الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاهدات بغدادية / 11 خطة القبض على الاوهام

اسماعيل شاكر الرفاعي

2013 / 5 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


مشاهدات بغدادية 11

اسماعيل شاكر الرفاعي

تجريم البعث

[ أولاً : يحظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الارهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي ، أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له ، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه ، أو تحت أي مسمى كان ، ولا يجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق ، وينظم ذلك بقانون . ثانياً : تلتزم الدولة محاربة الارهاب بجميع اشكاله ، وتعمل على حماية اراضيها من ان تكون مقراً أو ممراً أو مساحة لنشاطه . ]
المادة ( 7 ) من الدستور العراقي

نقرأ التاريخ لا من أجل ان نؤثث اذهاننا بقصص وحكايات نتسلى بروايتها في المنتديات العامة ، بل من اجل تجنب المناهج السياسية التي ادت ممارستها الى ما نحن عليه من حالة مأساوية . فما الذي يصح تجنبه من الماضي القريب الذي حكم فيه حزب البعث لمدة 35 عاماً وترك البلاد تعيش على جروح هزائم عسكرية ، وعلى اطلال بنى تحتية متهرأة ، وخرائب كانت تسمى اقتصاد ؟ : 1 ــ يدين واقعنا الحاضر ويجرم المنهج السياسي لحزب البعث ، لما قاد اليه من اختزال السلطة والدولة بكل اجهزتها في شخص زعيمه . ولتجنب مساوئ هذا النهج الاحتكاري في الحكم ، اكدت المادة ( 14 ) من الدستور [ العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الاصل أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي ] 2ــ يدين الضمير الجمعي للمجتمع العراقي بسبب من تغييب منهج حزب البعث الطيف الواسع من الاثنيات والاديان والمذاهب ومحاولة صهرها جميعاً في بوتقة قومية او طائفة واحدة . وعلى الضد من هذه النظرة الواحدية جاءت المادة ( 3 ) من الدستور العراقي لتقول بأن [ العراق بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب .. ] ومثلها المادة ( 5 ) التي تقول بأنّ [ السيادة للقانون والشعب مصدر السلطات وشرعيتها يمارسها بالاقتراع السري العام المباشر وعبر مؤسساته الدستورية ]... تقول تجربة بلدان المشرق العربي في المرحلة الممتدة على السنوات 1952 ــ 2011 ، بأن فرض الامر الواقع عن طريق القيام بانقلاب عسكري بتحالف العسكر مع طائفة او منطقة جهوية ، لا بد وان يقود الى الهرب من مواجهة التناقضات الداخلية الى الخارج ، وذلك برفع شعارات شعبوية مدوية { الوحدة تحرير فلسطين مقاومة الاستعمار الغربي } ليصل هذا الهروب الى درجة تذويب دولة سوريا في دولة مصر الاكبر منها { لم يلبث الا لبعض الوقت ثم انفصل } ، او الى حروب خارجية متتالية كما في تجربة البعث في العراق . 3 ــ تم تجريم حزب البعث من قبل المحيط الدولي والاقليمي ، بسبب من الحروب التي اشعلها ، وهي حروب كانت من حيث نتائجها ، موجهة الى الداخل لتعطيل مهمة بناء الدولة الوطنية على اساس مفهوم المواطنة . ولقص اجنحة هذا الميل الى الخارج نصت المادة ( 8 ) من الدستور العراقي على ان يرعى [ العراق مبدأ حسن الجوار ، ويلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى ، ويسعى لحل النزاعات بالوسائل السلمية ..الخ ] اذن تحتوي بنود الدستور العراقي على رؤية متكاملة هي بمثابة المنهج الجديد الذي يجب ان تترسمه السلطة السياسية في حركتها داخلياً وخارجياً ، في موازنة دقيقة ومحسوبة النتائج ، يتم فيها توظيف العلاقة بالخارج لصالح بناء الدولة : وهي المهمة الارأس من بين هذه المهمات ، اذ بدون الفراغ من بناء دولة مؤسسات مكينة ، تثبت للعراقي فعلاً بأنها هويته الكبرى التي تغنيه مؤسساتها عن اللجوء الى هويات فرعية ، لا يمكن ان يتكامل المنهج البديل . ولقد جاء وصف هذه الدولة المنتظرة في البند الاول من الدستور بأنها [ دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة ، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي ( برلماني ) ديمقراطي وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق ) .. من غير ان تتحول بنود الدستور الى مؤسسات فاعلة ، تتكلم وتأمر وتحاسب وتحل المشاكل ، بعيداً عن ظل رؤساء الكتل السياسية الثقيل ، فأن الدستور لن يكون ضامناً لوحدة العراق ..

خطة القبض على الاوهام

نازعت نفسي على ان لا اكتب عن جهاز كشف المتفجرات ، فلقد كُتب عنه الكثير ، ولكنني قررت اختياره مادة لعمودي الصحافي ما ان شعرت بان وجود هذا الجهاز في العمل يجبرنا على الخضوع للعبة العيش في الاوهام .. يتحول الوهم الى حقيقة في وعي الناس حين يكون محوراً لنظام يدير شبكة من المؤسسات { هي هنا السيطرات } يوحي نظام العمل فيها بدرجة عالية من المعقولية ، فمنظر العسكري في السيطرة وهو يقترب من السيارة ، بجهاز الكشف عن المتفجرات التي تضمها ، يوحي بالثقة وبالجدية في العمل رغم ادراكه بأنه يزاول نشاطاً هو أقرب الى تسويق الوهم منه الى تسويق الحقيقة . ولكن الجندي مضطر الى مزاولته لأنه جزء من خطة عمل كبيرة تضم مؤسسات ، ومكاتب وغرف أزمات ، تديرها رتب عالية متخرجة من كليات اركان في الداخل والخارج ، لقنته عبر محاضرات واوامر دورية على انه النظام الفعال في مواجهة تحدي الارهاب . ينسى الجندي وهو يزاول هذه المهمة التي اوكلت اليه بانها طارئة ووقتية ، وبان ظروفاً محددة هي التي أملتها وفرضت العمل بها . هكذا يسرب الوهم ذاته كنظام منحوت من الطبيعة ، خالد وابدي ، وليس من صنع الانسان . فيتحول النظام في وعي الجندي الى ما يشبه الطقس المقدس او التعبير المثالي عن الوطنية . فرتل السيارات يمتد طويلاً أمام عينيه ، وكذلك ارتال البشر الذين ملوا الانتظار داخل جوف السيارات الخانقة ، كل ذلك يؤبد في وعي الجندي ووعي الجمهور الغفير ان التمسك بهذا النظام الموضوع لمكافحة الارهاب هو النظام المثالي ، وان الالتزام به هو التعبير الحق عن الوطن والوطنية ، وان التمرد عليه هو الشغب بعينه واللاوطنية بعينها . هذه نصف سيرورة تحول الوهم الى حقيقة : النصف الآخر يتعلق بتوفير القوة المسلحة التي تثير الرهبة ، والذي تجسده الجحافل والسيطرات المنتشرة في شوارع بغداد بما تضمه تشكيلاتها من اسلحة فتاكة يثير منظرها الهلع والخشية والخوف . اسلحة صامتة لا تعرف الحوار ، لغتها الوحيدة أزيز الرصاص او دوي المدافع . هذا النظام المتهيكل على شكل قوة مسلحة باوامر جدية في قتل كل من يحاول التمرد عليه ، هو ما يُسرّع من آليات تحول الاوهام الى حقائق في حياة البشر ..لا يختلف النظام في بريطانيا عن النظام في العراق فكلاهما نظام برلماني تنبثق عنه حكومة وقضاء مستقل وهيئات مستقلة ، لكن بريطانيا هي التي كشفت على لسان رئيس وزرائها عن هذه الكذبة الكبيرة التي اسمها : جهاز القبض على المتفجرات ، واقتصت من التاجر البريطاني الذي سوقه الى العراق ، فيما تجبرنا خططنا الامنية على تحويل هذا الوهم الى وثن والتعبد في محرابه . قال مكتب رئيس الوزراء قبل ايام ، جواباً على الضجة الاعلامية التي تفجرت اثر صدور حكم القضاء البريطاني بانه [ صدرت احكام قضائية ضد بعض المتهمين في هذه القضية منذ عامين واكثر ] أي اننا منذ عامين واكثر نتغذى على وهم حيازتنا لتكنولوجيا متقدمة ، وان هذه التكنولوجيا هي صمام امان خططنا الامنية . ولأننا نبادل الاجهزة الامنية الثقة بمخططاتها ، فعلينا نحن العامة ــ كما لو اننا مَن استورد الجهاز ــ ان نتحمل عقوبة يومية في الانتظار طويلاً أمام السيطرات . كيف يمكن تفسير هذه المفارقة ؟ مفارقة الاستمرار بالعيش على الاوهام وتسويق الوهم على انه حقيقة ؟ هل استمرار العمل بخطة أمنية محورها جهز فاشل ينم عن فلسفة حياتية تقول باننا من غير اوهام لا نستطيع ادارة شؤوننا ؟ أم لأن الجهاز بحد ذاته هو الحل الوسط الذي يشكل خلاصة صفقة بين مسؤولين اتفقوا على ان يكون شعارهم : اسكت عني لأسكت عنك . هل يشكل ذلك بالنسبة الى الباحثين والمفكرين رمزاً مشعاً بالدلالة على ثقافة محددة ، يشكل العيش على الاوهام فرعاً اساسياً من فروعها ، فيما تضم فروعها الاخرى الكثير من المحرمات ، وفي المقدمة منها تحريم رفع السبابة بالسؤال .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة ايريك سيوتي عضو اليمين الفائز بمقعد البرلمان عن نيس|#عا


.. قراءة عسكرية.. محور نتساريم بين دعم عمليات الاحتلال و تحوله




.. تفعيل المادة 25 قد يعزل بايدن.. وترمب لا يفضل استخدامها ضد خ


.. حملة بايدن تتعرض لضغوطات بعد استقالة مذيعة لاعتمادها أسئلة م




.. البيت الأبيض: المستوطنات الإسرائيلية تقوض عملية السلام والاس