الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخبوء النص وخبيء الناص العراق رائداً للنقد الثقافي

مثنى كاظم صادق

2013 / 5 / 24
الادب والفن


مخبوء النص وخبيء الناص
العراق رائداً للنقد الثقافي
مثنى كاظم صادق

ليس من باب جر النار إلى القرص أقول : تتجه طروحات كتاب ( النقد الثقافي ريادة وتنظير وتطبيق ـ العراق رائداً )(1) للشاعر الباحث حسين القاصد إلى رد البضاعة إلى أهلها ، ضمن إمكانيات استدلالية ، وظفها الباحث الذي استعان بمقبوسات نصية للغذامي ربطها برؤيته المعمقة للأنساق المضمرة ؛ فتحقق في كتابه ـ المهم ـ هذا الارتباط النصي لمرجعية المآل ؛ إذ حافظ على خطابه الصريح / الشجاع ، في كينونته الموضوعية في بنية لغوية قامت في أكثرها ، على نسق حجاجي هدفه إقناع المتلقي أو إذعانه أو التسليم به . من بين رهانات القاصد الكثيرة في هذا الكتاب ، هي الرد على الغذامي ، وإثبات ريادة النقد الثقافي إلى العراق ، تنظيراً وتطبيقاً ومن هنا تكمن أهمية الكتاب ؛ إذ شرع الباحث يفسل مقولات الغذامي في النقد الثقافي ، ويحللها ويقارنها مع مقولات عراقية سابقة ، تدخل في سياق النقد الثقافي ، فكان من أعمدتها البارزة علي الوردي ، وحسين مردان ، وعلي جواد الطاهر ومحمد حسين الأعرجي ( لقد كان للعراقيين الصولة الأولى في النقد الثقافي ، وهذا ما اعترف به الغذامي ، لكنه حاول التقليل من شأنه، فهو لم يتطرق لحسين مردان ومقالاته ، ولم يتطرق لكتابات الدكتور علي جواد الطاهر في هذا المجال ) ص 15 إننا نجد في هذا الكتاب آراءً نوعية ، تبرز ضمن بنية التحليل اللساني ، التي تدفع بنا ، إلى تأطير معرفي / ثقافي للمطروح في النسق المضمر ، وبالمقابل يقوم الباحث ، بعملية تفنيد لآراء الغذامي الشبيهة بالحق فاتحاً ـ القاصد ـ فتحاً مبيناً ؛ تمثل بتدمير النموذج المثال الذي ساقه الغذامي ، بدلاً من بقائه محنطاً مسلماً به ؛ إذ أثبت الباحث ، أن تضاريس النقد الثقافي لدى الغذامي جاء داخلاً في مكنونات لاوعيه وتأسيساً على هذا فـ ( قد لا نحتاج لأدلة كبيرة بأن هناك نسقين مضمرين في طرح الغذامي.. الأول: طائفي في تناوله لشعراء شيعة ، والثاني: جعله العراق ساحة تطبيقية لتنظيره، وهذا نابع من نسق مضمر ، هو التركيز على العراق ؛ لإخفاء السبق الذي حققه علي الوردي ، وعلي جواد الطاهر ، وحسين مردان ، ومحمد حسين الأعرجي في هذا المضمار) ص 18 ويبدو من خلال تحليل نصوص الغذامي ورؤيته وانتخاباته أنه مفكر جهوي ؛ فهو يطبق نقده الثقافي ، خارج حدود جغرافية بلده ، وأيدلوجيته العقدية/ السياسية لينقلها إلى العراق ، محاولاً اغتصاب الريادة له بهذا الخروج والترحيل ؛ فهو لا يقدم أدلة اشتغالاته من محيطه القبلي المتخم بالأنساق المضمرة ، وإنما يحاول ـ بحسب القاصد ـ أن ( يصدر معاناته في مجتمعه ، إلى رقعة جغرافية مجاورة ليجد عزاءً مناسباً لمجتمعه المغلق، ونلمس ذلك بوضوح ، في تـناوله لصدام حسين ، ليقع في وهم تنظيري خطير ، ومرتبك في آن واحد ) ص25 ويمضي القاصد قدماً في سوق أدلة اشتغالات الغذامي الطائفية / القومية مثبتاً أن أفكاره ، غير متجانسة البتة ، مع النسق المعرفي للفهم النصي . إن المسلة النقدية الثقافية ، التي شيدها القاصد هي مسلة متينة ، ولاسيما أنه أحال إلى مصادره التوثيقية ، بأمانة تامة فضلاً عن أخذه لمقولات الغذامي وتناقضاتها وتفنيدها ، على طريقة من فمك أدينك فضلاً عن التوثيق التاريخي ، لمقولات العلماء الأعلام من العراق ، الذين سبقوا الغذامي في نقده الثقافي ، وأنساقه المضمرة ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال ، في هذه السطور ، وضع كل طروحات القاصد هنا ، لكن كاتب السطور ، يزعم أن ما يطرحه المؤلف هنا ، يقع ضمن دائرة الصحيح المسلم به ، بمسوغات يقينية جعلها تدافع عن صدقها بنفسها ؛ ذلك لأن الغذامي في كتابه يتعمد تطبيق نقده الثقافي على العراق إذ ( إن نسق التصدير الذي مارسه الغذامي ، هو حيلة ثقافية ؛ لأنه غض حواسه جميعها عن جمال عبد الناصر، وحروبه، ودكتاتوريته، ولعل ذلك كان مغازلة للإعلام المصري ، الذي له سطوته في تلميع الأسماء وتسقيطها أيضـًا ) ص27 وتبرز حيلة الغذامي هذه ، باستعماله اللغة الشمولية المسلم بها المفروغ منها ؛ لكي يمارس سلطته التصديرية وثقة المتلقي بما يقول ، إذ يكاد يقنع المتلقي بها ؛ لذا جاءت محاورات القاصد له مشتملة بالضرورة ، على تقنية الشاهد والمثل ، أو ما يمكن أن نطلق عليه الإسناد المثالي الذي لا يقبل الشك بحشد الدعم اللغوي ، واحتكامه إلى الأنساق المضمرة ، بغية الوصول الى تساوي العقلي مع اللغوي مع الاجتماعي رداً على الآفة المعرفية ، التي يمارسها الغذامي ولاسيما عند مناقشة موضوعة الشعوبية ؛ ورد القاصد عليه مستغرباً متسائلاً ، لماذا لم يجرؤ أحد ويقول : ( إن هارون الرشيد شعوبي كونه قرب الفرس من سلطانه؛ فالمتهم الوحيد بالشعوبية ، هو الأديب - الشاعر على الأشهر - فبشار بن برد شعوبي جدًا على الرغم من مقتله ؛ بسبب دفاعه عن أول دولة قومية وهي الدولة الأموية !! ) ص 39 بعد ذلك ، يتجه الكتاب الى إثبات مرجعية النقد الثقافي العراقي ، تنظيراً وتطبيقاً ، بالشواهد والأمثلة ،ومحاورتها محاورة مسهبة . إن هذا الكتاب يكشف حيل الثقافة الممررة في الأنساق الثقافية الجماهيرية المغروس فيها مخبوء النص وخبيء الناص.
(1) النقد الثقافي ريادة وتنظير وتطبيق ـ العراق رائداً ، حسين القاصد / دار تجليات القاهرة 2013م.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??