الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غناء في مأتم

علي شبيب ورد

2005 / 4 / 25
الادب والفن


لعل( المأتميّة ) في بلادنا ( بلاد ما بين النارين ) نار القومية ونار الطائفية الآتيتين من وراء الحدود ، ستصبح مثل ( خط الثورة ) ذلك الشعار المرعب والكوارثي الذي رفعه البعثيون في بداية تسلمهم السلطة لتركيع الشعب وذبح الفرحة والفكرة لدى الآخرين ، اعتمادا على المبدأ القمعي ( الذي ليس معنا ضدّنا ) . والمأتميّة هي جملة المظاهر والممارسات والطقوس المتطرفة التي تحرق الزرع والضرع . والتي راح يتباهى في التصيّد بها ( المتزلفون المنتفعون ) على اختلاف أقنعتهم وأمكنتهم في
( ماراثون العدو النّفعي ) الذي يفوز فيه دائما الحفاة وذوو الحوافر . ما الذي يحدث في بلادنا غير الخراب والعتمة ؟ انه إخطبوط لا مرئي لخلط الأوراق في العتمة لتمرير دكتاتورية الأقوى . الذي استمدها من غلبة ( الرأي الخام ) . المأتمية أصبحت موضة للتزلف فأغلب الأحزاب وبالذات المصابة بلعنة ( الأغلبية ) تجمّع حولها كل المتزلّفين من مبدّلي الأقنعة . وهؤلاء سيصبحون قادة المستقبل لهذه الأحزاب الجماهيرية والظلامية حتما . بفعل متاريس القمع النازحة من الشارع إلى الدولة . تصوّروا إن أغلب المسئولين الجدد ( كسابقيهم ) عندما يبدأون خطبهم التعبى لديهم ( ديباجات مأتمية ) تبدأ من ( بسم الله ) لتنتهي إلى ( بسم الدولار نحارب الاستعمار ) فيفرش ليصنف بالمعيّة وينفش ويبطش وبعدها يكرّش ، وعلى العراق وكفاءاته السلام . وستضيع الدولة على أساس المحاصصة الحزبية ( الطائفية والقبلية والتزلفية مرجعيا ) وهذا ما تريده ( الأغلبية ذات الحس المأتمي ) المخدوعة بالمشاعر القومية قبل التغيير والمشاعر الطائفية بعد التغيير .
بعد هذه البانوراما المأتمية لعراق ( ما بين النارين ) أتساءل متى ينتهي التحزب الأعمى للرأي ؟!! متى نتخلص من دكتاتورية الأغلبية ( المزعومة ) ؟ ما هذا الهجوم البربري ( للحس المأتمي ) على دوائر الدولة ؟ ومن هؤلاء الذين يأتون من الشارع ليفرضوا رؤاهم المأتمية على المؤسسات ؟ أما من رادع للظلاميين وأبناء الليل ؟ متى تستقل الدولة عن مرامي دكتاتورية الأقوى ؟ متى يذهب الطفل إلى المدرسة ولا يرى فيها مظاهر المأتم ؟ متى يذهب الموظف إلى دائرته ليجد مديرا لا (روزخونا ) تابعا للطنطل ؟ ومن هذا ( الطنطل ) الذي يخيف ( المسئولين الجدد ) من أداء مهامهم الطبيعية في إدارة وتصريف شؤون الدائرة ليتحول واحدهم إلى ( حديدة عن الطنطل ) لا يكش ولا ينش ؟ متى يفرغ الشارع من أتباع الطنطل الذين أبدلوا الزي الزيتوني بالأسود ؟ !! لا أعني بقولي هذا أحدا بعينه . أو جماعة بعينها . بل التمادي والإفراط في محاولة سن ممنوعات ومحددات بحجة القيم والتقاليد . والتي تصور للبعض وكأنّهم أوصياء على الناس دون وجه حق أو واعز من ضمير .
نحن جميعا بتنا نعيش متهيّبين من وهم لا مرئي يفرض وجوده علينا دون إن ندري .
ولا ندري من أين تأتي إلينا سلة الممنوعات هذه ؟ هي ولا شك يصنعها المتزلّفون لدكتاتورية الطنطل الحزين . والمستمدة وجودها من مشاعر الحزن السائدة بين الناس . بسبب موجهات الأسى للذاكرة الجمعية الرافضة دوما لآليات أداء الدولة على كل المستويات . إن دكتاتورية الشارع ( ذي المشاعر الدادائية ) نحو مؤسسات الدولة
وآليات أدائها صوب التحضّر . ستؤدي ولا شك إلى إعادتنا إلى مواضينا القروسطية وحضارتها القائمة على الخيمة والسيف والجمل . لو لم يوقف ( المأتميون ) عند حدهم خارج مدى التأثير على عجلة التطور المعرفي للدولة . بمعنى أن تستقل الدولة عن تأثيرات ( بني مأتم ) الانفعالية والسوداوية الرّعناء . ما ذنب أطفالنا لنفرض عليهم مشاركتنا في مأتميّتنا الزائغة ؟ ما الجدوى من عدم تشجيع الأدب والفن على ممارسة نشاطاته الإنسانية ؟ لماذا تحول حمل الآلة الموسيقية في مدينة القيثارة السومرية إلى جريمة مخلة بالشرف ؟!!! لماذا لا نبعد خنادقنا السود عن آفاق الدولة البيض ؟ كفى زيفا وإمعانا مفتعلا في المأتمية . كلنا أخوة ونعرف بعضنا جيّدا . وهذه هي الحياة حزن وفرح ذبول وتفتّح موت وولادة . دعوها تسير على سجيّتها وقانونها الأزلي والإلهي الذي لا يرد . لا فضل لأحد على أحد كيما يكون قيّما وموجها وقحا ومتماديا في فرض رأيه عليه . من أنت كي تقمع خليفة الله على الأرض ؟!!
متى نعمل وننشد للعراق قبل كل شيء ؟ متى نخرج من قمقم القمع للحريّات ؟
من المسؤول عن تعطيل الثّقافة في بلد الحضارات غير التطرّف والتزلّف موضتي العصر المفتعلتين و النفعيّتين ؟ لماذا يعاني الموسيقيون من دوامة ( التحجيم ) ؟ ما الضرر في إن نسمع أنشودة عن العراق ( لا تسب العنب الأسود ) مثل أنشودة العراق أوّلا
كلمات الشاعر خالد صبر وألحان علي عبد عيد ، الرائعة والوطنية في معانيها وتوقيتها الذي كسر جدار القمع الذي يفرضه المأتميّون أبناء الليل وأتباع الطنطل المرعب ؟!!
والتي عرضها علينا المخرج في تلفزيون الناصرية الصديق على عبد النبي مشكورا .
ترى أيسمع قولي هذا ؟ أم تراني لا أسمع ؟ لأنّ ذوي النّفوذ لاهون في تركيز مواطيء
أقدامهم على رقابنا بفضل الأكثرية ( الطا قرويّة ) والحمد لله . أو باعتبار أننا لسنا في العراق الذي أنهكنا الانتماء إليه . نتيجة بلاوي الساسة المتقاولين للإطاحة به إلى أبد الآبدين . بل في بلد حوّلته الدكتاتوريات إلى مذبح للفرح ومدفن للرؤى والجمال .
ومن يبدع ويميل إلى الموسيقى تلك اللغة الكونية الأكثر إيصالا ورقيا بين البشر ، من ذوي المفاسد وهو مواطن من الدرجة الثانية في سلم (النفاق الاجتماعي المعاصر )
أخلص للقول ما هذه المظاهر المأتمية المزيّفة التي أحالت أقصى التجمّعات والحفلات الاجتماعية فرحا وبهجة .. إلى مآتم ؟
هل نحن في العراق أم في مأتم مقام على الدوام ؟
وهذا ما يحيل قولي إلى ما يشبه الغناء في مأتم ؟!!!!!!!!!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم


.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24




.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو