الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نوع من الحديث قصة: روبرت فالزر

خليل كلفت

2013 / 5 / 24
الادب والفن


نوع من الحديث
قصة: روبرت فالزر
Robert Walser
ترجمة: خليل كلفت (عن الإنجليزية)
كيف واصل، هذا النائب، فى ضواحى العاصمة تصرُّفاته غير المسئولة مُكتسيا تماما بالخضرة، ثم يُلْقِى بعد ذلك نظرات عجلى بالغة القلق، كنوع من العزاء. ولا شك فى أنه كان يمكن أن يكون أبًا رائعًا. ونحن آخر مَنْ يشكّ فى نواياه النبيلة والرقيقة الرخيمة إلى حد ما.
وفى أيام شبابه كان يومئ بصبر ينمّ عن عدم الاكتراث إلى الشعراء عندما كان يتمّ تقديمهم إليه فى مقصورته فى الأوپرا.
أما زوجته فكان خطؤها الأول هو أنها تبعتْه بحماس على دروب آثامه، طالبةً منه بذلك، بشكل غير مباشر، أن يصدِّق أنها أحبَّتْه حُبًّا جَمًّا.
وكان خطؤها الثانى هو أنها مرتبطة أكثر مما ينبغى بأخيها، الذى لم يكن بمستطاعه مطلقا أن يرضى، فى تسلُّقه المنفرد للجبال، حالما تهبّ حوله أولى أنفاس الصباح، بمجرد الارتفاعات المتوسطة.
وعلى هذا النحو كانت أختا أكثر منها زوجة وكانت إلى حد بعيد أنانية أكثر منها قائمة بواجباتها الممتعة للغاية فى واقع الأمر. وكانت، فى المقام الأول، سيّدة حسناء ولم تتغلَّب مطلقا طوال حياتها على تلك الفكرة.
والآن إلى الأبناء، الذين كانوا يحملون عُلَب المجوهرات عبْر الغابات لَيْلًا، وكأن ذلك كان شيئا جوهريا لهم ولعالمهم.
أحدهم كان لا يحلم إلا بأن يختفى تماما من المشهد. ولا بد أنه قرأ كثيرا قصصا مثيرة. أما كشخص فلم يكن هناك ما نقوله عنه أكثر من ذلك. ولهذا سنصرف النظر عنه.
وأقام الثانى، مثل ناسك، فى ڤ-;---;--يلا جعله اللبلاب الملتفّ به محجوبا عن الأنظار.
طالت لحية ساكن هذا المنزل الريفى، كل ساعة، حتى امتدت إلى خارج النافذة، حيث رأى مهمته فى الحياة قد تم إنجازها – وهو الاعتقاد الذى نسمح له به بكل سرور.
ووجد الثالث حكمةً فى أن يصير مُهمِلا بصورة لا تُصدَّق بسبب مغنية سوپرانو، وذلك بالطبع من وراء ظهر أمه ذى التكوين البالغ الروعة، أمه التى كانت لها طريقة خاصة لقول: "أولادى يُثيرون سخطى".
جعلوها تُعانى، وجعلتْهم يُعانون، وعانَى الأب من زوجته، وعانَى الخلَف من السلَف.
هذه الأسرة، التى كانت تنظر إليها أُسَرٌ كثيرة نظرة الإكبار بدون نفور، أبدتْ قصورا يتَّسِم بالتباهى.
لا قَلَمَ يمكن أن يصف التنهُّدات التى تنهَّدوها معًا.
وارتُكِبتْ حماقة إثر حماقة.
فما فائدة أروع مشهد؟
ولم يعرف الأب سلاما إلى أن استطاع أن يقول: "شيء لعين بعد آخر!"
وكان كل أفراد الأسرة يتوقون إلى أن يُناح عليهم بصورة متواصلة؛ وقد وجدتْ البنات لغتهم مُعَلِّمًا ساحرا.
فى ذات الوقت، كان هناك كتاب ظهرت منه طبعات عديدة كثيرة جدا، وكان الكتاب يتميز بمأثرة كونه مكتوبا بطريقة بارعة. وكان الكتاب ينطوى على لحن.
وكانت الأسرة التى نتحدث عنها الآن تنطوى أيضا على لحن.
كانت بداخلها جزيرة من جُزُر البحر الأبيض المتوسط، حيث تمرّ أفضل فُرَص إدراك الحقائق.
وإلى يومنا هذا ما تزال تلك الجزيرة موجودة هناك، شاهدةً على نفور المرء من أن يغسل نفسه روحيًّا، بالأسلوب الصحيح.
لكنهم جميعا كانوا يلبسون ملابس مناسبة وكانوا باحثين عن عدم الرضى.
وبالتالى كان بوسعها هى التى حملت المسئولية أن تخطو إلى الأمام وتقول لابنها: "إننى آمرك بأن تُعانى".
أما هو فقد ضحك هازئا بها.
وهى تقول: "اختفِ من أمامى!" – غير أنها ترغب فى قرارة نفسها فى ألَّا يطيعها، وهى تدخل بكل جدٍّ فى صراع مع رباطة جأشها.
وهى تشعر بأنها مذنبة وبريئة.
وهى تلوم الزمن.
"أخبرْنى بكل شيء! دافعْ عن نفسك!"
ويُجيب بهدوء: "كل هذا التوق إلى التخلُّص من الأغلال، إلى احتقار ما يفرضه عليكِ العالم المحيط بكِ، أليس هذا ما تقومين الآن بإدخاله فى رَوْعى؟ وما تمنعيننى من عمله لا بد أنكِ تُنكرينه أنتِ نفسكِ أيضا"، ويضيف بهدوء: "امرأة مُطْلَقة العنان!"
ثم كان لها مشهد مع زوجها.
صفعتْ كلماتها وجْهَهُ.
وكان يعتقد أنه أمر مهيب للغاية أن يُصغى إليها بكل احترام.
غير أن رقته كانت فى رأيها استشهادا.
وربما أمكن أن يقول أحد إن اللباقة هى النقطة التى يمتدّ منها الضعف بصورة مُطَّرِدة إلى عالم الرجال.
أما الدفاع حتى آخر رمق فيبدو أنه ليس حصيفا. وإذا كان هناك شخص حصيف، إذا كان ميّالا إلى التصالح واللِّين والإذعان، فإن القيود لا يتمّ تمزيقها، بطبيعة الحال، بل تظلّ متدلية منه، أشبه ما تكون بخيوط، أعنى بقدر ما يتعلق الأمر بالنظام، والنساء لم يكسبن شيئا، إنْ تُرِكْنَ يكسبن، رغم أنهن يقُلْنَ لأنفسهن شيئا آخر.
ولهذا كان يراوغها دائما، بكل كياسة.
وكان من شأن ردٍّ متهور أن يجرح شعورها.
وقد قاما، بفضل هربهما، كلٌّ من الآخر، بتسميم الجو.
فى أىّ نوع من الناس أفكِّر، وأنا أقول هذا؟
فى نفسى، فيك، فى كل أشكال سيطرتنا التافهة المسرحية، فى الحريات التى هى لا شيء، فى اللّاحريات التى لا تؤخذ بجدّية، فى هؤلاء المدمِّرين الذين لا يفوِّتون أبدا فرصةً لإطلاق نكتة، فى الأشخاص الذين هم مُحْبَطُون؟
حسنا، يمكننى أن أطوف من شخص إلى آخر، تاركا كل شخص يقول شيئا جديدا، جديدا لكنْ قديما أيضا.
ذلك أنهم كانوا يكرِّرون أنفسهم دائما. وكانت لكلٍّ منهم فكرة ثابتة idée fixe من نوع خاص.
ثم إنه فى المسارح، كانت تُعْرَض مسرحيات أرهقت أرواح المشاهدين، وجعلتهم ثائرين، وشكِسين، ومنكمشين خوفا، وتوَّاقين إلى الحرب.
فهل يتحدث المرء بكل صراحة أم يصمت؟
1925








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادل إمام: أحب التمثيل جدا وعمرى ما اشتغلت بدراستى فى الهندس


.. حلقة TheStage عن -مختار المخاتير- الممثل ايلي صنيفر الجمعة 8




.. الزعيم عادل إمام: لا يجب أن ينفصل الممثل عن مشاكل المجتمع و


.. الوحيد اللى مثل مع أم كلثوم وليلى مراد وأسمهان.. مفاجآت في ح




.. لقاء مع الناقد السينمائي الكويتي عبد الستار ناجي حول الدورة