الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجدل شمس - قرايا

مسعد خلد

2013 / 5 / 24
الادب والفن


قرية مجدل شمس هي إحدى قرى إقليم البلان. تقع على السفح الجنوبي لجبل حرمون، عدد سكانها حوالي 8.000 تقريبا، ترتفع حوالي 1200 م إبان الحكم العثماني كانت مجدل شمس مع سائر إقليم البلان تابعة لمحافظة جبل لبنان قضاء راشيا، وبعد الانتداب الفرنسي أصبحت تابعة لمحافظة دمشق سوريا. تسميتها تعود إلى العهد الفينيقي، وتعني "برج الشمس" حيث وجدت آثار لمعبد فينيقي لتقديس إله الشمس ومعصرة زيتون، ويعتقد بأن الملك حيرام ملك صور، هو من أمر ببناء معبد للشمس في هذا المكان بعد أن كان في رحلة صيد على جبل حرمون. وبعد العهد الفينيقي تحولت إلى خربة وبقيت مهجورة حتى أواخر القرن الثالث عشر الميلادي حيث وصل إليها عبر فلسطين ثلاثة إخوة من آل فرحات وهم من أصول مصرية، وبعد دخول المماليك بقيادة الظاهر بيبرس إلى مدينة صفد هاجرت بعض العائلات الأخرى، وأكبر هذه العائلات كانت عائلة صفدي وعائلة شحاذه، وفي منتصف القرن الثامن عشر وصلت إلى مجدل شمس عشائر أخرى قادمة من جبل لبنان، بعد خسارتها في معركة عين دارا والحرب الأهلية الدامية بين الشهابيين والمعنيين، وكان من أكبر تلك العشائر آل أبو صالح التي تعود أصولهم إلى حلب والقبائل الحمدانية، (وفي كتاب المؤرخ سعيد صغيّر عن عائلات بني معروف أن آل ابو صالح قدموا من منطقة الساحل في فلسطين من قرية أبو سنان واقربائهم هناك من آل اليوسف وبقي منهم جد سكن في بيت جن) والآن عائلة أبو صالح هي أكبر العائلات في مجدل شمس. اثناء الثورة السورية الكبرى ضد الاستعمار الفرنسي كانت مجدل شمس من أهم معاقل الثوار من الجولان وجبل لبنان بسبب موقعها الجبلي المحصن، وأحرقها الفرنسيون ثلاث مرات، سكان مجدل شمس يعتمدون في معيشتهم بالدرجة الأولى على زراعة الخضار والفواكه وخاصة التفاح والكرز. ومن بين ذكريات الطفولة خطرت ببالي صورة الندى وقد فاض باكرا في أحد أيام الصيف، وتذكرت ما قاله جدي: " يا ويل الإقرع من حر الندى" وأضاف: "فلا يغرَّنك فيض الندى باكرا، بل تهيّأ للحَم القادم في ساعات النهار! أما برد الصيف، فأحد من السيف!". وتوالت ذكريات الجميلة، منذ أيام صغري؛ عندما زرت لأول مرة هضبة الجولان، ونمت عند أقاربي، الذين تمّ التواصل معهم في اعقاب العام 1967، بعد انقطاع دام حوالي عشرين عاما. وما زلت أذكر ذلك اليوم، عندما وصلنا، بعد مسيرة سفر مضنية. وما علق في ذاكرتي، أكثر من منظر الثلج، الذي غطى جبل الشيخ، وأكثر من صوت خرير المياه المتدفقة بين البساتين الخضراء، هو تلك الليلة، التي نمت ساعاتها، فوق طراحة رقيقة، نومة هنيئة، في بيت أصيل التاريخ، عريق البناء!
طربت في تلك الليلة، على أصوات الوعظ والارشاد، وسماع الذكريات المعتـّقة. وإن أنسى، فلن أنسى إطلالة الجد "أبو محمد سعيد منصور أبو صالح" المتواضعة، ووصيته لنا، قبل أن ننام:" قبل ما تـْنامو يا جدي، لازم تقرأوا صلاوية"، ردّدها على مسامعنا، وقبل أن يغلق باب الغرفة علينا، قال:"تغطوا منيح يا بعدي! لإنو برد الصيف أحد من السيف". عرفت فيما بعد، أن المرحوم، سكن لعدة سنوات في دار جدي في حارة العزامية ، في الثلاثينيات، من القرن الفائت، برفقة زوجته ووحيده محمد، والذي كان حينها صغير السن، بينما عمل والده في تحضير فحم المشاحر، في منطقة سرطبة (منطقة في بيت جن)، واضطر للمبيت هناك، عدة ليالي، لكي يكون على يقظة من أمر المشحرة، خوف أن تجمّر، فيذهب تعبه أدراج الرياح!
ومما تناقلته بعض ألسن المعمرين، ومنهم "أبو حسين جبر الحلبي"، أن نمرا اقترب في احدى الليالي، من مكان تواجد الشيخ، لأن النمر يحب رائحة دخان المشاحر، وصار (يهمّر) بصوت مخيف، لكنه تفاجأ من عدم مبالاة أبي محمد سعيد، والذي بقي جالسا مكانه، وهو يتناول طعام العشاء؛ والأعجب من ذلك، أن الشيخ صار يخاطبه بصوته الخفيض، وكأنه يكلم صديقا قدم لزيارته؛ وخلال ذلك رمى له قطعة خبز، فما كان من النمر، سوى أن شمّها ثم أكلها، وانصرف صاغرا غير مغير. وفي اليوم التالي، عاد في نفس الموعد، فألقى له الشيخ أبو محمد سعيد، بقطعة خبز أكبر من السابقة، فما كان من النمر، سوى أن تقدّم قليلا، وأكل قطعة الخبز، ثم جلس وأغمض عينيه ونام. وفي الصباح استيقظ الشيخ، فلم يجد له أثرا. عندما حدّثني المرحوم "أبو حسين جبر" بالقصّة، سألته عن سر تلك العلاقة، التي جمعت بين الشيخ والنمر، فقال: "الخبز والملح، أقوى من قرابة الدم!"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس