الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثارات القديمة و التعايش . .

مهند البراك

2013 / 5 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


فيما تعيش منطقتنا تغييرات عاصفة، لتقرير ماهية دورها العالمي الجديد سواء في مجال الطاقة و النفط و الغاز، و في مجال الامن العالمي . . او كاسواق مربحة لتصريف بضائع الاقطاب الصناعية المعروفة و الاخرى الجديدة الصاعدة في المنطقة ـ كايران و تركيا ـ ، و التي تتكدّس و يهددها الكساد، بسبب معدلات الانتاج الهائلة او لاسباب اخرى ـ الحصار على ايران مثلا ـ . . بعد ان بدد الدكتاتور صدام ثروات العراق على مشاريعه العسكرية و حروبه المجنونة . .
فبعد ان كانت منطقتنا تشكّل اكبر الاسواق لتصريف البضائع العالية الربحية و في مقدمتها "السلاح" : انواع الاسلحة و المعدات و الآليات العسكرية التي يقلّ الطلب الاستهلاكي عليها في دول الغرب . . صارت المنطقة اضافة الى كونها اكبر اسواق سلاح، من اكبر الاسواق لتصريف السيارات و الاجهزة الكهربائية و الالكترونية و اجهزة الاتصالات الحديثة التي تتطلب زيادة المعرفة لأجل استخدامها ـ معرفة توفرها الاحتكارات ذات العلاقة ـ . .
اضافة الى تزايد تصريف الاطعمة المحفوظة و انواع الشاي و القهوة و السيكاير و الادوية و الاجهزة الطبية و الاسعافية و انواع الملابس العسكرية الميدانية الغالية الاثمان و غيرها التي يتزايد الطلب عليها بسبب تزايد الصراعات العنيفة و عدم الاستقرار فيها و تسيّد الخطاب الثأري، و بسبب جعل الدين الحنيف و بالتالي اعتماد الطائفية السياسية، اداة لتحقيق السطوة و الارباح .
و فيما تتغيّر الاهميات الستراتيجية لدول المنطقة بسبب الاكتشافات الجديدة لثروات بواطن اراضيها، او بسبب التغييرات الستراتيجية التي طرأت و تطرأ على موازين دول المنطقة و مكوّناتها و مواقعها . . التي جعلت التنافس حادا و عنيفاً عليها بضغوط و صراعات الاقطاب العالمية العملاقة و الاقطاب الاقليمية و القارّية الباحثة عن تحقيق ارباح فلكية بضوء تلك التغييرات .
تشتد اثارة الصراعات الطائفية و الدينية بشكل و كأنه مخطط من قوى عظمى و اقليمية ذات سطوة، تتشارك في عمليات تستهدف جعل تلك الصراعات ستاراً كثيفاً لسرقات لصوصية كبرى، و من اجل السيطرة و توجيه الازمات الناتجة عن الاستغلال و الاستبداد و القمع، سواء على صعيد دولي او اقليمي موظفة لذلك انقطاع المنطقة او ضعف مواكبتها لركب الحضارة العالمي طيلة ما يقارب نصف قرن . . بسبب اجراءات و قوانين الدكتاتوريات العسكرية و الحكومات الاوليغارشية (حكومات العوائل) التي حكمتها، و التي يستمر تأثيرها رغم تغييرات كبيرة جرت و تجري، في وضع اقليمي يرى فيه خبراء بكونه يشبه الى حد بعيد ظروف المنطقة في الحرب العالمية الاولى، قياساً بركب التطور المتسارع الجاري في عالم اليوم .
و بسبب تسيّد الجهل و التخلف في المنطقة و شيوع اليأس و اللابالية و الايمان بالاقدار، بعد ان اهتز ايمان اقسام كبرى حتى بالقادر القدير ( الذي لم يستطع ان يحمي مقام الامام الهادي في سامراء حيث غاب المهدي في السرداب . . من الارهاب) . . تحرّك تلك الإثارات ملايين الجماهير الامية و العاطلة و اخرى من المدمنة على المخدرات و غيرهم الكثير من المظلومين في حياتهم و العائشين على امل ظهور المخلّص، ليخلّص الارض من الظلم و من الحكّام الفاسدين . . الملايين التي يسهل توظيف عواطفها ـ لآلاف العذابات ـ لمن يمتلك محرّكيها بماله و سطوته من خارج الحدود(1) .
و فيما يرى محللون ان مايجري يشعل صراعات نائمة و اخرى تصوّر عديدون انها انتهت بسبب تقادم الزمان و مافعله التمدّن و التطورات الاجتماعية و الثقافية و السياسية، و بسبب ثراء المنطقة و ماتدرّه ثروات النفط و الغاز على بلدانها، ثم بسبب الاهتمام عالميا ببلدانها و باستقرارها، لأن الاستقرار فيها يلبّي تطمين الحاجات العالمية اليها . . فقد فات عليهم ان استقرار المنطقة بنظر بيوت المال العالمية قد لايزال يقوم على حاصل (محصّلة) صدامات دول المنطقة فيما بينها، و ادامة تلك الصدامات ـ في نطاق سيطرتها ـ بكل الوسائل و الحجج . . سواء بنبش مفردات ماضٍ قاسي او بالمقدّس الديني و الطائفي و صراعاته الدموية . . التي تتجاوزه الدول السائرة على طريق التقدم الحضاري و الرقيّ في العالم، بعد ان تجاوزته مكوّنات دول الغرب التي تحرّمه دساتيرها و تتحرك حكوماتها بالسرعة اللازمة لتطويقه و انهائه ان ظهر شرر بسيط منه .
يرى آخرون ان دول المنطقة عاشت و تعيش منذ تأسيسها ـ بضوء نتائج الحرب العالمية الاولى ـ عاشت كدول بمكوّنات متنوعة طيلة قرن تقريباً (2). لأن بناء الدولة و نشاطها آنذاك حقق رخاءً و امناً لأبنائها قياساً بما مضى، و حقق قضية وطنية سياسية و مصالح وحدّت الاطياف القومية و الدينية و المذهبية و الفكرية على اساس الهوية الوطنية . . هوية جمعت القوى و المكوّنات الداخلية و وحّدَتها من اجل خير الجميع فيها، فكونت قوة ملموسة لدولة وطنية رغم كلّ الفتن و الثارات القديمة . . كافحت من اجل تحقيق مكاسب في العمل و التعليم و التأهيل المهني لتأمين العيش بكرامة، و شجّعت الكينونة البشرية الطامحة الى الافضل، لأجل ابنائها جميعاً . . رغم انواع المصاعب و التجاوزات التي اوقفتها جماهير الشعب حينها بمكوناته و باحزابه السياسية و مؤسساته المدنية .
و هو الامر الذي يُطرح بقوة الآن من اجل تحقيق دولة عراقية اتحادية قوية تقوم على اساس برلمان منتخب فاعل . . دولة تلبيّ حاجات الشعب بمكوّناته و خاصة في الامن و الخبز و العمل لأوسع مكوناته الفقيرة، دولة تحارب الفساد و المفسدين و سارقي اموال الشعب . و تؤكّد العديد من الهيئات الدولية و وكالات الانباء، اضافة الى العديد من اصحاب الخبرات المتنوعة على الضرورة القصوى لتفاهم رجال الحكم و كتلهم المتنفذة فيما بينهم على اساس مايجمع و يوحّد، و ضرورة تفاهمهم مع تلك القوى العظمى، و التعامل التفضيلي و التفاهم مع اطراف نافذة منها لمواجهة اخرى فيما يخدم البلاد الغنية و آفاق مسيرتها و سيادتها، على اساس حساب المصالح و المنافع المتبادلة وفق الواقع القائم و آفاق الخروج منه .

23 /5 / 2013 ، مهند البراك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. لن تبقى هذه الملايين على حالها هذا الى الابد و خاصة في بلاد كالعراق، كما يشهد تأريخه القريب و ماحدث في انتفاضته في ربيع 1991 ضد الدكتاتورية و الحرب .
2. بعد ان عاشوا معاً على اراضيهم. . طيلة قرون حكم آل عثمان، رغم الفوارق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسن نصر الله يلتقي وفدا من حماس لبحث أوضاع غزة ومحادثات وقف


.. الإيرانيون يصوتون لحسم السباق الرئاسي بين جليلي وبزكشيان | #




.. وفد قيادي من حماس يستعرض خلال لقاء الأمين العام لحزب الله ال


.. مغاربة يجسدون مشاهد تمثيلية تحاكي معاناة الجوع في غزة




.. فوق السلطة 396 - سارة نتنياهو تقرأ الفنجان