الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين النهرين و قبل ميلاد العاصفة

عبد الله صديق

2013 / 5 / 24
الادب والفن



كنت أنتِ .. و كان الليل الذي نسي نفسه فظل بلا نهاية .. كان الضوء القرمزي و الستائر ..والسيجارتان ..والأيام التي ما زالت رائحتها بذاكرتنا ..

لباسك المسائي ظل شارداً، و عيناي كان فيهما فرح ..

و تمتد يداكِ، تلامسان الطاولة .. تغازلان الكؤوس .. يداكِ الثملتان ..

كان هناك صمت، كان خجلانا يطل من شباك عينيكِ الغاطستين في جفنيهما، والعمر الغائب التائه بين خطوط كان يكتبها مدادك وخيوطٕ-;---;-- من الدخان كانت تنفثها سجائري.

الآن ..

الآن اكتشف أنكِ تشبهين الصحراء ..ويشبهني البحر الذي تغرب فيك ..

الرحيل إلى وجهك كان مثقلا بالدروب، و الاشجار التي التفت حول قدميك ماتت واقفة ..

عند الجسر كانت الشمس تشرق مرتين، محملقة في ريح شاحبة كانت ترسم شيئا ما فوق الماء ، و توشوش لباسك الطويل بنبإ ما و ترحل ..

خطواتكِ فوق الجسر ظلت تحتفظ بنفس الوقع .. ظلت كما كانت دوما متعثرة، لا مبالية، والكرسي المقابل للضفة ظل يفكر في صمت ..

- الربيع عشناه، وانتهينا .. والرياح تعبث بأوراقنا، والمطر آخر ما ننتظر ..

- أعرف .. وأعرف أن الانكسار كان دوما غيبا يترصدنا، يعتقلنا داخل الشروخ، ويصدم أحداقنا الضوئية بالتماع أخير ..

- أنظر إليكَ من جديد، وأراكَ غارقاً في زبد مخيف، صمتكَ يفجره صمتي .. وغيابكَ يسجله غيابي .. وعيناكَ تنزفان بما أحبسه

في صدري .. الطريق طويل، والظلمة سائدة، و خلف الحدود ظلان لشخصين بلا هوية ..

- زمنٌ هذا زمن سقانا الصبر والملح والعرق .. و علمنا أن نكون أولاً .. وأن نكون ثانية، وفي الثالثة صيرنا أخشاباً مهملة، يدفع

بها المد نحو ساحل غارق في الطحالب، زمن دورنا و دوخنا .. و علمنا كم هو زمني هذا الإنسان حين يعيش اليوم قبل الغد و يفقد البارحة ..

- أنتَ صعب والحياة بسيطة.

- أنا لم أفعل شيئاً سوى أني نشدتُ الأوسع من الصحراء.. الأقسى من التيه، فكنت الهائم بين الرحلتين باحثا عن اليوم الثامن في الفصل الخامس.

- أابتلع صدماتي ؟؟ أآكلها، أم أنقشها على نهدَيَّ كي تبقي مشتعلة بذاكرتي ..؟؟

- لا .. لا تفعلي، لا تقفلي النوافذ في وجه الطيور اللاجئة .. وتذكري موعدك مع المطر .. تذكريني حين يتساقط الحب من عينيك كالمطر ..

- سأغمس رأسي في الصمت لأنسى حروف وجهي، وسأسلخ جلدي عن جلدي لألتحم بالناس ، وتفلتَ أنتَ من الجنون ..

- ... أحب لك الستر يا امرأة..

- من كان يا ترى وراء هذه الطاولة التي ظلت تجمعنا كل مساء .. و من أراد رفعها عنا الآن وقد فات الأوان.؟

- البحر .. هذا هو المكان، والمساء كان كوخا، وجهك يشدني إلى الحياة و يجعلني أعشق الموت ..

- قلْ لي كم يلزمكَ من عمر كي تنسى جرحي .. يا أيها الرجل الذي ظُلِم..؟

- ....................................

- كم يلزمكَ من وجه كي تنسى وجهي؟ لوكان القدر استشارني قبل أن يرغمك على كأسي ما سمحت له .. إن الإحساس بالذنب يلازمني .. والأسئلة تطاردني .. هل حقا ظلمتك؟

- ................................

- لماذا الصمت؟ القضاء الذي يقطفني منك ليس عادياً، إنه جنون مرفوق بالرقص والندب والاحتضار .. فأنا ما ظلمتك، ولكني ظلمت نفسي يا أيها الرجل الذي ظلم نفسه حين أحبني.

- كنتِ طفلة .. وجهك كان موحشا .. تتوشحين الدفلى لتبدئين صلاة عشق سومري، على النهر ألقيت ترانيمك الحزينة، و

توسدت خبزاً يابساً .. تحلقت حول المذبح أين قتلوني، بين النهرين و قبل ميلاد العاصفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاكرين القصيدة دى من فيلم عسكر في المعسكر؟ سليمان عيد حكال


.. حديث السوشال | 1.6 مليون شخص.. مادونا تحيي أضخم حفل في مسيرت




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص


.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص