الاستراتيجيات ورؤية العمل وفي المستويات السياسية العليا والمقررة بدور فاعل ومؤثر وهذا الأمر يقع على عاتق كبير على أصحاب العقول الكلاسيكية المركزية كي تخلق مساحة مهمة للشباب في عملية المشاركة في مراكز قيادية بالمجتمع على كافة المستويات المؤسساتية والوظيفية والسياسية والنقابية والاجتماعية.

تجربة مُشاركة الشباب في صناعة القرار وتحمّل المسؤولية والمُحاولة في البناء هي ذات أهمية استراتيجية قصوى لكي نرتقي في أي دولة لصناعة معنى الحضارة الحقيقية، وهي من أهم الخطوات العملية التي تُساعد في حل الأزمة التي تعصف في أوروبا، وأزمة البطالة المُنتشرة عالميًا.

ما أقوله/ هُناك الكثير من الأطراف الخفية التي تلعب في الظلام ترغب بإلهاء الشباب عن دورهم الأساسي في البناء والتنمية والتغيير وصناعة القرار من خلالهم اغراقهم في مشاكل فرعية كلقمة العيش والبطالة وكيفية دفع إيجار البيت والتأمين الصحي وارتفاع سعر الخضروات ومقدار المال الذي سوف تأخذه إن انتسبت لهذا الحزب أو ذاك، وبأشياء شكلية لا تسمن ولا تُغني من جوع. هُناك من يرغب ويسعى بكل ما أؤتي من جهد لتغييب العقل والطاقة الشبابية عن الميدان كي يتسنى له السرقة في وضح النهار، وأكثر الأمثلة على ذلك ما حصل فيما يُسمى بالربيع العربي حيثُ أن الشباب زرعوا الثورة واللصوص حصدوها! لتنتقل قضيتنا حينها من قضية حضارة إنسانية إلى قضية البحث عن مقومات الحياة البسيطة من ملبس ومأكل ومشرب كأقصى الأحلام إن توفرت.

إنّ مُشكلاتنا الحقيقية التي نواجهها لم تكن ذات يوم متعلقة في نقص المال، أو بارتفاع سعر اليورو والدولار وبانخفاضهما بل كانت وبكل بساطة في العقل الذي يجلب المال ويجلب كُل شيء. إن الخطورة العظمي التي تواجهها أسبانيا واليونان وإيطاليا بعد الأزمة الاقتصادية من وجهة نظري ليست متمثلة في الأزمة ذاتها -رُغم أن لها جُزءًا من الخطورة- لكن هجرة الشباب والطاقات ذات الكفاءة والخبرة من هذه البلدان هو الأخطر. إن إبقاء الشباب في دائرة المشاهدة بعيدًا عن المشاركة في صناعة الأهداف العملية في المرمى على أرضع الواقع هو خطأ تاريخي ترتكبه الدول. علينا أن ندرك أن حُكمنا على الأشياء دومًا ناقص إذا لم يقترن بمعرفة وإدراك لكُل وجهات النظر، وأنّ المحاولة هي النجاح الحقيقي. علينا أن نصنع حلقة تكاملية في مجتمعاتنا ونُعطِ الثقة والفرصة للشباب لإعداد جيل صاحب خبرة، نضوج، إدراك، مقدرة، مسؤولية، حكمة، رؤية مستقبلية، مُبدع، يحقق التوازن بين المشاركة السياسية والالتزامات الاجتماعية والعمل، والأهم الانفتاح الفكري والثقافي. هذا الأمر ليس على الصعيد الحكومي والمؤسساتي فقط بل على كُل الأصعدة حتى في العائلة.

التجارب المُختلفة في العمل والتي من المفترض أن يخوضها الشباب على كل الظروف والمراحل حتى في أقصاها ذروة تستهدف صقل الشخصية الشبابية، وإكسابها المهارات، والخبرات العلمية والعملية، وتأهيلها التأهيل المطلوب لضمان تكيفها السليم مع المستجدات وكُل الظروف، وتدريبها في مختلف الميادين المجتمعية، وحكومة الظل الشبابية هي مثال واضح لهذه الأهداف.

سؤال، من قال أنهُ عليّ أن أنتظر أن يصبح عُمري40 عامًا كي أصبح صانع قرار!

علينا نحنُ الشباب أن نُسطّر أسطورتنا في هذا العالم ونصنع التاريخ بعيدًا عن الانتظار على حافة الرصيف وانتظار الفرصة. علينا أن نصنع الفرصة بأيدينا وعلينا أن نتخلّص من تقليص أفكارنا المؤطرة وتحجيمها داخل فكرة الحزب والعرق والدين. علينا أن ننطلق إلى المفاهيم السامية والكونية كالوطن والإنسان وبناء الحضارة. نيوتين يقول "وقفت على أكتاف من سبقوني من العلماء" فهمنا لهذه العبارة هو الأرض الخصبة للبدء في الطريق الصحيح من خلال إيجاد مساحة آمنة لنقل الخبرة والتاريخ ما بين مدرسة الحداثة التي يمثلها الشباب وبين مدرسة الكلاسيكية بما يضمن انتقال التجربة في المسار الأفضل واحترام كلًا الآخر دُون الإساءة لأية تجربة مهما كان قدر الاختلاف معها وتقليص الفجوة، لأنّ كُل منا له وجهة نظره في العمل ومساحته وطريقته التي يعمل بها فلنعطِ إذًا الفرصة والمساحة للآخرين للمحاولة والتجربة، وحتى الذي أخطأ عليه أن يثاب على مُحاولته بالتفكير. نحنُ لسنا كاملين. علينا أن نتذكر أن هُناك جانب جيّد في كُل شئ. علينا أن ندرك أن وقتنا الأهم والأكبر يجب أن يكون منشغلًا في التفكير الدؤوب في المستقبل وإعداد الخطط له وليس في تصيّد أخطاء الآخرين والخلافات... أسوأنا هو الذي يقبل أن يكون في يد الآخرين مثل حجر شطرنج يُحصّن به قلعته وقتما شاء... الوقت يجري سريعًا والتاريخ لن يرحم والسؤال ماذا صنعنا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان