الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحداثوية .. مظهر تجديد حقيقي أم مظهر إنحرافي خطير

ياسين الياسين

2013 / 5 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


بادي ذي بدء نقول أن كاتب الحروف هنا ليس بصدد الدفاع عن الأسلام ، فالأسلام أكبر من أن يدافع عنه ، وأعز من أن يتخرّصه المنحرفون ، والحداثة جمل من المعاني التي تعرّف بها ، ونعرّج على بعضاً منها لحصر الموضوع ، فنقول : أنّها الحكم على الأشياء بمنظور جديد ، ومنها مثلاً إعادة تفسير الأحداث بمايتلائم وبداية جديدة لها ، أو أن الحداثة تعني فيما تعنيه أحياناً الأنسلاخ بالأشياء من كل مايتعلق بها من ماضي ، ومحاولة إلباسها حلّة جديدة أوبالأحرى بداية جديدة لها .
أن الحداثويين ليس لهم باع في التغيير الحقيقي ، وإنّما هم يعبّرون بمزاجيّة منحرفة لاتنم عن وعي كامل وإدراك لمعاني محورية في مفاهيم فلسفية بقدر ماهم يتمحورون على واقع آخر من التمرّد غير الممنهج على كل شيء في المجتمع يمت إلى القديم بصلة أو هو يمتد بجذوره إلى شريعة السماء التي يمثلها برأي أولائك الحداثويين مجموعة من أصحاب العمائم وحسب ، وهنا تتداخل حسابات شخصية مع نظرة متدنية لأوئك المعممين من لدن الحداثويين ، وبالتالي يرى الحداثويون الأمور ويزنونها بميزان فوقي حتى لكأنهم يقفزون على كل الوقائع بغية الأيقاع والتسقيط لكل ماهو منطقياً عند أولائك الذين يحملون أفكاراً ماضوية برأيهم أو بغيرها ، والحداثويون ليس لديهم رؤية إصلاحية واضحة وإنتقاد لمؤسسات الدولة بنّاء وهادف بغية الأرتقاء بها وتطوّرها إلى مراقي عليا ، والأهتمام كل الأهتمام بالناتج الوطني والمردود الأقتصادي الذي هو ركيزة أي تطور وتقدم في أيّ من بلاد الله في الأرض ، فالأقتصاد المتين هو عصب الحياة وعرقها النابض ، ولذا فأن من الضروري اللجوء إلى معالجة الخلل والأرتباك في كل مؤسسات الدولة إبتداءاً من أبسط الخدمات إلى مشاريع الدولة الأخرى الكبيرة ، فتراهم عندها لايألون جهداً ولايكلّون من إلقاء اللوم واللائمة على كل مايمت إلى القديم بصلة ، ويكلون إليه كل أسباب التراجع والتخلّف بنظرة غير منصفة للأمور ، ودون محاكاة الواقع العملي لأنتقاداتهم ، ودون الأهتمام حتى بتشخيص أبسط حالات الضعف والوهن ، ومن ثم اللجوء إلى إعطاء الوصفة المناسبة حيث هم يرونها ويرتضونها ، ولكن حتى هذه هم ليسوا غير قادرين عليها وحسب بل هم يصرّون إلاّ على كيل الأتهامات ولاغير
.
أن مبعث الخطر ومكمن الخطورة الفعلية عند أولائك الحداثويين هو الأهداف الحقيقية التي تقف وراء نوايا شريرة عندهم تريد بالمجتمع هلاكاً لابد محدقاً بها لأنهم يقودونها إلى شتات يستحكم بها من خلال زعزعة إيمان الناس بمعتقداتهم ، وتكريس تعاطف البسطاء منهم وشحذهم بعد ذلك إلى سوح المواجهة التي يريدها أولائك الحداثويون من وراء الأستار ، وهم لايعلنون عمّا يخفون في جعبتهم للملأ ، ولذا تراهم يضربون على أوتار تدغدغ أحاسيس الناس ويستجلبون من خلالها تعاطفهم من قبيل إنتقاد مؤسسات مجتمعية مرجعية وعدم الرضا عنها ويلقون عليها باللائمة ويتسببونها بأنتشار الفقر المدقع في المجتمع وحالات المرض المستشري مثلا لاسمح الله والبطالة وغيرها ، ويذكون في النفوس أنهم أي رجال الدين مترفون متنعمون يلهون بوناستهم بعيداً عن المجتمع تاركين الناس بواد وهم بواد آخر ، وهذا الكلام يقض مضاجع الفقراء ويثير حفيظتهم ويذكرهم بآلام جراحهم ، ولكنهم لايستدركون ولشدة بساطتهم في ماهية العلاقة بين تينك المؤسسات وبين جوانب تقصيرية تخص الدولة والحكومات القائمة دوناً عن غيرها ، وهل أن الدولة غائبة لنحاسب المؤسسة الدينية مثلاً ، والتي وإن صح ذلك الغياب فمهمة المراجع النصح والتوجيه وليس غير ، وهم ببساطة شديدة ليسوا جهة تنفيذية ، ولم يكونوا حلقة من حلقات الحكومات الوطنية ، والوتر الثاني الذي يضربون لهم عليه هو في إيقاظ الوعي الجمعي عند الأمة وخاصة بسطائها وتنبيههم إلى ماوصلت إليه الأمم من تطوّر وتقدم كبيرين في مختلف المجالات بعد أن كانت تركع على بساط التخلّف المقرف ، وأنها وما أن نبذت الدين وأهله وإلتفتت تلك الشعوب إلى نفسها فقد حصل الذي حصل عندهم من تطور وهم اليوم في عليين .
وهنا يتبين لنا كيف أن أولائك الحداثويين لايلجأون إلى أساليب حضارية في تقييم الوضع المتخلّف مثلاً ، وإعطاء النصح والأرشاد والتوجيه ، ومن ثم الأسهام الفاعل في تحريك دفة الأمور وعجلتها بأتجاه خلق جيل جديد واع يتبنى النظم الحديثة التي تساهم في التغيير والتطوير ، فتراهم يلجأون إلى حث الجماهير على نبذ الدين ونبذ كل أشكال الأيمان بشرائع السماء بحجة أنها هي من أرجعتنا إلى الوراء ، والأجتراء على رموز الأمة وعظمائها والتقليل من شأنهم ، وأما مفهوم الحداثة فهو واضح وجلي للأنسان المتحضّر ، فهي تعني فيما تعنيه إستبدال القديم بالجديد الذي يسهم بأيجاب في دفع عجلة الركب إلى أمام ، ولاننكر أن تأثير أولائك الحداثويين على أبناء الأمة تأثيراً كبيراً حيث تنطوي على تطرّف خطير ويصرّون على قياد أبناء البلد إلى سوح جديدة تمرّنهم على إستعداء كل القيم المجتمعية الموروثة والمؤسسات المجتمعية العريقة ومهاجمتها ، ولن يتوانوا عنها في حال كثر أتباعهم ومريديهم ، وهي المرحلة الأخيرة من حلقات أفكارهم الحداثوية المريضة المستبطنة حقداً وغلاً على الموروث الفكري والحضاري للأمة بدلاً من إستنهاض الهمم وإحياء روح البحث والتقصي وركوب كل أسباب ناصية التقدم من خلال الأستفادة من العمق المعرفي والعلمي والموروث الحضاري بأعتباره واحداً من روافد الخير والعمق الأستراتيجي لنهضتنا الجديدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فراس ورند.. اختبار المعلومات عن علاقتهما، فمن يكسب؟ ????


.. 22 شهيدا في قصف حي سكني بمخيط مستشفى كمال عدوان بمخيم جباليا




.. كلية الآداب بجامعة كولومبيا تصوت على سحب الثقة من نعمت شفيق


.. قميص زوكربيرغ يدعو لتدمير قرطاج ويغضب التونسيين




.. -حنعمرها ولو بعد سنين-.. رسالة صمود من شاب فلسطيني بين ركام