الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا حديث عندنا إلا على الأزمة فما هي مشكلتنا بالضبط؟

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2013 / 5 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


منذ مدة طويلة لا حديث عندنا إلا على الأزمة؟

فما هي خصائص هذه اﻷ-;-زمة التي نعاني منها؟ ما جوهرها؟ ما شروطها وأخطارها الراهنة واللاحقة ؟

أهي شر مطلق، شر من صنع القوى الخارجية "المتآمرة" على الدوام؟

فهل هي عقاب من اﷲ-;- على ذنوبنا وانحرافنا عن مبادئ الدين واﻷ-;-خﻼ-;-ق؟ وفي مثل هذه الحال، أيكون الحل بالتوبة والتكفير عن الذنوب، والعودة إلى الدين القويم واﻷ-;-خﻼ-;-ق الحسنة؟

أم هي ظاهرة اجتماعية معقدة وﻻ-;- يمكننا تجنبها لكنها طارئة على كل حال، فهي تحل بنا، وستظل تحل وسيبقى هذا قدرنا كما طل عليه الحال منذ الاستقلال، سرعان ما نعتقد أن ودعنا أزمة تحل بنا أخرى أدهى وأمرّ؟

أم هي ، ظاهرة ناجمة عن أسباب يمكننا معرفتها والتغلب عليها، وبالتالي يجب البحث عن هذه اﻷ-;-سباب و مواجهتها بكفاءة واستعداد التصدي للأزمة الشاملة، أي التي تصيب بنية المجتمع بكليتها، ، كما تبدوحالة أزمتنا؟

ومهما يكن من أمر نحن نعيش حالة عامة من الخلل والتمزق والفساد في مجمل عﻼ-;-قاتنا الإقتصادية والسياسية والثقافية واﻷ-;-خﻼ-;-قية والقيمية،، في عﻼ-;-قتنا مع أنفسنا أوﻻ-;-ً، وعﻼ-;-قتنا فيما بين بعضنا بعضاً، وطنياً وقومياً، وعﻼ-;-قتنا مع اﻵ-;-خر ثانيا .

لذا فاﻷ-;-زمة كامنة في أعماق وجداننا، في جذور ثقافتنا الحديثة، صراع بين ماضٍ يحتضر في داخلنا وحولنا اكتشفنا أنه تمّ النصب علينا على الدوام وكانت البداية قبيل مفاوضات "إيكس ليبان" التي ساومت على استقلال البلاد وحرية وكرامة المغاربة ، ومستقبل أضحى الآن يتحدانا. لهذا فهي عملة يومية تبرز في كل مناحي حياتنا، وفي حاﻻ-;-ت كثيرة تكون ﻻ-;-شعورية أو مكبوتة ننفيها مكابرة اليوم أو خوفا بالأمس القريب حين كنا نحيا في أجواء سنوات الجمر والرصاص.

ثمة في مجتمعاتنا حاﻻ-;-ت أزمة عميقة وبنيوية في الإقتصاد، في السياسة، في الثقافة، في االتشريعات والقضاء، في المدرسة والجامعة، في العائلة، في التواصل ، في قضية المرأة ، في القيم اﻷ-;-خﻼ-;-قية والعﻼ-;-قات اﻻ-;-جتماعية، في العﻼ-;-قات البينية مع دول الجوار والدول العربية، في عﻼ-;-قاتنا مع الدول والعالم عموما.

باختصار، إننا ندور في متاهة من اﻷ-;-زمات منذ خمسة عقود ونيف. نرغب بأن تكون حالتنا جيدة ودائماً أفضل معتقدين بأن هذا من حقنا اﻷ-;-ساسي كمواطنين وأعضاء في اﻷ-;-سرة اﻹ-;-نسانية لكن القائمين على أمورنا لم يكونوا ليوافقوا على ذلك لأنهم قرّروا أن تظل دار لقمان على حالها حتى لا تُمسّ مصالحهم ولو بمقدار قيد أنملة .

هكذا، أحﻼ-;-منا ومشاريعنا بالتحرر، بالتقدم، بالحرية والعدالة الاجتماعية والعيش بكرامة وتكريس المواطنة الحق والشعور بالمشاركة في صناعة القرار وبناء الحاضر والمستقبل ، عايناها كل يوم - منذ 1956 - تتكسر وتذهب هباء منثورة، بينما نرى العالم من حولنا يسبقنا في كل شيء حتى بتنا نخجل أمام ذات أنفسنا، وهويتنا تفقد ركائزها. واستمرّ الحال على ما هو عليه إلى أن أضحت أزمتنا، أزمة تجتاح كياننا حتى النخاع، فندور في فراغ ونشعر بالغربة أينما اتجهنا، ومازالت الأزمة تلاحقنا. فما مصيرنا اليوم وغداً؟
غيبية محبوكة بخيوط الخضوع والجهل.

في حين ظل العالم يعرف تغييرات تتكاثر، تتناقض، تتراكم،.. وعﻼ-;-مات وأشكال للخروج من واقع حال إلى آخر مخططة معالمه ومقاصده... إنها تحولات ﻻ-;- تهدأ بين ما ينتهي وما يولد. التغيير وإن قد بدأ يدب في اللغة والعقائد والطقوس، في العقل والجسد، فهو التحدي اﻷ-;-صعب، ﻷ-;-ن زمن هذه اﻷ-;-شياء ليس كزمن التغيير في أصناف السيارات واﻷ-;-لبسة وتخريج اﻷ-;-طباء وأشكال العمران و...و... إنه يتعدى العتبات ذاتها ليمتد على أجيال. ربما وصلنا اﻵ-;-ن إلى عتبة يتطلب اجتيازها قفزة، نقلة نوعية. علما أن القفزات تثير دائماً ردود فعل قوية، عنيفة أحيانا، صراعات، وربما نكسات...

إن اﻷ-;-سباب البعيدة لأزمتنا – بل أزماتنا - تكمن في سيرورة التخلف والتجهيل والإقصاء والتهميش التي عمّرت عندنا عقودا. أما اﻷ-;-سباب المباشرة فهي التي نعيشها ونعيها اليوم. خﻼ-;-ل نصف القرن المنفرط تغير العالم من حولنا تغيراً جوهرياً، وربما جذريا، وبقينا نحن نتوق للديمقراطية والشعور بالمواطنة و حفظ الكرامة تحت شمس وطننا.

في فجر الاستقلال راح المغاربة يحلمون بغد جديد، بالحرية واﻻ-;-زدهار والتقدم واللحاق بعجلة التاريخ. فماذا حدث ؟ صار لنا علم ونشيد وطنيين وسفارات، وصار لنا بالمغرب قصور وأساطيل سيارات فارهة، ومشاركات في المؤسسات العالمية.. ومدننا الكبرى تعج بالبشر والبضائع واﻹ-;-عﻼ-;-نات المثيرة التي لا تهم إلا كمشة من المغاربة.. لكننا هل اقتربنا من الأهداف الكبرى التي راجت في الخطابات في فجر الاستقلال، أم على العكس من ذلك، ابتعدنا منها حتى كادت تبدو مستحيلة التحقيق؟

بعبارة مختزلة، يكمن سبب أزمتنا في هذا بالذات، في عجزنا عن تحقيق مشروعنا الحضاري الذي ظل يسعى المغاربة لتحقيقه، وهذا تارة باسم التقدم، وتارة أخرى باسم التنمية اﻻ-;-قتصادية أو التنمية الشاملة، أو "تنمية تشاركية- محورها المواطن أو غير ذلك من الشعارات و الأوهام..، لكننا في كل مرة يصدمنا الواقع وتصيبنا الخيبة. أليس من أهم نتائج هذا العجز فقدان مصداقية وشرعية المنظومة السياسية واﻻ-;-جتماعية والثقافية واللاعبين في مسارحها، وما نجم عن ذلك من ممارسات فاسدة وعﻼ-;-قات استبدادية وقمع وكبت، وهجرة أدمغة وأموال، وانتشار مشاعر القلق والضيق والخوف على المستقبل. لكن هل المسؤولية تقع على كواهل السياسيين وحدهم؟

فاﻷ-;-زمة، كما يعلمنا الواقع وتثبته العلوم اﻻ-;-جتماعية والتاريخية، هي ظاهرة طبيعية في حياة اﻷ-;-فراد والجماعات والدول والحضارات. طبيعية بمعنى أنها ليست حدثاً استثنائياً طارئاً من صنع قوة خارقة مجهولة، وإنما تحدث وفق قوانين التطور التاريخي الموضوعية والتي تلعب فيها أعمال البشر- أفراداً وجماعات ومؤسسات- ومعتقداتهم وأوهامهم وقيمهم المعنوية واﻷ-;-خﻼ-;-قية دوراً هاماً وقد يكون حاسماً في ظروف معينة.

إن ضرورة اﻷ-;-زمة، ناجمة عن قوانين الحياة ذاتها، ﻷ-;-ن قوانين الحياة تخلق الحركة، العﻼ-;-قات، التبادل ، التناقض، التغيير، النمو، الركود، الهبوط،، المرض، الشيخوخة والموت، اﻻ-;-نبعاث، التمرد، الثورة، اﻹ-;-صﻼ-;-ح، إعادة البناء، الردة واﻻ-;-نتكاس... والنتيجة العامة لكل هذا النسيج المتشابك تحدد، على محور الزمن، الخط العام لحركة الواقع أو ما نسميه تطور أو سيرورة الحياة.

يحدث خلﻼ-;-ً في التوازن في اﻻ-;-تجاه نفسه فيفاقم الخلل، أو في اﻻ-;-تجاه المعاكس، فيحرض أو يقتضي، ﻷ-;-جل إعادة التوازن الطبيعي، حدوث تغيير مﻼ-;-ئم في بعض أو كل العناصر اﻷ-;-خرى، هكذا تحدث سلسلة من التغيرات في السياسة، الثقافة، العﻼ-;-قات اﻻ-;-جتماعية التي تدفع بترابطاتها الكثيرة المجتمع ككل في اتجاه ما، نحو اﻷ-;-مام أو على العكس نحو الخلف. لكن هذا التغيير قد يكون معاقاً، مكبوحاً، مقموعاً، .. بفعل قوى التقاليد الجامدة، بفعل نزعة الحفاظ على الذات والخوف من التغيير، بفعل مناهضة أصحاب اﻻ-;-متيازات، بفعل التعصب للماضي ، أو بفعل سلطة اجتماعية ، مالية، سياسية..، أو بفعل اﻷ-;-عداء. وبشكل عام بفعل مجموعة متشابكة من هذه العناصر. بعض هذه العناصر قائمة في داخل كل فرد منا، قد يكون في أعماق الثقافة والﻼ-;-شعور، أو قد يكون بشكل صريح وربما حاد حفاظا على مصلحة أو وضعية. وفي هذا السياق فرطنا مرارا في مواعيد مع التاريخ وكانت النتيجة المزيد من الابتعاد عن تحقيق أحلام مرحلة فجر الاستقلال، إذ تمّ دكّ – دكا – حلم أغلب المغاربة لتحقيق أحلام كمشة منهم – علما أن جزء مهما منهم كانوا خونة أو محسوبين عليهم.

والحالة هاته، هل من حل في المستقبل المنظور؟ وهل يمكن إنهاء اﻷ-;-زمة؟ وهل يمكن أن نمارس الديموقراطية والحرية والمسؤولية؟ وهل يمكننا أن نحدث اختراقات علمية، سياسية أو غيرها؟ ربما، ولكن في أي زمن، وفي أي شروط داخلية وخارجية؟ هل شرطنا الداخلي مهيأ ﻻ-;-قتناص الفرص السعيدة وتجنب الفرص الحزينة والحرص على مواعدنا مع التاريخ حتى لا نفرط فيها كما حدث سابقا ؟

إنها تساؤلات تفزعني حقا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من